قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية, إنه في حال نجاح مفاوضات أستانا في تثبيت وقف إطلاق النار بسوريا, فإن هذا لا يعني وضع نهاية للصراع, بسبب استمرار تهديد تنظيم الدولة, وغياب اثنين من أقوى المجموعات المعارضة نفوذا على الأرض عن المحادثات, بالإضافة إلى الأكراد, الذين لم يُشاركوا لاعتراض أنقرة. وأضافت الصحيفة في مقال لها في 23 يناير, أن وحشية نظام بشار الأسد خلقت أيضا بيئة غير مواتية للاستقرار, بالإضافة إلى استمرار أزمة اللاجئين. وتابعت " الأمور الشائكة السابقة تثير أسئلة كبيرة عن كيفية تنفيذ اتفاق أستانا على الأرض". وخلصت الصحيفة إلى القول :" إن أي رؤية لسوريا جديدة يمكن أن تتفق عليها المعارضة والنظام ستجد شبح تنظيم الدولة يرافقها كظلها، لأن مسلحي التنظيم على استعداد دائم للقتال". وكانت إيرانوروسياوتركيا اتفقت في ختام مفاوضات أستانا بكازاخستان في 24 يناير على تأسيس آلية ثلاثية لمراقبة وقف إطلاق النار في سوريا، بينما أكدت المعارضة أنها ملتزمة بالهدنة وتترقب النتيجة، وتزامن ذلك مع إعلان موسكو تسليمها المعارضة المسلحة مشروع دستور لسوريا. وقالت إيرانوروسياوتركيا -في بيان مشترك- إنها ستؤسس آلية ثلاثية لمراقبة وقف إطلاق النار في سوريا، وضمان الالتزام الكامل به، ومنع أي استفزازات، وتحديد كيفية عمل وقف إطلاق النار. وأضافت الدول الثلاث أنها تدعم رغبة جماعات المعارضة المسلحة في المشاركة في الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف في الثامن من فبراير المقبل. ومن جهته، أكد رئيس وفد المعارضة السورية في مفاوضات أستانا محمد علوش التزام المعارضة باتفاق وقف إطلاق النار، رغم إعلان وفد المعارضة المسلحة تحفظه على البيان الختامي للمفاوضات. وحسب "الجزيرة", دعا علوش في بيان صحفي بعد انتهاء المحادثات الدول الضامنة إلى اتخاذ إجراءات رادعة للجهات غير الملتزمة. وطالب علوش الأسرة الدولية والدول الضامنة إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والسياسية والأخلاقية لحماية المدنيين. وأضاف أن الجهات التي صدر باسمها البيان -خاصة تركياوروسيا- أبدت تعاونا بشأن تحفظات وفد المعارضة على البيان الختامي، قائلا :"إنه لم تكن لنا أي جولة مع إيران، ولن نقبل أي دور لطهران في مستقبل سوريا". ومن جانبه، أعلن المتحدث باسم وفد المعارضة السورية المسلحة أسامة أبو زيد أن الجانب الروسي تعهد بدراسة مشروع آليات تنفيذ وقف إطلاق النار الذي طرحته المعارضة، واتخاذ قرار بشأنه مع الجانب التركي في اجتماع مرتقب بأستانا خلال سبعة أيام. وأكد أبو زيد أنه إذا تمّ توقيع هذا المشروع من قبل الضامنين وألزم النظام السوري به، وقتها يمكن القول إن اجتماع أستانا كانت له نتائج إيجابية. وأضاف أن الجانب الروسي أبلغ المعارضة بأنه أرسل رسالة لوزير الدفاع السوري بشأن منطقة وادي بردى بريف دمشق, والتي تتعرض لقصف متواصل من قبل نظام الأسد. وأشار أبو زيد إلى أن المعارضة أبلغت موسكو بأن السيطرة على منبع بردى، وأي محاولة لتهجير المدنيين في سوريا يعني تدمير الاتفاق. وتابع أن التحدي الحقيقي أمام روسيا يكمن في مدى قدرتها على إلزام إيران والميليشيات الطائفية التابعة لها في سوريا بالاتفاق، وأضاف أنه في حال نجحت موسكو في ذلك فستكون ضامنا حقيقيا. وكانت مصادر في المعارضة السورية ذكرت ل"الجزيرة" أن وفد النظام السوري رفض مسودة اتفاق طرحها وفد المعارضة من أجل وقف شامل لإطلاق النار. وتنص المسودة على أن تلتزم الأطراف بوقف شامل لإطلاق النار في جميع أنحاء سوريا، وتثبيت الهدنة الموقعة في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأن تنسحب القوات والمليشيات الأجنبية بالكامل من سوريا في مدة أقصاها شهر. وفي غضون ذلك، قال رئيس الوفد الروسي إلى مفاوضات أستانا ألكسندر لافرينتيف إن روسيا قدمت لوفد المعارضة المسلحة مشروع دستور لسوريا أعده خبراء روس. ودعا لافرينتيف كل الدول لمساعدة الحكومة والمعارضة في سوريا لإيجاد الظروف الملائمة سعيا لوضع مشروع دستور جديد للبلاد. وفي المقابل، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر في وفد المعارضة أن الروس قدموا فعلا مسودة الدستور، وأضاف "الروس وضعوا المسودة على الطاولة، لكننا لم نأخذها حتى قلنا لهم إننا نرفض مناقشة هذا". يأتي ذلك بينما قالت السعودية وفرنسا في 24 يناير إنهما تأملان أن تؤدي مفاوضات أستانا إلى استئناف جهود السلام التي تقودها الأممالمتحدة في جنيف وتوفير المزيد من المساعدات للمدنيين الذين عانوا من الحرب الممتدة منذ نحو ستة أعوام.