ذكرت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية أن تعامل إدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب مع الملف النووي الايراني سيكون مختلفا عن سابقه الرئيس باراك أوباما. وأشارت المجلة إلى أنه بالنسبة لصقور السياسة الخارجية، يمكن أن تكون إدارة «ترامب» أكبر فرصة لإعادة تأكيد الولاياتالمتحدة لنفسها في جميع أنحاء العالم، وتصحيح أخطاء عهد «باراك أوباما»، وإعادة تبني دورها كضامن للأمن العالمي. وأكدت أن بعض الأعضاء البارزين في معسكر الواقعية يرون في «دونالد ترامب» الرجل الذي يفهم المخاطر، والعواقب غير المقصودة والاستنزاف المالي الناتج عن النظر إلى المسؤوليات بعيدا عن المصالح الأمنية الأساسية للولايات المتحدة مشيرة إلى أن هناك عدد من المحافظين الجدد في عهد «جورج دبليو بوش»، والذين انزعج بعضهم جدا من فوز «ترامب» قاموا بتوقيع خطاب خلال حملة 2016 يدعون لترك السياسة الخارجية للمتخصصين في مجال السياسات وإبقاء كل شيء بعيدا عن «ترامب». وأوضحت المجلة أن مجموعة كبيرة يشار إليها باسم «صقور إيران» تضم مجموعة من العلماء والناشطين والمفكرين والسياسيين السابقين والنواب في الكونغرس الأميركي الذين اعتقدوا منذ عقود أن طهران هي أخطر تهديد للأمن القومي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط لافتة الى أن مراكز التفكير مثل معهد أميركان إنتربرايز، ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، متحدون ضد إيران النووية، ومؤسسة التراث وبعض أركان مجلس العلاقات الخارجية، ناهيك عن الغالبية العظمى من مجلسي النواب والشيوخ. وهؤلاء عبارة عن مجموعة كبيرة وقوية، مؤثرة ومتنوعة لا تنتظر من «دونالد ترامب» تأدية اليمين الدستورية يوم 20 يناير قبل تقديم بعض النصائح له. وقد كتب كل من السيناتور السابق «جو ليبرمان» و السفير السابق «مارك والاس» في افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست» تحت عنوان: «كيف يجب على ترامب إعادة التفاوض بخصوص صفقة إيران». وقالا أن العنوان في حد ذاته ليس مرفوضا. وقالا إنه يمكننا أن نعترف أن الاتفاق (مثل كل الاتفاقيات الدبلوماسية، بالمناسبة) لديه نصيبه من العيوب والأحكام الضعيفة. وأضافت المجلة أنه قبل كل شيء لابد من القول أن هناك عدم قدرة على التمييز بين الانتهاكات الكبيرة من قبل الإيرانيين في استئناف برنامجهم لتخصيب اليورانيوم بالجملة أو عرقلة أعمال التفتيش الخاصة بوكالة الطاقة الذرية في جميع أنحاء البلاد، وبين المضايقات الطفيفة نسبيا مثل تجاوز الحد الأقصى المفروض على الماء الثقيل. لم تتمكن الولاياتالمتحدة وحلفاؤها من التوصل إلى تفاهم نهائي حول كيفية مراقبة هذه الاختراقات الطفيفة، وهو العجز الذي قدم للإيرانيين القدرة على اختبار حدود الاتفاق وتحديد مدى قوة المجتمع الدولي. ولكن «ليبرمان» و«والاس»، على غرار العديد من المعارضين للاتفاق مع إيران من المتوقع أن يأخذوا توصياتهم خطوة أبعد من اللازم. فهم يرون أن المشكلة مع الاتفاق ليست مجرد حقيقة أن الإيرانيين سوف يحتفظون بالبنية التحتية لتخصيب اليورانيوم لزيادة برامجهم بعد أن تنتهي مدة القيود الأكثر صرامة على الصفقة بعد خمسة عشر عاما، والتفكير في خطر هذا أمر مشروع ولكن الأهم هو أن الإيرانيين يستخدمون الولاياتالمتحدة للاستمرار في رعاية الإرهاب، وقمع الشعب الإيراني، وتحسين برنامج الصواريخ الباليستية في نفس الوقت لأنها تتماثل أيضا مع الاتفاق النووي. يرى هؤلاء إن الولاياتالمتحدة، قد فشلت، وتواصل فشلها في عدم مساءلة طهران عن المجالات الأخرى التي لا تقل أهمية عن الملف النووي. ويقول «ليبرمان» و«والاس» أن هذا ببساطة غير مقبول من قوة عظمى. إن الولاياتالمتحدة مع شركائها الأوروبيين والعرب، «يمكن أن تعالج ما تم إغفاله في الاتفاق النووي من أجل ضمان التوصل إلى اتفاق مع إيران لكبح عدوانها الإقليمي، ورعايتها للإرهاب والقمع الداخلي لحقوق الإنسان. وفي المقابل، يمكن تخفيف العقوبات عن إيران على نطاق واسع، بل وتطبيع العلاقات معها». ضغوط الصقور وبراغماتية الرئيس ماذا ستكون العواقب بالنسبة للإيرانيين في حال رفضوا قبول هذه الصفقة الكبرى؟ الجواب بسيط: تطبيق عدد أكبر من العقوبات الاقتصادية على كل قطاعات الصناعة الإيرانية التي يمكن تخيلها تقريبا، ومعاقبة بعض الشركات التي منحت لهم الإغاثة فترة العقوبات، وحتى دفع الكونغرس لتمرير استخدام القوة العسكرية ضد إيران وإعطاء الضوء الأخضر للإدارة لتوجيه ضربة عسكرية في الوقت الذي تختاره. في حفل أقيم برعاية مؤسسة «متحدون ضد إيران النووية» هذا الشهر، وصف المفكرون والعلماء الاتفاق النووي باعتباره خطئا فادحا وأنه لابد من الاستعداد لمزيد من فواتير العقوبات الإيرانية على أمل أن الرئيس «ترامب» سوف يتعامل مع البرنامج بشكل مختلف. في الواقع، فإن الخط المفضل ل«ترامب» من خلال تتبع مسيرات الحملة الخاصة به يصور الاتفاق كواحد من أسوأ الاتفاقات في تاريخ الولاياتالمتحدة. ولكن هناك أمل أن «ترامب» البراغماتي سوف يتحلى بالبصيرة والذكاء لفصل التوصيات المتطرفة التي صممت فقط لخلق المزيد من العداء بين واشنطنوطهران عن الاقتراحات التي يمكن أن تحسن فعلا متانة ونجاح الاتفاق النووي الإيراني. وبنفس القدر من الأهمية، يأمل المرء أن «ترامب» سيكون لديه القوة للوقوف ضد حزبه في «الكابيتول هيل» عندما يقومون بتمرير حزم العقوبات بدوافع سياسة أكثر منها استراتيجية.