- الإخوان المسلمون لجأوا إلى سياسة "فوستر دالاس" ودفعوا بالشاطر على منصب الرئاسة والانشقاقات تهدد البيت الإخوانى المطرودون من النعيم الإخوانى يعلنون الحرب على الجماعة على شاشات الفضائيات وصلت إلى حد وصف الشاطر بأنه يصلح كتاجر وليس كرئيس دولة وقوف برهامى ومحمد يسرى وراء قرار الدفع بالشاطر يشعل الداخل السلفى والقواعد تتجه ناحية أبو إسماعيل عكس القيادات الجماعة الإسلامية تحافظ على تماسكها الداخل عبر سياسة الانحناء أمام العاصفة وتستمع لآراء الأفراد وتمتنع عن سياسة فرض الرأى الواحد ما عجزت عنه الأنظمة السلطوية الغاشمة على مدار ستة عقود يبدو أن عامًا واحدًا من ممارسة السياسة قد استطاع أن يقترب من تحقيقه . فالحركة الإسلامية التى بدت عصية على الاختراق والتفتت خاصة فى كياناتها التنظيمية الكبرى كالإخوان المسلمين تعانى اليوم وضعاً مأزوماً بالغ الصعوبة على خلفية الانحيازات إلى هذا المرشح أو ذاك فى ظل تعدد المرشحين ذوى الخلفية الإسلامية والذين وصل عددهم إلى خمسة مرشحين بعد قرار جماعة الإخوان المسلمين الدفع بنائب المرشد والرجل القوى داخل الجماعة خيرت الشاطر، وهو القرار الذى أحدث زلزالاً فى الأوساط السياسية بصفة عامة والإسلامية على وجه الخصوص مما ينذر بمزيد من التصدعات داخل بنية الحركة الإسلامية التنظيمية على النحو الذى يرصده التقرير التالى. الإخوان المسلمون وسياسة حافة الهاوية ربما شعر الإخوان متأخراً أن المجلس العسكرى ماضٍ فى سياسة "لف الحبل" حول رقبتهم انتظارًا للحظة المناسبة لشده بإحكام والإجهاز على الضحية لذا لم يكن أمام الإخوان من مفر سوى اللجوء إلى السياسة التى اشتهر بها وزير الخارجية الأمريكى الأسبق جون فوستر دالاس والتى عرفت باسم ( التماس مع حافة الهاوية( وتعتمد هذه السياسة على عدة آليات منها: 1 الضغط على الخصوم لدفع الخصم إلى التراجع عن المواقف بالأقساط باستخدام الوسائل اللوجستية والثقافية والإعلامية والنفسية والحربية الضاغطة. 2 تحقيق المصالح بالوسائل السلمية المدعومة بالتلويح بالتصعيد دون اللجوء إليه. 3 مد جسور التفاوض المباشر وغير المباشر لاستقطاب الرأى العام وصنع التأثيرات الإعلامية الممهدة لخلق أرضية للتصعيد إذا لزم الأمر. فالأسابيع القليلة الماضية شهدت العديد من الإجراءات التى بدت وأنها تمهد لتحجيم الصعود الإسلامى الجامح الذى يأتى على قمته الإخوان المسلمون، وذلك من خلال عدد من الإجراءات ومنها: محاولة حكومة الجنزورى حرق الأرض تحت أقدام أى حكومة قادمة ( وفى الغالب سيشكلها الإخوان وحلفاؤهم من الإسلاميين)، وذلك بإغراق البلاد فى مستنقع الديون وذلك بالإقدام على الاقتراض من البنك الدولى بحجة مواجهة عجز الموازنة إضافة إلى القضاء على مصادر الدعم الداخلى بعد ما تردد عن اتجاه الحكومة إلى "تصفير" الصناديق الخاصة. إغراق البلاد فى سلسلة متصلة من الأزمات كأزمة السولار والبوتاجاز ورغيف الخبز وغيرها بحيث يبدو البرلمان عاجزًا عن حل مشاكل الجماهير مما يؤدى إلى فقدانها الثقة فى التيار الإسلامى وعدم