هاجم عدد من الدبلوماسيين الدنماركيين بشدة رئيس وزرائهم أندرس فوج راسموسن، لرفضه طلبًا من سفراء 11 دولة إسلامية للاجتماع به لمناقشة الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم التي نشرتها صحيفة "جيلاندز بوستن" اليمينية. وفي مقال نشرته عدة صحف فى الدنمارك انتقد 22 دبلوماسيًّا، جميعهم من السفراء السابقين الذين عملوا في دول إسلامية، موقف راسموسن. وقالوا: "إن الحريات الدينية وحرية التعبير هما بين الحريات التي يضمنها الدستور.. لكن استخدام حرياتنا لإهانة أقلية دينية عمدًا ليس من السمات الدنماركية". وبدأت الأزمة عندما نشرت الصحيفة الدنماركية 12 رسمًا كاريكاتوريًّا يوم 20 سبتمبر 2005م تصور الرسول صلى الله عليه وسلم في أشكال مختلفة، وفي أحد الرسوم يظهر مرتديًا عمامة تشبه قنبلة ملفوفة حول رأسه. وأثارت الرسوم موجات من الاحتجاج في الأوساط المسلمة داخل وخارج الدنمارك على حد سواء. ففي أكتوبر اعترض سفراء من الدول الإسلامية وبينها دول عربية، إضافة إلى باكستان وإيران والبوسنة وإندونيسيا في كوبنهاجن على نشر الرسوم في رسالة وجهوها إلى راسموسن، وطالبوا الصحيفة بالاعتذار. كما أكدوا رغبتهم في لقاء رئيس الوزراء الليبرالي لإبلاغه قلقهم حيال ما يعتبرونه "حملات ضد الإسلام والمسلمين في الدنمارك". إلا أن راسموسن قال وفي رد مكتوب: إنه لن يتدخل في تلك المسألة بدعوى أن حرية التعبير هي من أهم أسس الديمقراطية الدنماركية، مضيفًا أن الدبلوماسيين بإمكانهم اتخاذ إجراءات قانونية. كذلك طالب وفد من ممثلي المراكز الإسلامية في الدنمارك بتدخل الأزهر لمواجهة إحجام الحكومة الدنماركية عن اتخاذ موقف ضد نشر هذه الرسوم. كما بدأت الأقلية المسلمة في إرسال وفود إلى الدول العربية والإسلامية للاجتماع بالمسئولين والشخصيات البارزة بهدف حشد الدعم اللازم لتحويل قضية الرسوم إلى قضية حقوقية دولية. ومن جانبهم تمسك محررو صحيفة "جيلاندز بوستن" برسومهم وعارضوا مطلب الدبلوماسيين المسلمين بتقديم اعتذار، مستندين إلى ما وصفوه ب"حرية التعبير". وقال كارستين جوست رئيس تحرير الصحيفة: "نحن نعيش في دولة ديمقراطية، حيث تحظى الرسوم الكاريكاتورية وصور النقد الأخرى بالقبول العام، ويجب ألا يضع الدين حدودًا على ذلك". وأدين "كاي فيلهيلمسين" المعلق بالإذاعة الدنماركية بانتهاك قوانين مكافحة العنصرية؛ بسبب إبدائه ملاحظات معادية للمسلمين، حيث طالب بالقيام "بإبادة جماعية للمسلمين في أوربا". كما تواجه محطة إذاعة "هولجر" المحلية ذات الميول اليمينية المتطرفة احتمال سحب ترخيصها حول قضية تتعلق ببث مواد عنصرية ضد المسلمين. ويعيش بالدنمارك نحو 180 ألف مسلم؛ بما يمثل 3% من إجمالي السكان البالغ عددهم 5.3 ملايين نسمة، ومعظم هؤلاء المسلمين مهاجرون من أصول تركية.