الحرية من نعم الله الكبرى على الخلق. فحريتى تجعلنى غير متقيد بزى،هيئة،شكل،طريقة معينة فى التعامل،أدعية وتراتيل تردد بنفس اللفظ فى مواقف متكررة. وأسأل كيف تتحول الحرية الى قيود كثيرة تهجم على , وتقيدنى بدءا من استيقاظى حتى منامى. ما هو ذلك الكم المتسع من الأقوال والأفعال المسماة بالسنن التى لا تترك للفرد موقفا إلا ولها فيه توجيه؟ فيقال لى : هكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فعلى العين والرأس فعل الحبيب.ولكن هل أقيد كل تصرفاتى وحركاتى وسكناتى بفعله الشريف؟ أليس هناك فروق فردية؟ أليس هناك متسع لمخالفة بعض سننه؟ أليس من الافتئات على الحرية الشخصية إلزام المسلمين بفعل ما كان يفعله الحبيب فى أمره كله؟ وقد يجاب ب (من يطع الرسول فقد أطاع الله) و (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) و(وما آتاكم الرسول فخذوه). غيض من فيض من نور التنزيل الآمر بالطاعة والاتباع والاقتداء بالحبيب. ناهيك عن الأحاديث. ودونك البحار فاصنع الفُلك. وقد أزيدك قولا:إن السنة هى الجنة الحصينة لمن تدرعها،والشرعة المنيعة لمن تشرعها،درعها صاف،وظلها ضاف،وبيانها واف،وبرهانها شاف،كافلة بالاستقامة وكافية فى السلامة،وسلم إلى درجات دار المقامة،قدوة المتنسك،وعروة المتمسك. ولكن تصور هذا المثال ليتضح لك المقال: هناك رجل عنده قصر كبير فخم مملوء بالنفائس،و له بوابات كثيرة ومداخل عديدة وأبواب صغيرة فى جوانبه المترامية. وهو مطمع للصوص, فعيّن صاحب القصر حراسا ,وأنشأ أبراجا للمراقبة ,ولما كان القصر بهذه الضخامة, استلزم ذلك عددا هائلا من الحراس .وزاد العدد بسبب ورديات العمل صباحا ومساء, وفوجئ صاحب القصر بهذا العدد الكبير جدا .وبنفس هذه الصورة وذلك التصور., تؤدى السنن النبوية المحيطة بالفرد من الصبح لليل ومن الميلاد للموت دورها فى حراسة التدين,بسلاحين أو مفهومين: الأول (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) ,والثانى (إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه). فالقلب السليم مضغة صالحة تصلح باقى الجسد. والجوارح أى أعضاء الجسد فى عمل دائب يقظ للمحافظة على سلامة القلب. فالقصر وصاحبه هو القلب المراد بالصيانة والحراسة لمنسوب التدين فيه. والبوابات مداخل الشيطان والنفس الأمارة والهوى،وأفراد الأمن هى سنن الحبيب المصطفى وفى الحديث الضعيف(المتمسك بسنتى عند فساد أمتى،له أجر شهيد) فاتباع الحبيب فى كل حالة تدريب للفرد بطريقة منظمة ليحيا باستمرارية فى حالة من الوعى الداخلى واليقظة الشديدة وضبط النفس, فتفعل مثله صلى الله عليه وسلم وتترك مثله،وتكون حياتك اليومية مبنية على مماثلة حياته الشريفة وعقلك حاضر لاستدعاء كيف كان يفعل فى هذا الموقف فتتغلغل فيك شخصية من قال فيه ربه (بالمؤمنين رءوف رحيم) وينفذ إليك نوره فتشرق روحك بسنته. ثم بالله عليك إن لم تقلد رحمة الله للعالمين فأجبنى من تقلد؟