انتقد الكاتب الأمريكي جيمس كلوبينبرغ , أستاذ التاريخ في "جامعة هارفرد", خطاب التنصيب الذي ألقاه, الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب, وقال إنه يعكس الكراهية في أبشع صورها. وقال كلوبينبرغ في مقال له بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في 21 يناير, إن حملة ترامب الانتخابية سبق أن ركزت على الغل والحقد لمرشح ليس لديه خبرة سياسية أو عسكرية. وتابع " من هذا المنطلق، فإن الخطاب الذي ألقاه ترامب بمناسبة التنصيب, كان امتدادا للكراهية التي سبق أن عبر عنها أثناء حملته الانتخابية، والتي تهدد استقرار الولاياتالمتحدة والعالم أجمع". وأشار كلوبينبرغ إلى أن ترامب ينادي بشكل من أشكال الحلم الأمريكي المتصف بالأنانية والعزلة عن العالم، بالإضافة إلى عدائه الصارخ للمسلمين والأقليات, محذرا من أن فترة رئاسته ستكون كارثية للجميع. وكان دونالد ترامب أدى اليمين الدستورية رئيسا جديدا للولايات المتحدة الجمعة 20 يناير, في حفل أقيم بالساحة المقابلة للكونجرس الأمريكي، وتعهد في خطاب التنصيب باتباع سياسة "أمريكا أولا", واقتلاع ما وصفه ب" التطرف الإسلامي". وقال ترامب :"سنعزز التحالفات القديمة ونشكل تحالفات جديدة ونوحد العالم المتحضر ضد الإرهاب الإسلامي المتطرف ونستأصله تماما من على وجه الأرض"، ملمحا إلى نيته العمل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. كما وعد بتغيير الأوضاع في أمريكا، وقال إن "ما يهم ليس الحزب الذي يحكم بل من يخضع لإرادة الشعب"، مشيرا إلى أن واشنطن ازدهرت ولكن الشعب لم يستفد من هذا الازدهار. وأكد ترامب أن رؤية جديدة ستحكم أميركا في ولايته، وهي سياسة "أمريكا أول", وجعل أمريكا عظيمة من جديد، منتقدا إنفاق الإدارة السابقة تريليونات الدولارات في الخارج وترك البنى التحتية للبلاد تتردى. وقال الرئيس الأمريكي الجديد إن "هذه اللحظة هي ملك للشعب الأمريكي، وما يهم ليس الحزب الذي يحكم بل من يخضع لإرادة الشعب". وأضاف "سوف يكون صوت الشعب الأمريكي في واشنطن، سواء كانوا يعيشون في مدينة داخلية أو في منطقة ريفية، لن يتم تجاهلكم مجددا، سوف تحدد أصواتكم وآمالكم وأحلامكم مصيرنا الأمريكي". وشدد على ضرورة أن تحمي أمريكا حدودها من الدول الأخرى التي تقوم بسرقة ثرواتها، مشيرا إلى أنه "عندما تكون أمريكا موحدة لا يمكن إيقافها على الإطلاق". واختتم ترامب خطاب تنصيبه المقتضب بتكرار الوعد الذي قطعه على نفسه أثناء حملته الانتخابية "معا سنجعل أمريكا عظيمة مجددا". وقبل تنصيب ترامب, أدى مايك بينس اليمين القانونية نائبا له. وقد احتشد في ساحة ناشيونال مول التي تجمع بين نصب واشنطن والبيت الأبيض والكونجرس مئات آلاف الأمريكيين للمشاركة في الاحتفال، وكان لافتا مقاطعة خمسين نائبا ديمقراطيا في الكونجرس حفل التنصيب. وحسب "الجزيرة", بدأت مراسم التنصيب بتوجه ترامب وزوجته إلى كنيسة سان جون قرب البيت الأبيض لأداء الصلوات ثم توجه إلى البيت الأبيض لاحتساء الشاي مع أوباما وعائلته وفق التقاليد الرسمية لرؤساء أمريكا، ثم انتقل الجميع إلى الكابيتول "مبنى الكونجرس" لأداء اليمين القانونية رئيسا للبلاد. وتأخر حفل التنصيب عشرين دقيقة عن موعده المقرر، وذلك لطول الاجتماع الذي جمع بين أوباما وترامب في البيت الأبيض. وحسب "الجزيرة", كان الحضور الشعبي للاحتفال في تنصيب ترامب أقل من حفل تنصيب