1- لا تستثمر في الأشياء السهلة حينما تسير في شوارع إحدى الأحياء الشعبية أو حتى المناطق الراقية، فحتمًا ستلاحظ كمية مهولة من دكاكين البقالة أو الميني والسوبر ماركت. شيء سهل لا يتطلب سوى رأس مال، ربما صغير، في المناطق الشعبية، والاتفاق مع سيارات تنزيل بضائع البقالة، ثم يصبح لديك متجر للبقالة، لترتفع أعدادها في الأسواق، ومن ثم تتفتت كتلة المستهلكين، ثم يخسر الجميع أو على الأقل تنخفض الأرباح، وتصبح المنافسة عسيرة. احذر من فخ «لا يوجد هذا النشاط هنا»، فمن الممكن أن تنظر إلى أيه منطقة، لتبدو لك أن بها فرصة من تلك الفرص السهلة، لأنه لا يوجد بها هذا النشاط، ومن ثم تقوم بتنفيذه، ليأتي آخر خلفك، ويقول إن هذه المنطقة لا يوجد بها سوى واحد، ويقوم بتنفيذها أيضًا، ثم يأتي ثالث، ويقول أنه لا يوجد بها سوى اثنين، ليقوم بتنفيذها أيضًا، وهكذا إلى أن تجد نشاطك قد حوصر بالعديد من أمثاله. مثال آخر؛ محلات وأكشاك بيع الفاكهة. تجارة سهلة بسيطة، كل ما يلزمك رأس مال ليس بالضخم، وشراء الفاكهة من محلات وأسواق الجملة، وافتراشها، الكثير يفكرون بهذه الطريقة، حتى أصبح بائعو الفاكهة لا حصر لهم. لذا حاول الابتعاد عن الأنشطة والمشاريع البسيطة السهلة، التي يدخل الناس فيها أفواجًا بغض النظر عن درجة تعليمهم أو إتقانهم. فالربح الأكبر فيها يكون من نصيب التكتلات الضخمة دومًا، وإلا فالخسارة أو المكسب الضعيف الذي لا يرقى للمستوى المطلوب سيكونان هما المصير. وإذا كنت مُصرًا على الولوج لمثل هذه المشروعات، فحاول قدر الإمكان أن تقلل خسائرك إذا لم تفلح، وذلك بتقليل تكاليف المشروع قدر الإمكان. سنروي لك قصة توضح ما نقصده، وهي قصة واقعية وحدثت في وقت ليس ببعيد. في شارع النزهة بمصر الجديدة، وتحديدًا بالقرب من ميدان سانت فاتيما. استأجر أحدهم محلًا بتسعة آلاف جنيه، وهو رقم مناسب لمتوسط الإيجارات في تلك المنطقة، ثم افترشه بما لذ وطاب من أنواع الفاكهة وجلس، بينما كان يبعد عن محله بحوالي 50 مترًا تقريبًا شخص آخر بنفس أنواع البضاعة، ولكنه يفترشها على رصيف أحد الشوارع التي تصب في الميدان. الأول تكاليف تشغيل مشروعه كبيرة، بينما الآخر تكاد تكاليفه أن تكون معدومة، إلا مبالغ بسيطة من آن لآخر، يدفعها نظير استمراره بهذا الشكل، فكان من الطبيعي ألا يستمر الأول سوى ثلاثة أشهر فقط، خسر فيهم ما خسر. 2- الذهب والدولار والعقار أي وعاء فيهم هو الأنسب؟ يختلف الأمر من شخص لآخر، وفقًا لأهدافه، واستراتيجياته، ومقدار ما يملك، وما إذا كان ينوي استثمار المال في مشروع معين، وهل يخطط لذلك قريبًا جدًا، أم على المستوى البعيد. إذا كان الهدف هو حفظ المدخرات لفترة طويلة تتجاوز العامين مثلًا، دون الدخول في مخاطرة كبرى، فالذهب هو الأنسب للمرحلة القادمة، وعند مفاضلة الذهب بالدولار، فالذهب يأخذ بالمرتبة الأولى، فمن المتوقع تراجع قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية الفترة القادمة، بسبب النهج الذي يتبعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بفرض الحمائية على الاقتصاد الأمريكي، والدخول في مناوشات تجارية مع القوى الاقتصادية العالمية، مثل الصين والاتحاد الأوروبي، وكندا والمكسيك؛ هذا النهج سيخلق حالة من القلق والتوتر في الأوساط العالمية، ومن ثم يبدأ المستثمرون الدوليون في النزوح للمناطق الآمنة، وعلى رأسها يأتي الذهب، وبالتالي