تابعت بإهتمام بالغ البيان الذى أصدرته هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف – الأحد - للرد على مطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسي ، فى 24 ينايرالماضى خلال احتفالية عيد الشرطة، بإصدار قانون ينظم حالات الطلاق الشفوي بعد أن أصبحت مصر الأولى عالميا في حالات الطلاق . حيث أكدت الهيئة فى بيانها " إن "وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطَه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، وهو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحتى يوم الناس هذا، دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق". وأوضحت أن رأيها بهذا الخصوص جاء استنادًا إلى تقارير أعدتها اللجان المختصَّة وقدمتها إلى مجلس هيئة كبار العلماء ، والذي انتهى الرأي فيه بإجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم وتخصُّصاتهم إلى القرارات الشرعية التالية: "أولاً: وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطَه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، وهو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحتى يوم الناس هذا، دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق. ثانيًا: على المطلِّق أن يُبادر في توثيق هذا الطلاق فَوْرَ وقوعِه؛ حِفاظًا على حُقوقِ المطلَّقة وأبنائها، ومن حقِّ وليِّ الأمر شرعًا أن يَتَّخِذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسَنِّ تشريعٍ يَكفُل توقيع عقوبةً تعزيريَّةً رادعةً على مَن امتنع عن التوثيق أو ماطَل فيه؛ لأنَّ في ذلك إضرارًا بالمرأة وبحقوقها الشرعيَّة". وقد حرصت على الإنتظار لمدة اسبوعين كاملين قبل أن أكتب فى هذا الموضوع المهم للغاية انتظاراً لرأى الأزهر الشريف . وفى هذا السياق أتوقف أمام ثلاث ملاحظات أساسية : الأولى : ضرورة التأكيد على أن الأزهر الشريف كان ولا يزال المرجعية الأولى لكل ما يتعلق بالدعوة الإسلامية فى مصر , وأن عدوى ( التسييس ) لم تصبه مثل الكثير من مؤسسات الدولة , وأن علمائه خاصة أعضاء هيئة كبار العلماء ليسوا ( شيوخ السلطان ) كما يفعل غيرهم من الشيوخ المودرن . ثانياً : هذا البيان الذى جاء رداً على دعوة الرئيس لإصدار قانون بشأن توثيق الطلاق أمام المأذون , يجب أن يكون دافعاً للرئيس السيسى للتروى وعدم طرح أى قضايا دينية للمناقشة أثناء القاء خطاباته أو تصريحاته فى المؤتمرات والندوات بشكل إرتجالى , لأنه ليس مواطناً عادياً وكل كلمة ينطق بها محسوبة له أو عليه . ولذلك أطالب الرئيس بألا يطرح أية قضايا آخرى لها علاقة بالدين دون الرجوع إلى مستشاريه أو إلى شيخ الأزهر حتى لا تحدث أراء او إقتراحات الرئيس مثل هذه البلبلة مرة آخرى. ثالثاً : يجب أن يتوقف من يسمون ب ( الشيوخ المودرن ) عن الإفتاء فيما لا يعلمون , وفى مقدمة هؤلاء الشيخ خالد الجندى الذى أكد في برنامجه "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة DMC أن "الطلاق الشفهي لا يقع، حتى لو الزوج قال إنتي طالق 20 ألف مرة"، مشيرًا إلى أن الطلاق يجب أن يٌكتب ويوثق، إعمالا للآية الكريمة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ". ولذلك أقول له ولأمثاله من الشيوخ المودرن : لاتفتوا فيما ليس لكم به علم وإرجعوا إلى أساتذتكم فى هيئة كبار العلماء الذين علموكم أصول الدين والفقه , ولا تتصوروا أنكم بمثل هذه الأراء تقومون بتجديد الخطاب الدينى لأن التجديد لن يحدث من خلال مثل هذه الفتاوى والأراء المخالفة للدين . ياسادة .. نتفق مع الرئيس فى ضرورة البحث عن السبل الكفيلة بالحد من معدلات الطلاق التى تحتل فيها مصر المركز الأول عالمياً , ولكن ينبغى الإبتعاد عن كل ما من شأنه مخالفة ثوابت وصحيح الدين , ويجب أن تكون لدينا القناعة بأن مرجعيتنا الأولى والأخيرة فيما يتعلق بالقضايا الدينية للأزهر الشريف وليس لأى شخص أو جهة آخرى .