أوباما، وهو ما يؤشر على رسالة عدم رضا الكثير من الأمريكيين, الذين لم يقبلوا به رئيسا لهم، وهو نوع من الرفض الصامت في الشارع الأمريكي. وجرى تنصيب ترامب وسط طوق أمني يمتد لمساحة ثمانية كيلومترات مربعة من وسط واشنطن بمشاركة نحو 28 ألفا من قوات الأمن. وكان آلاف المناهضين خرجوا قبيل مراسم التنصيب في مدينة نيويورك وتجمعوا قرب برج ترامب، وشارك في التحرك الاحتجاجي عدد من النشطاء والسياسيين والمشاهير، كما شهدت واشنطن تحركا مماثلا رفع المشاركون فيه لافتات منددة بمواقف الرئيس الجديد، ورددوا هتافات رافضة لوصوله إلى البيت الأبيض. وبعد تنصيبه بساعات, خرجت احتجاجات جديدة ضده, ليس في أمريكا وحدها, وإنما عبر العالم أيضا. وحسب "الجزيرة", شارك بين ثلاثة وخمسة ملايين في الولاياتالمتحدة وعبر العالم في احتجاجات ضخمة ضد ترامب بعد يوم فقط من تنصيبه. وأكد منظمو "مسيرة النساء" أن أكثر من مليون شاركوا في مظاهرات بواشنطن في 21 يناير. ووصفت تقارير صحفية مظاهرات العاصمة الأمريكية بأنها من بين أكبر الاحتجاجات في تاريخها، بينما رفض المتحدث الإعلامي باسم البيت الأبيض شين سبايسر التعليق على أعداد المتظاهرين، مشيرا إلى أن السلطات في واشنطن لا تقدم في العادة أرقاما. وفي نيويورك, احتشد أربعمائة ألف وفق رئيس بلدية المدينة، في حين قدر المنظمون العدد بستمئة ألف. وسجلت مظاهرة أخرى ضخمة في لوس أنجلوس مشاركة نصف مليون شخص، وفق الشرطة. كما تظاهر ما يصل إلى 250 ألفا في شيكاغو بحسب المنظمين، بينما أحصت الشرطة 125 ألفا تقريبا. وبسبب الحشد الكبير تقرر أن لا تسير المظاهرات في الشوارع. وأحصى المنظمون مائتي ألف متظاهر في كل من بوسطن ودنفر، بينما خرج عشرات الآلاف في مسيرات مماثلة في كل من دالاس وسان فرانسيسكو وسانت لويس ودنفر وسياتل وبورتلاند وأوريغون وماديسون وويسكنسن وبسمارك. وفي كل هذه المظاهرات -التي كانت سلمية ولم تسجل فيها أعمال عنف أو اعتقالات- ردد المحتجون هتافات غاضبة من مواقف ترمب تجاه النساء والأقليات، وترددت في بعض المسيرات دعوات لرحيل الرئيس الأمريكي. وتحدث المنظمون عن نحو 670 مظاهرة خرجت أمس عبر العالم، كان من أضخمها المظاهرة التي ضمت عشرات الآلاف في لندن. ونظمت مسيرات متفاوتة الحجم في باريس وبرلين وسيدني وطوكيو وغيرها. وتفادى الرئيس الأمريكي التعليق على خروج أعداد كبيرة من المتظاهرين أمس في واشنطن وفي معظم الولايات الأميركية، بيد أنه هاجم وسائل الإعلام بشأن تغطيتها حفل تنصيبه يوم الجمعة. وقال ترامب في تصريح له خلال زيارته الكاتدرائية الوطنية ومقر وكالة المخابرات المركزية (سي آي ايه ) في واشنطن، إن وسائل الإعلام سعت إلى إظهار أعداد أقل من المشاركين في حفل التنصيب. وأضاف "ألقيت كلمة ونظرت أمامي، كان هناك عدد بدا كما لو كان مليونا وربما مليونا ونصفا.. عرضوا ساحة كأن أحدا لم يكن يقف بها". وكان ترامب اشتبك مرارا مع ممثلي وسائل الإعلام، سواء خلال مؤتمرات صحفية أو في تغريدات على موقع تويتر، واتهم أحد مساعديه بعض وسائل الإعلام بأنها تحاول "نزع شرعيته". ومن جانبها, أعلنت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون دعمها للاحتجاجات، واعتبرت أن المشاركين فيها يدافعون عن القيم الديمقراطية، كما أن وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري شارك في المظاهرات التي ضمت أيضا فنانين أمريكيين.