ألقى الكاتب الصحفي فهمي هويدي الضوء على تقرير حصاد القهر في عام 2016 ،الذي أصدره في الذكرى السادسة لثورة يناير مركز «النديم» لعلاج ضحايا التعذيب، واصفًا إياه بأنه الأخطر والأهم، لما يتضمنه من انتهاكات خطيرة تتعلق بحقوق الإنسان في مصر، معتبرًا أن الصمت عنها جريمة كبيرة. وانتقد هويدي، الطريقة التي تم التعامل بها مع الذين أصدروا هذا التقرير، معتبرًا أن أم العجائب إقدام الدولة على معاقبة الذين جمعوا تلك المعلومات، بدلاً من التحقيق في الأمر ومحاسبة الذين مارسوا الانتهاكات. وإلى نص المقال: هذا جرس يجب أن يسمعه أهل مصر. أتحدث عن تقرير حصاد القهر فى عام 2016 الذى أصدره فى الذكرى السادسة لثورة يناير مركز «النديم» لعلاج ضحايا التعذيب، صحيح أنه يطلعنا على الشق الفارغ من كوبنا، إلا أننى أزعم بأنه الأخطر والأهم، لأنه يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان فى مصر. وهذه أيًا كان قدرها تظل وصمة يتضاءل إلى جوارها حجم الجزء الملآن من الكوب. وقد وصفت التقرير بأنه «جرس» وليس لائحة اتهام، لأنه ينبهنا إلى ما يستحق أن ننتبه إليه ونتثبث منه، وغنى عن البيان أننى لا اتبنى بيانات التقرير ولا أدافع عنها، لكننى أقول أن تجاهلها واثم الصمت عليها جرم لا يقل فى فداحته عن جرم ارتكاب الانتهاكات. في تقديم التقرير، إشارة إلى أن مادته الأساسية جمعت مما نشرته وسائل الإعلام المصرية وما تداولته مواقع التواصل الاجتماعى. بمعنى أن دور فريق العمل فى مركز النديم ظل مقصورا على تجميع المعلومات وتوثيقها وتصنيفها ثم إطلاق الجرس فى الفضاء المصرى للتنبيه والتحذير.
البيانات المهمة التى سجلها التقرير ما يلى: خلال عام 2016 تمثل حصاد القهر الذى أوردته الصحف والسوشيال ميديا فى الأرقام التالية: قتل خارج القانون 1384 حالة وفاة فى مكان الاحتجاز 123 تعذيب فردى 535 تكدير وتعذيب جماعى 307 إهمال طبى فى مكان الاحتجاز 472 اختفاء قسرى 980 (ظهر منهم 105) ظهور بعد اختفاء 421 عنف دولة 313. فى توزيع الانتهاكات على المحافظات كانت لسيناء الحصة الأكبر إذ سجلت فيها 1286 حالة، بينها 1234 حالة قتل و42 حالة اختفاء قسرى. واحتلت القاهرةا المرتبة الثانية. إذ كان نصيبها 727 انتهاكا، بينها 34 حالة قتل و25 حالة وفاة فى مكان الاحتجاز 121 حالة تعذيب 204 حالة إهمال طبى و151 حالة اختفاء قسرى و94 حالة عنف دولة الإسكندرية احتلت المرتبة الثالثة حيث شهدت 133 انتهاكا كان أبرزها 107 حالة تعذيب و87 حالة اختفاء قسرى، واحتلت الجيزة المرتبة الرابعة، بإجمالى 195 حالة، كان بينها 85 حالة اخفاء قسرى. كان القصف الجوى مصدر أكثر حالات القتل فقد وصل ضحايا القصف إلى 451 حالة إلا أن عمليات التصفية (على الأرض) وصلت إلى 443 حالة وهناك 368 حالة تم فيها القتل بواسطة إطلاق النار فى الحملات الأمنية. خمسة سجون وردت منها شكاوى التعذيب هى برج العرب (510) سجن العقرب (33) طرة (24) وادى النطرون (20) بورسعيد (14) أما أكثر شكاوى التعذيب بين أقسام الشرطة فقد وردت على قسم شرطة ديرب نجم بمحافظة الشرقية (25 حالة) ثم قسم أول المنتزه بالإسكندرية (17). أخبار التعذيب والتكدير الجماعى جاء أكثرها من سجن العقرب (63 خبرا) ثم سجن برج العرب (38 خبرا) ثم سجون طرة (21) والوادى الجديد (12). فى توزيع المختفين قسريا حسب المحافظات، سجلت القاهرة (51 حالة) والإسكندرية (87) والجيزة (85) ثم الفيوم (58) والشرقية (45). ليست هذه كل معلومات التقرير، لأن الشق الخاص بالأرقام حافل بتفاصيل أخرى. فضلا عن أن ثمة جزءا تضمن شهادات من السجون وصفت أوضاعها، وثمة جزء آخر تضمن شهادات معتقلين سابقين سجلت معاناتهم، وثالث سجل شهادات أهالى المسجونين...إلخ. لم استغرب التصريحات الرسمية التى أنكرت كل ما سبق، الأمر الذى يشكك فى أن الانتهاكات ليست انحرافات أمنية ولكنها تنفيذ لسياسة الدولة. لكننى استغرب سكوت «النخبة الوطنية» وعدم إكتراث أغلب عناصرها إزاء ما يجرى. وهو ما يقدم لنا تعريفا جديدا للمصطلح يختلف عما نعرفه يفقد النخبة شرعيتها، ويفرغ الوطنية من أحد أركانها. أما أم العجائب فهي إقدام الدولة على معاقبة الذين جمعوا تلك المعلومات بدلا من التحقيق في الأمر ومحاسبة الذين مارسوا الانتهاكات. وهو ما تمثل فى قرار إغلاق مركز النديم بعد إصداره تقرير عن عام 2015، وما يجعلنا لا نتفاءل بما سيترتب على إصدار تقرير عام 2016 الذى ودعناه. ولا تسألنى عن عام 2017.