جدواه فى تحمل أمانة الحكم خاصة مع إصرار المجلس العسكرى على تقليم أظافر البرلمان بسحب صلاحياته فى استجواب الحكومة وحجب الثقة عنها. التلويح بإمكانية حل مجلس الشعب والشورى عن طريق الدستورية العليا وإرجاع الأمور إلى المربع رقم صفر. الدفع بمرشحين على منصب الرئاسة من رجال النظام السابق وخلصائه وعلى رأسهم الفريق أحمد شفيق الذى لم يتردد مؤخرًا فى أن يعيد القول بأن الرئيس المخلوع مبارك هو مثله الأعلى. هذه الإجراءات قابلها الإخوان بسياسة دالاس المشار إليها آنفًا "التماس حافة الهاوية"، وذلك عن طريق الإصرار على حجب الثقة عن حكومة الجنزورى والمضى قدمًا فى إجراءات اللجنة التأسيسية للدستور رغم الاعتذارات "الشفهية" المتتالية ثم كانت الخطوة الأكثر جرأة بل وتهورًا فى نظر البعض بالدفع بخيرت الشاطر للترشح على منصب الرئاسة وهو القرار الذى فجر موجة من الجدل الصاخب والزاعق حيث اتهمت القوى السياسية جماعة الإخوان بسعيها لل "تكويش" على البلد وأنهم يدفعون الأوضاع إلى مزيد من التأزيم والاضطراب. وإذا كان الاعتراض الذى أبدته القوى السياسية متفهمًا فى ضوء التجاذبات السياسية الحادة التى تميز الساحة المصرية الآن فإن ما تشهده الساحة الداخلية للجماعة يدق ناقوس الخطر فوق رأس مكتب الإرشاد ففور الإعلان عن ترشيح الشاطر انفجرت موجة من الغضب بين شباب الجماعة وأعلن كثيرون تركهم للعمل التنظيمى ورفض القرار الذى اعتبروه بأنه يضع مصداقية الجماعة على المحك. بل يبدو أن الجماعة مقبلة على موجة جديدة من الانشقاقات خاصة بعد النقد الذى وجهه القيادى الإخوانى البارز محمد البلتاجى لقرار ترشيح الشاطر، واعتبر أن الجماعة قد وقعت فى الفخ على حد تعبيره، كما أن الساعات القليلة الماضية شهدت هجومًا حادًا على الجماعة من قبل القيادات الإخوانية "المغضوب عليها" فقد سارع د. كمال الهلباوى المتحدث الرسمى للجماعة خارج مصر بإعلان استقالته احتجاجاً على القرار وطالب الشباب بألا يستمعوا إلى القيادات كما شن نائب المرشد السابق د. محمد حبيب هجومًا قاسيًا على خيرت الشاطر ووصفه بأنه يصلح ك "تاجر" وليس كرئيس للدولة. مما يعنى أن الجماعة مقبلة على مرحلة صعبة قد تشهد مزيدًا من الانشطار لصالح كيانات أخرى وليدة قد ترتبط بشخصية د. عبد المنعم أبو الفتوح أو برموز التيار الإصلاحى داخل الجماعة. التيار السلفى واللعب من خلف الستار فى ظل الهجوم الحاد على قرار جماعة الإخوان بترشيح الشاطر لم يلتفت كثيرون إلى الدور الذى لعبه التيار السلفى لإقناع الإخوان بالدفع بخيرت الشاطر ففى ضوء المعلومات التى حصلت عليها "المصريون" فإن الشيخ ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية، ود. محمد يسرى، القيادى السلفى البارز وعضو الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، وآخرين قد وقفوا وراء حث الإخوان على الدفع بخيرت الشاطر من خلال ما أسموه مبادرة المرشح الإسلامى الواحد مما أثار موجة عارمة من الاستياء داخل البيت السلفى الذى يعانى من الانقسام الحاد إزاء الاستحقاق