المكان : مدينة دمياط - مقر لجنة فرز الانتخابات لدائرة مركز وبندر دمياط الزمان : الاربعاء 6 ديسمبر 2005 الساعة السابعة مساء وما بعدها المتهم : المستشار / رضا رشدى رئيس الدائرة 12 جنايات شمال القاهرة ( رئيس لجنة الفرز ) التهمة : التزوير شهود الإثبات : قضاة اللجان الفرعية بدائرة بندر ومركز دمياط الوقائع : كنت أظن أن ما رأيته فى بلبيس ووقائع اطلاق النار وما سبق سرده من احداث كان هو اليوم الأسوء فى حياتى .. لكننى لم أكن أدرك أننى على ميعاد مع يوم أسوء منه ... انتخابات دمياط .... وصلنا مدينة دمياط بعد رحلة طويلة فى حدود اللساعة الثانية عشر مساء الثلاثاء اليوم السابق على يوم الانتخابات .. البلد هادئة جدا و لا أثر لمعارك انتخابية عليها باستثناء اللافتات الانتخابية .. واثناء توجهنا للمكان الذى سنقيم فيه تلاحظ لنا خلو الشوارع تماما الا من بعض السيارات الأمنية التى قابلناها وتحمل اسماء محافظات اخرى .. أمن المنوفية .. أمن السويس .. أمن الاسماعيلية .. أمن بورسعيد ... يبدو أن التشديد الأمنى سيكون عالى .. اخذنا قسطا من الراحة لم نستطيع أن نحوله الى نوم بسبب القلق .. حتى الساعة السابعة صباحا ثم اخذنا استعدادنا لبدء المعركة وتركنا محل اقامتنا ونزلنا الى الشارع ... أول لجنة انتخابية توجهنا اليها .. مدرسة اللوزى ... الساعة الثامنة صباحا .. المشهد : قوات أمن كثيفة تحاصر المدرسة وتحيطها بسياج أمنى من كل الاتجاهات بينما فى الخارج تجمع لبعض السيدات ... توجهنا الى ضابط يحمل رتبة لواء وحاولنا الحديث معه بعد أن اخرجنا كارنيهات المراقبة .. فوجئنا به يقول لنا " لا يوجد مراقبة اليوم " فقلنا له ماذا حدث .. فقال .. تعليمات عليا بمنع أى شخص من دخول اللجان .. قلنا له " والانتخابات " قال " لا يوجد انتخابات " .. طلبنا الدخول للمرسة لمقابلة القضاة لكنه رفض . .. كانت قناة الجزيرة تقوم بتصوير ما حدث من خارج الكردون الأمنى .. وشاهدنا وقائع الاعتداء عليهم وكسر كاميراتهم .. وطبعا لم نستطع عمل شىء . وفورا تلقينا بلاغات تلفونية بأن هناك ثلاثة عشر مدرسة على نفس الحال قام الأمن بغلقها ومنع الدخول لها وهى تمثل 66 صندوق .. وغالبيتها لجان انتخاب سيدات .. لا نعلم لماذا منع السيدات خصيصا من التصويت ؟؟ قمنا بعمل جولة على هذه المدارس وفوجئنا أنها جميعا محاطة بسياج أمنى مكثف وممنوع الدخول اليها . توجهنا الى محكمة دمياط والتقينا برئيس المحكمة والقضاة .. ولم يفعلوا شىء .. وقالوا صراحة .. نحن لا نستطيع أن نفعل شىء .. بدأنا يوم عصيب بعد أن ارتفعت حالة التوتر فى الشوارع ... دمياط باعتراف أهلها شعبها مسالم الى أقصى درجة .. قليل الاهتمام بالشئون السياسية .. بعيد عن اعمال الاحتجاجات أى ما كانت .. لكن استمرار التكثيف الأمن وسياسة البلجة جعلت الشارع الدمياطى يتغير قليلا .. تحول الأمر الى مظاهرات نسائية أمام اللجان .. يشاهدها الرجال احيانا .. يساعد فيها الرجال قليلا .. لكن السمة الغالبة انها مظاهرات نسائية . فى منتصف النهار بدأنا نتلقى تبليغات عن تحول المظاهرات الى احداث عنف خاصة فى منطقة تسمى " الخياطة " ومنطقة تسمى " اللحم " .. وتزايدت التبليغات التليفونية حتى اضطرننا لاستخدام عدد كبير من التليفونات لرصد التبليغات .. واجمعت التبليغات على استخدام الأمن للرصاص الحى واطلاق النار الحى على الجماهير .. ارتفاع متزايد فى اعداد المصابين قارب الخمسمائة .. تبليغات بحالات الوفاة ارتفعت من أثنين الى أربعة إلى ستة .. واثناء عودتنا متجهين الى لجنة المعهد الدينى مرورا من على كبرى دمياط فوجئنا باطلاق قنابل الغازات بالقرب من الموقع .. ثم فوجئنا بتجمعات للأهالى تقوم بقطع الطريق فوق الكبرى ومنع مرور السيارات .. عدنا بسرعة الى الخلف وقمنا بترك السيارة بعدها بقليل بدأن احداث عنف غير مسبوقة حيث خرجت قوات الأمن لتعقب من قاموا بقطع الطريق فوق الكبرى ودارت معراك طاحنة استخدم فيها الأمن اطلاق الرصاص الحى بينما شارك الأهالى من