قررت الهيئة العليا لحزب الوفد المعارض ، فيما يشبه الانقلاب على رئيس الحزب الدكتور نعمان جمعة ، إلغاء قرارات رئيس الحزب بشأن تشكيل المكتب التنفيذي للحزب وفصل منير فخري عبد النور نائب رئيس الحزب وعضو الهيئة العليا ، باعتبار أن ذلك يخالف البند الخامس من اللائحة الداخلية التي تشترط تحويل العضو للتحقيق أمام الهيئة العليا قبل إصدار أي قرار تأديبي حياله. وقررت الهيئة كذلك تعيين محمود أباظة نائب رئيس الحزب رئيسا للهيئة البرلمانية للوفد داخل البرلمان بعد أن صوت 35 من أعضاء الهيئة لصالح أباظة فيما حصل غريمه أحمد ناصر المقرب بشدة من نعمان جمعة على 11 صوتا فقط ، وهو ما عده الكثيرون أقسى هزيمة يتعرض لها جمعة منذ خلافته لفؤاد سراج الدين في رئاسة الحزب . وفي السياق ذاته ، قررت الهيئة العليا للحزب تشكيل لجنة برئاسة محمد علوان مساعد رئيس الحزب وعضوية محمد كامل وسعيد الجمل وبهاء أبو شقة لوضع لائحة جديدة للحزب تقلص من سلطات رئيس الحزب وهو الأمر الذي كان جمعة يرفضه باستمرار ، لدرجة أنه تخلص من كل من أيمن نور ومحمد فريد حسانين على خلفية مطالبتهما بتغيير اللائحة الداخلية وإعطاء سلطات أعلى للهيئة العليا للحزب. ولم تقف الهيئة العليا عند هذا الحد ، بل اتخذت قرارا بعقد اجتماع في الاثنين الأول من كل شهر لعرض هذه التعديلات ووضعها أمام الهيئة لتدخل حيز التنفيذ ، كما قررت الهيئة تشكيل مجلس إدارة جديد لصحيفة الوفد اليومية برئاسة رئيس الحزب وعضوية أعضاء المكتب التنفيذي باعتبارها الجهة المختصة برسم السياسات العامة لصحف الحزب طبقا لنص المادة 26 من النظام الداخلي على أن ينضم لعضوية مجلس الإدارة رئيس تحرير الصحفية بصفته. وألغت الهيئة العليا أيضا قرارها الصادر في أغسطس 2003 ، والذي تفوض بموجبه جمعة في فصل أي عضو أو قيادي بالحزب وذلك في حالة تصريحه لوسائل الإعلام أو الفضائيات بتصريحات تضر الحزب. وقد أعتبر كل من محمود أباظة والسيد البدوي شحاتة ومحمد علوان قرارات الهيئة العليا بمثابة انتصار ساحق على جمعة وتقليص لصلاحياته وإجباره على الانصياع لقراراتها ، كما أن هذه القرارات سوف تسهم في إعادة الاعتبار للهيئة العليا بعد أن كان رئيس الحزب قد همشها تماما . وقد سادت أجواء متوترة جنبات حزب الوفد حيث أعطى جمعة تعليمات بإغلاق باب الحزب خصوصا أمام الصحفيين والإعلاميين ، وقد رفض نعمان جمعة الإدلاء بأي تصريحات صحفية وخرج من الاجتماع مباشرة متجها لسيارته . من جانبه ، أكد محمود أباظة نائب رئيس الحزب ، في تصريحات خاصة ل " المصريون " أن اجتماع الهيئة العليا اليوم بمثابة ميلاد جديد لحزب الوفد ، كحزب ليبرالي عريق ، واستعادة لقيمة التعددية التي تربينا عليها كوفديين بعد القرارات الفردية التي كان يتخذها رئيس الحزب. وأشار أباظة إلى أن اجتماع الهيئة العليا كان ضروريا للتصدي للنهج الانفرادي لرئيس الحزب ، فليس من اللائق أبدا أن تستمر سياسة تصفية الوفد من كوادره وأبنائه ونحن صامتون لا نحرك ساكنا ، خصوصا أن هذه السياسة قد أثرت بالسلب على وضع الحزب في الشارع السياسي وظهر هذا جليا في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة. وأوضح أباظة أن اختياره كرئيس للهيئة البرلمانية جاء بصورة ديمقراطية وعبر تأييد الأغلبية في اللجنة العليا للحزب وهي الجهة الوحيدة المخولة إصدار مثل هذه القرارات ، مشددا على أن قرارات الهيئة اليوم بمثابة استعادة لدورها بعد أن حاول رئيس الحزب تهميشها طوال السنوات الأخيرة. ونبه أباظة إلى إصرار الوفديين على تغيير اللائحة الداخلية حتى لو خضنا معارك ضارية باعتبار أن تغيير هذه اللائحة تحرير للحزب من القرارات الانفرادية التي أطاحت بالحزب بعيدا عن قيادة الساحة السياسية في مصر. من جهته ، أعتبر المهندس مجدي سراج الدين زعيم الوفديين الأحرار قرارات الهيئة العليا للوفد بمثابة انقلاب أبيض ضد جمعة ومسمار أول في نعش قيادته للوفد ، مشيرا إلى أن هذه القرارات تؤكد أن جمعة أصبح وحيدا وأن التيار المعارض له أصبح المسيطر على الهيئة العليا. وأضاف سراج الدين أن القرار الأهم الذي اتخذته الهيئة العليا اليوم هو تشكيل لجنة لإعداد لائحة داخلية جديدة للحزب وهو بمثابة هزيمة ساحقة لجمعة الذي قاتل لمدة طويلة لاستمرار اللائحة القديمة التي عززت هيمنته على الحزب. واعتبر عودة منير فخري عبد النور للحزب وانتخاب محمود أباظة رئيسا للهيئة البرلمانية قرارات عادية تعيد الأمور إلى نصابها داخل الحزب. وتوقع سراج الدين أن تكون الأيام القادمة هي أيام نعمان الأخيرة كرئيس لحزب الوفد بعد أن أصبح ضعيفا للغاية معزولا لدرجة أنه لم يعد يتمتع بأغلبية داخل الهيئة العليا المكونة من 60 عضوا رغم أنه قام بتعيين أكثر من 30 من أعضائه.