يزيد عرض الدولار، ويقل الطلب عليه، فتنخفض قيمته، ويرتفع سعر الذهب، بسبب كثرة الطلب عليه. كما أن الاتفاقيات الثنائية بين العديد من الدول، للتخلي عن الدولار، وإجراء المعاملات التجارية بينهم بالعملات المحلية، يؤثر أيضًا على عرض الدولار. أما في مصر، وإن كان التأثير سيكون محدودًا لأن العبرة في استدامة تدفق العملة الصعبة، ويبدو أن هذه الاستدامة غير متاحة في الأجل القصير؛ إلا أنه بعد تعويم الجنية المصري، أصبح للتأثيرات العالمية صدى أكبر داخل السوق المصري بخلاف السابق، ونعني هنا أسعار الذهب، ومن ثم فمن المتوقع ارتفاع أسعار الذهب في مصر، بمجرد ارتفاعه في الخارج أما وقد استقررنا على الذهب، فهناك فخ يقع فيه الكثيرون، وربما يتسبب في خسارتهم، وهو مصنعية الذهب، فكلما كانت المصنعية أقل، كان الربح أكبر، وبطبيعة الحال تستهلك المشغولات الذهبية مصنعية أكبر من أي أشكال أخرى للذهب. من أجل ذلك، يفضل الابتعاد عن المشغولات، واقتناء السبائك أو الجنيهات الذهبية، لأن المصنعية في السبائك أقل كثيرًا عن المشغولات، وحينما تعاود بيع الذهب، تُخصم المصنعية في المشغولات فيفقد الذهب الكثير من قيمته حتى بعد احتساب الزيادة في الأسعار، بينما لا تُخصم في السبائك. وبتقصي «ساسة بوست» عن قيم المصنعية في جميع الأشكال، من واقع أحد محلات الصاغة في منطقة الصاغة بالقاهرة، تبين أن متوسط مصنعية المشغولات الذهبية حوالي 40 جنيهًا للجرام الواحد، أما السبائك فلا تتجاوز خمسة جنيهات على الجرام الواحد. العلاقة بين الذهب والدولار جد مختلفة في مصر، فأغلب التوجهات تصب في صالح صعود الاثنين معًا، أو هبوطهما معًا. وهو على عكس العلاقة في السوق العالمي، وذلك بسبب تداخل وسيط ثالث بينهما وهو الجنيه المصري. لكن الملاحظ أن معدل الهبوط في الذهب يكون أبطأ منه في الدولار أمام الجنيه، كما أن القاعدة التي ذكرناها مسبقًا بخصوص العلاقة بين الجنيه المصري والدولار، المختلفة عن حركة الدولار أمام العملات الرئيسية؛ مرتبطة بشكل أكبر باستدامة تدفق العملة الصعبة ليحدث التوازن أو على الأقل حتى لا تتدهور قيمة الجنيه بشكل أكبر. وبالتالي يُفضل لمن يمتلك الدولار، وينوي الاحتفاظ به لفترات تتجاوز العام أو العامين مثلًا، أن يقوم بتحويله إلى ذهب، حتى ينأى بنفسه عن الاضطرابات القادمة في سوق العملات الدولية وعلى رأسها الدولار. أما بخصوص العقار في مصر، فمن كانت لديه نية شراء شقة على سبيل المثال في المدن والمناطق الجديدة، والتي ربما لا تقل عن 300 ألف جنيه، فمن الأفضل أن يقوم بتحويل الفكرة إلى استثمار، فيمكث قليلًا في مسكنه القديم حتى يقوم بمضاعفة المبلغ سواء من عمله أو بدخول شريك، ويقوم بشراء قطعة أرض في أحد الأحياء الشعبية سواء بالقاهرة أو غيرها، ليقيم عليها برجًا سكنيًّا، ويبيع وحداته. سرعة بيع الوحدات تتناسب طرديًا مع اقتراب المبني من العمران أو الزحام والعكس، ووفقًا للدراسات المبدئية التي تمت على المنشآت العقارية في مثل تلك الظروف، فإن الأرباح المتوقعة تكون 30% من قيمة رأس المال في المتوسط، ولكن الأمر يحتاج لمزيد من البحث والتروي قبل الشراء، ومعرفة ما إذا كانت قطعة الأرض مناسبة من عدمه أو وحداتها ستأخذ عدة أشهر أو أعوام حتى تُباع، وما إذا كان سعرها مناسبًا أو مغالى فيه، ومن الممكن أن تنتقل إلى وحدة من وحدات المبنى، وستجد أنها لم تكلفك شيئًا تقريبًا، مع