أعلنت تأييدى للشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل فى أكثر من مقال ونشيد وذهبت إلى أسد بن الفرات وجلست بجوار الشيخ معلنًا ذلك للدنيا كلها، أزعم أننى فعلت ذلك ديانة لله، إذ لم أجد مفرًا من أن أنحاز إلى رجل ينحاز إلى المشروع الذى أراه يمثل حلم العودة إلى الخضوع لقانون الله فى الأرض، وهى الضمانة الوحيدة للانعتاق مما نحن فيه، انحزت إلى أبو إسماعيل دون أن أدعى فيه ما ليس فيه، أيدته دون أن أدعى له قداسة أو عصمة، انحزت إليه إيمانًا بالمنهج أكثر من إيمانى بالأشخاص، إيمانًا بأن الله عز وجل ينصر الضعفاء والأتقياء والمساكين إذا اعتصموا بحبله وتمسكوا بدينه مهما كان ما فى أيديهم من أسباب متواضعًا . انحزت إلى أبو إسماعيل، ولكن لم أشيطن المرشحين الآخرين، بل دون أن أذكرهم بسوءٍ ولا سخرية قط، انحزت إليه دون أن أواجه من يرفضه بأى تخوينٍ أو تسفيهٍ أو تجهيلٍ . ترجمت تأييدى إلى أناشيد ومقالات تتحدث عن الرجل دون غلوٍّ ولا تهويلٍ . أكتب هذه المقدمة حتى يعرف من لا يعرف ويتذكر من يعرف ذلك التأييد أننى من المؤمنين بالرجل، لكن أخشى عليه من بعض محبيه أكثر من خشيتى من خصومه . بعض محبى الشيخ أشد ضررًا عليه من خصومه، بعض هؤلاء يتولى عن غير قصد حملة تشويه للشيخ حازم، بعضهم يسىء من حيث أراد أن يحسن، ويفسد من حيث أراد أن يصلح. غلو غير طبيعى من البعض فى الشيخ الكريم، واعتبار أن من لا يؤيده عدو لله ورسوله وللشريعة، أفهم أن تكون وجهة نظرك أن مرشحك هو الأفضل والأولى لكن يجب وجوبًا أن تتذكر أنها وجهة نظرك، وأن هناك احتمالاً أن تكون مخطئًا . بعض مؤيدى الشيخ يتعاملون بمنتهى الغشم والقسوة والفظاظة ليس فقط مع من لا يرى الشيخ مرشحه الرئاسى بل مع من لم يعلن تأييده المطلق، بل مع من يعلن مع بعض التحفظ. أحسب أن هذا السلوك بات زاعقًا جدًا، وربما تحول إلى ظاهرة، وهو ما يهدد بالخصم من رصيد الرجل الذى ومع أننى لا أظنه يرضى عن مثل هذا الطيش، لكن فعليه فى النهاية أن يتبرأ من هذا الغلو إعذارًا إلى الله، أولاً لأنه يقدم باسمه، وثانيًا تنبيهًا لهؤلاء الشباب حتى لا يضروا بفرص الرجل. ليس هذا فحسب بل عليه أن يجد طريقة لتحجيم هؤلاء وإعادتهم إلى الجادة حتى لا يتحولوا إلى الدبة التى قتلت صاحبها . بقى أن أقول إن القسوة مع المخالف إلى حد السب أحيانًا وتتبع الزلات والغيبة صارت منتشرة جدًا بين بعض شباب الإسلاميين خاصة على مواقع التواصل الاجتماعى بصورة باتت تعبر عما يمكن أن يسمى أزمة أخلاق، أو فلنسمها أزمة تناقض، فبينما ينتمى هؤلاء الشباب إلى المنهج الذى يقوم على مرجعية الوحى بما يعنى المعنى الكامل للطهارة وعفة اللسان والإحسان فى مقابل الإساءة، والامتناع الكامل عن الغيبة والخوض فى خصوصيات الخلق وتقديم حسن الظن وعدم الغلو فى الأشخاص ولا تزكيتهم ولا مدحهم، أقول بينما ينتمى هؤلاء الشباب إلى هذه المنظومة الصارمة من الأخلاق شديدة الرقى، فإن بعضهم وللأسف يناقضها قولاً وفعلاً معطيًا الفرصة لخصوم المشروع الإسلامى أن يحول مثالبهم الشخصية إلى سبة فى جبين المشروع ذاته . الحل من وجهة نظرى وحيد وفى منتهى السهولة، فقط المطلوب أن تلتزم بأخلاقيات المنهج الذى تتغنى به صباح مساء.