يوجد لدينا فى التراث الشعبى مثلين شهيرين باللغة العامية المصرية العبقرية عن القربة أولهما "اللى بيشيل قربة مخرومة بتخر على دماغة" والثانى " ده بينفخ فى قربة مقطوعة" ويستخدم المثل الأول للتأكيد على أن كل فرد أو كل شعب مسئول عن أفعاله وتصرفاته بينما يستخدم المثل الثانى للدلالة على عبثية العمل أو الجهد المبذول للتغيير من حال إلى حال فى حالات معينة، مسكين رئيس وزراء مصر الحالى والقادم ومسكين رئيس مصر القادم ومساكين أعضاء مجلس الشعب المنتخب حديثا وأعضاء مجلس الشورى الذى يتم انتخابهم الآن وأعضاء المجالس المحلية الذين سينتخبون لاحقا فإن هؤلاء جميعا سيتحولون حطبا للتغيير والإصلاح والإنقاذ، أنا مشفق عليهم جميعا إذا كان لديهم نية صادقة فى العمل الجاد والصادق والمستمر من أجل النهوض بمصرنا الغالية, فالإرث جد ثقيل والقربة ممتلئة بالثقوب وثوب الوطن مهلهل ومهترئ. لا شك أنه تم تجريف مصر فكرًا وعقلا ومالا وعلما وسياسة وأخلاقا خلال العقود الأخيرة ولا يخفى على أحد الأسباب التى أدت إلى هذا وأنا الآن لست بصدد التحدث عن العوامل التى وصلت بنا إلى هذه الحالة، ولكن ما يجب علينا الآن هو أن نجد الآلية للتعامل مع الواقع الفعلى الذى نحياه الآن ويجب أن نجد الوسائل المناسبة لحل المشاكل الشائكة والمعقدة. وللأمانة أقول إن المواطن المصرى الذى يشكل النسيج لصناعة القربة أصابه العطب فأصبحت القربة مخرومة من كل جوانبها وأى محاولة لملئها بالمياه أو النفخ فيها سيبوء بالفشل وسيعيى من يحاول النفخ، ولكنى أراهن على قدرة المواطن المصرى بما لديه من مخزون حضارى وواعز دينى على تجاوز المحنة التى يمر بها وتمر بها مصر. لشديد الأسف كانت القاعدة فى بر مصر المحروسة–ولا تزال حتى وقتنا هذا- هى أن كل مسئول، إلا من رحم ربى، يستغل سلطاته أسوء استغلال للحصول على أكبر كمية ممكنة من المال والامتيازات بالطرق المشروعة و المسروعة وغير المشروعة بدون واعز من ضمير أو دين أو أخلاق أو قانون، إذ إن هؤلاء احترفوا تستيف الأوراق وتجهيز المستندات التى تبرئ ذممهم وتخرجهم من أى مساءلة كما تخرج الشعرة من العجين، وفى كثير من الأحيان، إن لم يكن كلها، يخرجون بفعلهم كى ينعموا بما سلبوا فى الدينا ولكنهم تناسوا حساب الآخرة، وأنا على يقين بأنك عزيزى القارئ لديك العديد من القصص الحقيقية فى مؤسستك التى تؤكد صدق هذه الرؤية ولكنك لا تملك المستندات التى توثق بها صدق روايتك، فكل فاسد فى أى مؤسسة، وما أكثرهم، يمثل ثقب فى قربة مصر المخرومة، وإذا نجح المجلس التشريعى من خلال سن القوانين والرقابة على آداء الحكومة، ونجحت الحكومة فى فرض وتطبيق القوانين على كافة أفراد الشعب المصرى بنفس المعايير، علاوة على الارتقاء بالأخلاق والاهتمام بالتعليم فإننا سنستطيع رتق الثقوب فى قربة مصر كى لا ننفخ فيها وهى مليئة بالثقوب أو نضع بها مشاكلنا وهمومنا فتقع فوق رءوسنا ، دون هذا فإن أى إصلاحات اقتصادية أو سياسية لن تكون كافية للنهضة التى ننشدها، فضياع الأخلاق والعدالة الاجتماعية سيشكل أتون يلتهم كافة القرابين التى تقدم له. نحن فى حاجة إلى إصلاح الخلية الأولية لبناء مصر الحديثة والتى يمثلها المواطن المصرى، وهذا لن يتم بين عشية أو ضحاها ولكنه سيحتاج إلى وقت قد يطول أو يقصر اعتمادا على صدق نوايا من سيحكم وسرعة استجابة الخلية، أعنى المواطن المصرى، للعلاج ورغبته فى هذا العلاج مما يعانى منه الآن. وللحديث بقية إن كان فى الحكم بقية د منتصر دويدار [email protected]