الحملة التى يتعرض لها حازم أبو إسماعيل قد تؤدى إلى عكس المقصود منها ، بزيادة تعاطف الجمهور العام معه بوصفه يتعرض لعملية تشويه مقصودة ، وخاصة حكاية والدته الأمريكية ، والحقيقة أن ما تنشره الصحف المصرية القومية والخاصة هذه الأيام عن هذا الموضوع تحديدًا لا يمكن وصفه إلا كحملة تشويه مدفوعة الأجر ، وتستخدم أدوات لا يمكن تمريرها مهنيًّا ، لدرجة اللجوء إلى مواطن مصرى يعمل مقيم شعائر فى مسجد صغير بإحدى المدن الأمريكية باعتباره "مصدرًا" يؤكد أن أبو إسماعيل يحمل الجنسية الأمريكية ، وكأنه المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مثلاً ، وتعيد الصحف وتزيد فى الأدلة الثبوتية نقلاً عن هذا المواطن ، وهو أمر مقصود لزيادة مساحة الإحباط فى معسكر "أبو إسماعيل" أو إرباكه وربما إفساح المجال أمام آخرين ، وأنا لا أعرف بالضبط ما هى "الموثوقية" الرسمية التى اكتشفتها الصحافة المصرية والفضائيات فى هذا الشخص والتى تجعل الصحافة المصرية تنقل عن الواعظ المصرى هذه المعلومات، باعتبارها "الدليل" على أن والدة أبو إسماعيل تحمل الجنسية الأمريكية، هل هو قنصل مصر مثلاً أو سفيرها هناك ، أم أنه المحامى الذى تقدم بطلب الحصول على الجنسية لوالدة المرشح ، هذا عبث واستهتار مهنى يمكن أن يُدرَّس للطلاب باعتباره نموذجًا للدجل الإعلامى ، ويمكن تصور صدوره من صحف "بير السلم" ، لكنه يكون فضيحة عندما تمارسه صحيفة قومية أو حتى صحيفة خاصة، تحترم قارئها وتحترم المهنة. أستغرب أيضًا من بذل إحدى الجهات "الرسمية" جهدًا كبيرًا للتفتيش فى أوراق مصلحة الجوازات بوزارة الداخلية من أجل التنقيب فى قوائم السفر والوصول فى المنافذ المصرية كافة على مدار سنوات طويلة من أجل الوصول إلى معلومات تفيد أن والدة حازم أبو إسماعيل سافرت أو عادت من الخارج يوم كذا بوثيقة سفر أمريكية تحمل رقْم كذا، ثم قيام بعض الجهات بنشر قوائم منسوبة إلى مؤسسات أمريكية تقول إن والدة المرشح مسجلة ضمن المواطنين فى أمريكا ، ويبقى السؤال الأهم ، هل هو لغز أن تُعرف جنسية والدة المرشح ؟ ، هل يحتاج الأمر فى الخارجية المصرية مثلاً إلى تشكيل لجان بحث والدخول فى مفاوضات مكثفة مع الأجهزة الأمريكية؛ لكى تبعث جواسيس وتسأل مخبرين ووعَّاظ مساجد وتقلب فى "دفاتر" طويلة عريضة من أجل أن تصل إلى المعلومة السرية الخطيرة، وهى أن والدته تحمل الجنسية الأمريكية أم لا ، أم أن الأمر فيه "ملعوب" ، وأن المعلومة تخرج بضغطة زر على جهاز "حاسب آلى" فى أقل من خمس ثوان ، وأن هناك تواطُؤًا من أكثر من جهة رسمية على تعمية الأمر، وإطالة فترة الجدل لإعطاء مِساحة أكبر للإعلام من أجل التشهير بأبو إسماعيل. على كل حال ، هذا التأخير "المتعمد" فى الإعلان عن كوْن والدة المرشح تحمل الجنسية الأمريكية، أم لا يعنى فى المحصلة أنها لا تحمل الجنسية الأمريكية قطعًا؛ لأنه لو كانت تحملها لتم حسم أمره مبكرًا جدًّا بدون الحاجة إلى أى "معركة تشويه إعلامى"، ولو كانت المعلومة صحيحة لزفَّت "البُشرى" الأجهزة الرسمية المصرية بسرعة البرق؛ لأن القلق من "ظاهرة" أبو إسماعيل الشعبية لا تحتاج إلى شرح. [email protected]