الرئاسى إذ يميل معظم قواعد التيار السلفى إلى تأييد حازم أبو إسماعيل مما يشكل ضغطاً شديداً على القيادات المنقسمة حول نفسها ففى الوقت الذى أعلن مجلس شورى العلماء الذى يضم رموزًا سلفية من العيار الثقيل أمثال الحوينى وبالى والعدوى وحسن أبو الأشبال وآخرين تأييدهم لأبو إسماعيل يقف القطب السلفى البارز د. محمد عبد المقصود على الضفة المقابلة رافضاً بشدة تأييد أبو إسماعيل، بل إن الرمز السلفى الشهير أحمد النقيب لم يتردد فى وصف ترشح أبو إسماعيل لمنصب الرئاسة بأنها مصيبة ثقيلة، مضيفًا حاولنا أن نبعده عنها، ولكنه أصر. كما أن حزب النور مازال يراوح مكانه ولم يستطع تحديد بوصلة اتجاهه فى ظل تأكيدات بأن الحزب سيدفع فى اتجاه ترشيح الشاطر فى أقرب وقت، وهو الأمر الذى سيؤدى إلى مزيد من الانشقاقات داخل البيت السلفى فى ظل التأييد الجارف الذى يحظى به أبو إسماعيل وعدم تصور الشباب السلفى أن يتم الدفع بغيره على منصب الرئاسة. الجماعة الإسلامية والانحناء لمرور العاصفة ربما كانت الجماعة الإسلامية هى الفصيل الأبرز الذى يتمتع بحالة من الهدوء الداخلى بعد أن اعتمدت الجماعة سياسة عدم الإملاءات الفوقية وهى ذات السياسة التى اتبعتها الجماعة خلال الانتخابات البرلمانية الماضية فرغم وجود حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة ضمت التحالف الذى يقوده حزب النور السلفى إلا أن الجماعة تركت الباب مفتوحًا أما أبنائها لاختيار من يراه الأصلح داخل دائرته حتى ولو كان من خارج التحالف مما أسهم فى مزيد من الاستقرار داخلها، ولم تشهد الجماعة أى انشقاقات أو بوادر خلاف. الأمر الذى يؤكده عضو مجلس شورى الجماعة م. أسامة حافظ فى تصريح خاص ل"المصريون" حيث يقول: نحن مازلنا فى مرحلة استطلاع آراء قواعد الجماعة والاستماع لهم ولم تكن سياستنا مبنية على إملاء قرار فوقى يتخذه مجلس الشورى بمفرده بعيدًا عن نبض أبناء الجماعة وبمنأى عن اختيارهم. ويؤكد حافظ أن من حق كل فرد فى الجماعة أن يبدى رأيه ويعبر عنه وعلينا أن نحترم رأيه ولا نهدره ومن هنا – والحديث مازال له – فإن قرار الجماعة الرسمى مازال فى طور الدراسة والمناقشة فى ضوء نتائج استطلاعات الرأى التى تجرى الآن داخل القرى والمراكز والمدن. ويختتم حديثه قائلاً: حتى وإن أعلنت الجماعة فى نهاية المطاف اختيارها لأحد المرشحين الإسلاميين الموجودين فإننا قد نفتح الباب أمام أبناء الجماعة لاختيار من يريد لأنه فى النهاية هو الذى سيحاسب على ذلك أمام الله تعالى. ما قاله أسامة حافظ يمثل سابقة داخل الحالة الإسلامية التى يبحث كل فصيل فيها عن قرار رسمى يتيح له مزيدًا من المكاسب والمساومات السياسية ولكن على حساب التماسك الداخلى، وهو الأمر الذى فطنت إليه الجماعة ولم تشأ أن تواجه عاصفة الانتخابات الرئاسية بمزيد من القرارات المتصلبة بل بمرونة ربما لم تتوفر فى غيرها من الفصائل الأخرى. وهو الأمر الذى يعكس حالة من النضج السياسى غير مسبوقة داخل الحالة الإسلامية لا تجد أدنى غضاضة من الانحناء أمام العواصف الكبرى.