فوق اسطح البيوت بالرد عليهم .. لم نستطع حصر حالات الاصابات لكثرتها . النهاية ... توجهت الى قسم بندر دمياط حيث التقيت بالسيد المستشار رضا رشدى رئيس اللجنة العامة الذى كان يجلس فى غرفة خاصة .. تبادل الحديث معه لمدة تزيد عن ساعة بعد أن تعرفت عليه فور دخولى وقلت له أننى اعمل بالقاهرة وقال لى هل تعرفنى قلت له بالطبع .. ثم قام بسرد قصص طويلة عن نفسه أنه يرأس أشهر دارة جنايات فى مصر وأنه قاضى منصة وأنه يعمل طوال حياته فى القضاء الجنائى .. واطمئننت تماما للرجل بعد هذه الروايات خاصة أننى أعرفه جيدا وهو رئيس دائرة جنايات نعمل أمامها ومن المستحيل أن يغامر بسمعته وهو يعلم أننا سوف نلتقى به فى المحكمة فى القاهرة فى الايام التالية .. حصلت من المستشار على كل الضمانات التى طلبتها حتى توصلت لدخول 200 مندوب الى لجنة الفرز .. وخرجت من مكتبه وانا مطمئن تماما الى أن لجنة الفرز لا يمكن أن يحدث بها تزوير . قاضى الجنايات المزور : الساعة السابعة مساء توجهنا الى مقر لجنة الفرز وكان سرادق كبير مقام فى احد المدارس .. وتوافدت الصناديق وبدأنا متابعة فرز الأصوات .. ورغم غلق 66 صندوق وصلوا الى لجنة الفرز خاليين تماما من الاوراق .. إلا أن المفاجأة أن الصناديق التى لم يتم محاصرة لجانها على فرض انها تصوت للحزب الوطنى جأت معظمها تحمل اصوات لمرشح الاخوان ... وتوالت نتائج الصناديق بتفوق رهيب لمرشح الاخوان ... الساعة التاسعة مساء كانت كل الصناديق قد تم فرزها وحصلنا على نتيجتها من القضاة الفرعيين تؤكد فوز مرشح الاخوان .. جلست اللجنة العامة على المنصة تقوم بالتجميع بينما جلسنا فى القاعة نتابع اعلان النتيجة ... طالبنا المستشار باعلان نتيجة كل صندوق اولا قبل اعلان النتيجة النهائية طبقا لقرار وزير العدل لكنه رفض .. تجمع القضاة فى القاعة واعلنوا أنهم يرفضون الخروج إلا بعد اعلان نتيجة الصناديق والتأكد من مطابقتها لفرزهم .. وطالبوا رئيس اللجنة بالاعلان حتى تبرأ ساحتهم أمام الشعب .. لكنه رفض وظل يماطل . فجأة فى حدود الساعة العاشرة بدأ المستشار فى اعلان النتيجة لنفاجأ به يعلن فوز مرشح الحزب الوطنى 18000 صوت مقابل حصول مرشح الاخوان على 16000 بالمخالفة لنتائج الفرز التى حصلنا عليها والتى تؤكد فوز مرشح الاخوان . وانقلبت القاعة بالاحتجاجات ولم يستطيع رئيس اللجنة الحديث الا أنه اعلن فوز مرشح الحزب الوطنى . مفاجأة وفضيحة يفجرها القضاة الفرعيين : وأثناء حالة الاحتجاج التى غلبت على القاعة قام ثلاثة من القضاة الفرعيين بالقفز على المنصة وخطف أوراق فرز الصناديق من رئيس اللجنة والتحفظ عليها .. وطالبوا رئيس اللجنة بالجلوس لحين اعلانهم النتيجة لكنه رفض وسارع هو واعضاء لجنته بالهرب من لجنة الفرز .. بينما هدأت القاعة وقام أثنين من القضاة بقراءه نتيجة الصناديق صندوق صندوق بينما قام ثلاثة قضاة اخرين بجانبهم بتجميع النتيجة .. عند الوصول الى قرأة نصف الصناديق تقريبا كانت نتيجة التجميع حصول مرشح الاخوان على 17000 صوت مما اصبح يؤكد تزوير النتيجة المعلنة .. وفجأة دخل الى القاعة عدد كبير من قوات الأمن بالملابس المدنية ( فرق كارتية ) وقاموا بالصعود الى المنصة وخطف أوراق الفرز من القضاة بينما تم قطع التيار الكهربائى عن القاعة .. وطالبت قيادات الأمن القضاة بمغادرة القاعة أو الاعتداء عليهم .. قمنا باقناع القضاة بمغادرة القاعة بعد أن شكرناهم على اعلان النتيجة الحقيقية .. بينما وقف أحد القضاة الشباب الذى كان يقرأ النتائج ليعلن للموجودين أن النتيجة المعلنة مزورة وأنه يتهم رئيس اللجنة العامة بتزوير النتيجة .. ثم انصرفنا من القاعة مع القضاة وسط تواجد أمنى مكثف وقوات أمن يقدر عددها بالآالف .. وخرجنا الى أهالى دمياط المتجمعين خارج السرادق لنعلن لهم ما تم ... واخيرا ... تركنا مدينة دمياط وهى غارقة فى احزانها .. لحظة المغادرة شعرنا أن دمياط اعلنت الحداد ..و بدأنا طريق العودة الى القاهرة . لا نامت أعين الجبناء !!!!! محامي مصري