احتفاظك برأس مالك مضافًا إليه الأرباح، وفي جميع الأحوال، لا بد من الانتباه للفقاعة العقارية المحتملة في مصر. 3- الاستثمار الناجح يكمن في التفاصيل تتناسب درجة معرفتك بأدق تفاصيل مشروعك، تناسبًا طرديًا مع درجة نجاح ذلك الاستثمار، فكلما كنت على دراية مُفصلة بكافة التفاصيل، ساعد ذلك على نجاح وازدهار الاستثمار، فإذا انتهيت من دراستك لمشروع مطعم مأكولات بحرية، وقررت الشروع فيه؛ فليس من المنطقي مثلًا ألا تكون على دراية بلون وشكل زي النادل في صالة الطعام، وما إذا كان يناسب المكان، وطريقته وكلماته عند استقبال وعند مغادرة الزبائن، وتوقيت تدخله أثناء تناول الأشخاص للطعام، وما الحلول المعُدة سلفًا عند ارتكاب خطأ ما، وغيرها عشرات التفاصيل الدقيقة الأخرى في صالة الطعام والمطبخ والموارد البشرية والديكور والتسويق والدعاية والموردين. تلك التفاصيل هي التي تُكون معًا الصورة الكبيرة لمستقبل استثماراتك، لا يُعقل أن تبدأ النشاط دون تحديد التوجهات المستقبلية للاستثمار، ففي مثالنا هنا عن مطعم المأكولات البحرية؛ هل تنوى إقامة سلسلة (chain) وصنع علامة تجارية خاصة بك، أم أنه مجرد مطعم يُدر ربحًا يساعدك على تكاليف المعيشة الباهظة لعائلتك؟ هل تضع منافسيك الموجودين أو المحتملين في دائرة اهتمامك، لضمان التفوق والهيمنة، أم أن الأمر لا يرقى في مخيلتك لمثل تلك المعالجات فهو أبسط من ذلك بكثير؟، ومن ثم تجد مشروعك قد سُحق من المنافسين في المستقبل. ما يساعدك على جلب واستحضار التفاصيل هي «الأسئلة»، فالسؤال هو مفتاح التعمق في رؤية المشهد المستقبلي لاستثماراتك التي لم تخرج للنور إلى الآن بشكل دقيق، فإذا ما قام أحدهم بتوجيه سؤال لك حول استثمارك أو مشروعك الذي توشك على البدء فيه؛ ولم تستطع الجواب؛ فهناك شيء ما خاطئ، وهي ثغرة ينبغي التعامل معها على الفور، ولا يعني الإلمام بأدق التفاصيل؛ التأخير وتأجيل الاستثمار؛ وإنما هو بذل جهد لمعرفة مآلات استثماراتك التي ربما قد تضخ فيها، ما مكثت تجني فيه طوال حياتك. 4- ما المجال الذي أستثمر فيه؟ إذا ما قررت الاستثمار ولا تدري في أي مجال تبدأ، فأمامك طريقان، إما المجال الذي تعمل فيه أو ما تملك فيه خبرة ولو قليلة، وإما مجال لا تعرف عنه شيئًا. بالنسبة للمجال الأول، على سبيل المثال إذا كنت تعمل بائعًا في إحدى متاجر بيع الأجهزة الكهربائية، فحتمًا لديك خبرة في تجارة الأجهزة الكهربائية، وإذا كنت تعمل في مجال البرمجة فأنت حتمًا لديك المهارة لإدارة كيان تكون البرمجة هي لب نشاطه، وفي تلك الحالة، فالخيار الأول هو أن تسلك طريق الاستثمار الذي تعرف عنه، فليس من المنطقي لبائع متجر الأجهزة الكهربائية؛ أن يقوم بالاستثمار في متجر ملابس، وإنما يجب أن تكون الأولوية لمتجر الأجهزة الكهربائية، كما أنه لا يجوز أن يكون توجه المبرمج الأول اذا ما قرر الاستثمار أن يقوم ببناء مدرسة على سبيل المثال، وإنما يجب أن تكون الأولوية لشركة «سوفت وير» أو مركز تدريب مبرمجين، وبالتالي فالخيار المفضل هو أن تسلك الطريق الذي تبرع فيه. أما في حالة الطريق الثاني، إذا لم ترد الولوج في المجال الذي تعرف عنه، أو إذا ما كنت موظفًا حكوميًّا على سبيل المثال، فهنا ينبغي أن تستعين بأهل الخبرة والعلم في ذلك المجال، وهذا سيكلفك المزيد من الأموال، ولكنه سيضمن لك نسبة كبيرة من النجاح، وفي أسرع وقت ينبغي أن تمتص أنت تلك الخبرة وذلك العلم. 