الشيخ على جمعة لا يعترف بالشيخ القرضاوى ويهوى مخالفته، لكن ما رأيه فى فتوى أحد أئمة الأزهر الكبار وهو الإمام الراحل جاد الحق رحمه الله حيث قال: "إن من يذهب إلى القدس قبل تحريرها آثم" وقال: "إن الأوْلى بالمسلمين أن ينأوا عن التوجه إلى القدس حتى تتطهر من دنس المغتصبين اليهود"، وقال فضيلته: "إن على كل مسلم أن يعمل بكل جهده من أجل تحرير القدس ومسجدها الأسير". ولفضيلة الشيخ جاد الحق رحمه الله، موقف آخر مشهود فى سياق رفضه للتطبيع مع العدو الصهيونى عندما رفض استقبال الرئيس الإسرائيلى عزرا وايزمان فى القاهرة بعد اتفاقية أوسلو عام 1993م، مما سبب حرجاً بالغًا للحكومة المصرية وللرئيس الصهيونى وكيانه الغاصب. نحن نتعجب أشد العجب حيث كانت هذه مواقف العلماء الكبار فى رفض التطبيع رغم ضغوط مبارك ونظامه، فما دافع المفتى اليوم وقد تحررت مصر من مبارك صديق اليهود وتحرر العلماء ومؤسسات الدولة من القيود والضغوط التى كانت تدفع باتجاه توطيد الصداقة مع أعدائنا؟ مفتى مصر لم تصله الثورة بعد ويظن أن منصب شيخ الأزهر لا يزال بيد مبارك، فهو يسير على خطى الشيخ سيد طنطاوى الذى ما رفعه من منصب الإفتاء إلى مشيخة الأزهر سوى علاقته الطيبة مع الحاخامات، وليس الحاخامات فقط، بل مع شيمون بيريز شخصياً عندما صافحه بكلتا يديه بحميمية وود شديدين فى مؤتمر حوار الأديان بكازاخستان مبرراً ما فعله بأن بيننا وبين اليهود سلامًا، أو أن الانسحاب من المؤتمر لن يقدم ولن يؤخر ولن يرجع لنا "فلسطين". إنها نفس الحجج الواهية التى يطلقها المفتى اليوم حيث يردد نفس النغمة القديمة التى كنا نسمعها من طنطاوى بأن مقاطعتنا لليهود وعدم زيارتنا للقدس لن تغير من الأمر شيئًا ولن تعيد الأرض المحتلة لأصحابها، ولكن أين دور العالم فى تحفيز الهمم وبعث روح النضال والجهاد والمقاومة لإعادة الحقوق وتحرير المقدسات وإغاثة المستضعفين؟ وبعد الزيارة المشئومة منعت سلطات الاحتلال الشيخ عكرمة صبرى من الخطابة بالمسجد الأقصى، وأكد الإسرائيليون أن مفتى مصر كان تحت حماية جيش الاحتلال وأن زيارة أى أحد للقدس لا تتم إلا بتأشيرة وختم إسرائيلى، وهذا الكلام يناقض تماماً ما أعلنه المفتى بأن الزيارة كانت تحت إشراف كامل للسلطات الأردنية وأنه لم يحصل على تأشيرة إسرائيلية. لابد هنا من محاسبة ومساءلة فورية للشيخ على جمعة فهو الآن تحت طائلة فتوى شيخ الأزهر الراحل الشيخ جاد الحق، فضلاً عن تناقض روايته مع رواية سلطات الاحتلال التى أميل لتصديقها.