يبدو أن سنوات العسل بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ونظيره المصري عبد الفتاح السيسى قد انتهت، بعد أن مد الأخير يده إلى عدو "أبو مازن"، محمد دحلان، وهو ما كشفته الزيارات المكوكية المتكررة مؤخرًا لدحلان للقاهرة. جفاء النظام المصري، دفع الرئيس الفلسطيني "أبومازن"؛ للبحث عن بديل للحليف المصري الأبرز والأقوى في المنطقة، فاتجه صوب الباب العالي في تركيا، ونحو قطر، الغريمين التقليديين للنظام المصري الحالي. فخلال اليومين الماضيين، استقبل رئيس البرلمان التركي إسماعيل قهرمان، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مبنى البرلمان بالعاصمة التركية أنقرة. ووجه قهرمان الشكر لعباس على زيارته لمبنى البرلمان، وبدوره وجه الرئيس الفلسطيني الشكر لقهرمان على الترحيب الذي استُقبل به. وأشار عباس إلى التاريخ الطويل للعلاقات بين فلسطينوتركيا، قائلا إن "علاقات فلسطين مع الأتراك تحمل بعدا دينيا، وتحفل بالآمال والتطلعات". وأكد عباس أنه لا يمكن نسيان الدعم الذي قدمته تركيالفلسطين، قائلا إن العلاقات الوثيقة بين البلدين ستستمر في مختلف المجالات. وأشار عباس إلى الضغوطات التي تواجهها تركيا على عدة أصعدة، معربا عن أمله في أن تبقى تركيا قلعة قوية في العالم الإسلامي. وتجول عباس في أقسام مبنى البرلمان، التي تعرضت للقصف خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف يوليو الماضي، وأعرب في تصريحات للصحفيين عن أسفه لما تعرض له مبنى البرلمان. التوجه نحو الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اعتبره مراقبون، "بحث للرئيس الفلسطيني عن معارضين لغريمه دحلان، والذي تبحث مصر الدفع به كخليفة له". ولم يتوقف التقارب بين القاهرة ودحلان، منذ عدة سنوات وتحديدًا منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي في صيف 2013. غير أن الجديد في تقارب السيسي ودحلان هو تقديم نظام الأول تنازلات لحركة حماس (التي تشيطنها أجهزة الإعلام المختلفة في مصر)، في مقابل تمهيد الحركة، خلافة دحلان لأبي مازن. المحلل السياسي، حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، اعتبر أن "زيارة عباس لقطروتركيا، لم تكن نكاية في مصر". ولم يستبعد "نافعة" لجوء عباس لتركيا على أساس خلافها الحالي مع مصر، موضحًا "الرئيس الفلسطيني حاليًا بحاجة لدعم من جهات عدة، وله حرية التوجه لمن يستشعر بأنه لا يرغب غريمه دحلان". وفي حديثه ل"المصريون"، قال "نافعة"، إن "بجانب كون القضية الفلسطينية في مأزق، بدأ يلوح في الأفق البحث عن قيادة فلسطينية جديدة، استنادا لكبر سن عباس وحركة وانهيار لحركة فتح". وذهب نافعة، إلى أن مصر أظهرت دعمًا كبيرًا في الفترة الأخيرة لغريم أبو مازن، محمد دحلان، وهو ما دفع الأول للبحث عن داعم وحليف. "من حق محمد عباس البحث عن حليف"، هكذا رأى محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، موقف الرئيس الفلسطيني من زيارة تركيا. وقال "حسين" ل"المصريون" إن "تعامل مصر مع دحلان لا يعنى اختيارها له كبديل لعباس"، مشيرًا إلى "العلاقات الدولية القوية التي يمتلكها دحلان". وأكد حسين أن "مصر تقدر موقف الدولة الفلسطينية وتحاول دعمها". ويرى سعيد اللاوندى، خبير العلاقات الدولية، أن مصر تعمل من أجل أن تصبح فلسطين دولة مستقلة ذات إرادة دون وصاية من أحد، مشيرًا إلى أن عباس يقف على منطقة محايدة من الجميع. واستبعد اللاوندي، في تصريحات ل"المصريون"، وجود دليل قاطع ومعلومات أكيدة على دعم مصر ل"دحلان"، قائلا: "هى مجرد تكهنات". وأشار اللاوندى إلى أن مصر لا تملك حق الوصاية على أي دولة لتأتى لها برئيس، وفتح معبر رفح لم يكن مؤشرًا لتعاون بين مصر وحماس من أجل عيون دحلان، فعلاقة مصر بمعبر رفح مستمرة منذ زمن طويل بين فترات من الفتح والإغلاق. ونفى سفير دولة فلسطينبالقاهرة جمال الشوبكي، ما يتردد حول وجود خلافات بين الرئيسين الفلسطيني محمود عباس والمصري عبد الفتاح السيسي، مشددًا على أن العلاقات بين الجانبين جيدة ولا يشوبها أي توتر. وقال الشوبكي، في تصريحات صحفية إن هناك أطرافًا تسعى لتخريب العلاقات المصرية الفلسطينية، خاصة في ظل العلاقات الإستراتيجية القائمة بين الجانبين، منوهًا بأن مصر تمثل حاضنة للقضايا العربية بشكل عام وللقضية الفلسطينية بشكل خاص. وأضاف الشوبكي: "الرئيس عباس ومنذ 30 يونيو بدأ يتحرك كوزير خارجية لمصر، ويضع الحدث المصري قبل الفلسطيني لأنه يدرك أهمية مصر، والتي تمثل مصلحة عربية، خاصة في ظل الارتباط الوثيق بين القضية الفلسطينية ومصر"، على حد تعبيره. ونوه السفير الفلسطيني في مصر، بأن السلطات المصرية تؤكد مراراً أنها لن تتعامل مع أي طرف فلسطيني خارج إطار الرئيس محمود عباس ومنظمة التحرير، متابعاً: "الإعلام يبحث عن الإثارة وليس بالضرورة أن يعبر عن الحقائق، كما أن مصر دولة تحمل هم القضية الفلسطينية"، وفق الشوبكي.