5- خلق «البراند».. دروس نتعلمها من «قطونيل» هناك استراتيجية استثمارية يعلمها ثلة من الأفراد المحترفين في دراسات الجدوى وأفكار المشروعات، وهي صناعة براند من السلع أو الخدمات اللي لا يوجد لها براند واضح، بحيث تكون أنت الأول في الاستحواذ على مبيعات تلك السلعة أو الخدمة، والمثال الأقرب هنا هو «قطونيل»، فالملابس الداخلية موجودة طوال الوقت، وفي كل مكان، فهي ليست اختراعًا اخترعته كوتونيل، ولكن إذا ما بحثت عن «ماركة» محلية معروفة للملابس الداخلية قبل قطونيل فربما لن تجد. ما حدث هو أن قطونيل خلقت «براند» مميزًا واضحًا من تلك السلعة المألوفة. الأمر هنا يعتمد بالأساس على ضخ المزيد من الأموال في التسويق، فالكتلة الإنفاقية الأكبر من رأس المال في ذلك النوع من المشروعات، تذهب للتسويق، لترسيخ البراند في الأذهان، مع إضافة اللمسات المميزة، وذلك عن طريق استغلال السمعة الجيدة المترسخة في أذهان الجميع حول القطن المصري، مع الاهتمام بالجودة، وطريقة تغليف وعرض السلعة، لتصبح قطونيل بفروعها المنتشرة في كل مكان. مثال آخر يبين المقصود، وهو سكر «الأسرة»، فقبل ظهور براند سكر الأسرة، لم يكن أحد يهتم بماركة السكر أو المصنع أو الشركة، فقط كان المطلوب أي سكر، وبالتالي كانت سلعة السكر سلعة مألوفة وموجودة في كل مكان ومتاحة للجميع، وهناك الكثير من المصانع التي تعمل في تكريره وتغليفه، ولكن ما حدث هنا هو خلق براند مميز، ليذهب العملاء لأول مرة وهم يطلبون نوع سكر محدد هو سكر الأسرة. وهناك العديد من السلع المألوفة التي يمكن خلق براند مميز لها، ليكون أول ماركة شهيرة لتلك السلعة أو الخدمة، على سبيل المثال؛ سلعة اللبن غير المعلب الذي لا يحتوي على أيه إضافات، أو عسل النحل، وغيرها من السلع والخدمات، ولكن استعد لضخ أموال ضخمة في التسويق للماركة الوليدة. 6- الاستثمار في التعليم من الاستثمارات الواعدة والأكثر ربحية في مصر؛ هي تلك المتعلقة بمجال التعليم والتدريب، فالتعليم بدءًا من رياض الأطفال وانتهاءً بالجامعة، من أكثر الاستثمارات الناجحة في مصر، ولكنها تحتاج لرأس مال كبير نسبيًا، فالتعليم يتسم في مصر بالرداءة، سواء على المستوى الحكومي أو التجريبي أو الخاص، لذا فهناك فرص واعدة للعب على وتر الجودة في التعليم، وخلق سمعة جيدة، وقطاع كبير من المصريين بكافة أطيافهم على استعداد للإنفاق على التعليم بسخاء بشرط ضمان الجودة، وإضافة قيمة حقيقية، كما أن عوائد الاستثمارات من أكبر وأسرع العوائد من بين كافة الاستثمارات. هناك حوالي 500 ألف خريج من التعليم العالي سنويًا في مصر، ومن ثم فهناك سوق ضخم يبحث عن عمل، وبالتالي فإن هذا السوق الكبير يحوي فرصًا واعدة، وتحديدًا في مجال التدريب، لتأهيلهم لنيل فرصة عمل جيدة. 7- إذا كنت لا تملك رأس مال فاستثمر في تلك المجالات أما إذا لم تكن لديك فرصة عمل من الأساس، أو تعمل ولكن بدخل ضئيل، ولا تملك خبرة أو دراية بمجال ما، ولا تملك رأس مال تؤسس به استثمار يُدر عليك ربحًا، فلا توجد فرصة أمامك سوى تعلم مهارة من مهارات العمل الحر الشهيرة والمطلوبة، مثل؛ البرمجة، أو الجرافيك، أوالكتابة وصناعة المحتوى، أو الترجمة، أو السوشيال ميديا. اختر واحدة من تلك المهارات، وأتقنها جيدًا، وابدأ رحلة العمل الحر الذي يُدر عليك دخلًا جيدًا، تتمكن عن طريقه من إقامة استثمارات أخرى، تُضاعف دخلك.