يسعى المرشح الجمهوري الأميركي دونالد ترامب لاستغلال الوعكة الصحية التي تعرضت لها منافسته هيلاري كلينتون، مؤكداً مقولته: "أنا أكثر صحة من هيلاري"، وذلك من خلال ظهوره غداً الخميس 15 سبتمبر 2016 في البرنامج التلفزيوني الشهر "دكتور أوز". لكن المفارقة هنا تكمن في أن الملياردير سيلجأ إلى الدكتور المهاجر المسلم محمد أوز، وهو ما عرضه لانتقادات شديدة من بعض الكتاب بسبب أن أهم ملامح حملته الانتخابية هي كراهية المسلمين والعداء للمهاجرين، وفقاً لمقال نشرته صحيفة The Daily Beast الأميركية لأحد كتابها. وفيما يلي نص المقال كاملاً: إنه الوقت الحاسم في السباق نحو البيت الأبيض، يبدأ التصويت المبكر في ولايات رئيسية مثل أوهايو في غضون أسابيع قليلة. ومع تأخر دونالد ترامب عن هيلاري كلينتون في معظم استطلاعات الرأي الوطنية، يبدو أنه يعتمد الآن على تأكيد مقولة "أنا أكثر صحة من هيلاري" من خلال الظهور يوم الخميس في البرنامج التلفزيوني الشهير "دكتور أوز"، لكي يجيب على أسئلة حول صحته والكشف عن "نظامه الصحي الشخصي". إذا كانت ألانيس موريسيت توافق على إضافة بيت جديد لأغنيتها Ironic أو "مثير للسخرية" فستكون زيارة ترامب لبرنامج "دكتور أوز" أنسب ما يمكن إضافته، ولكن لماذا؟ يعود السبب في ذلك إلى أن الدكتور محمد أوز رجل مسلم، إنها حقاً مفارقة أن يلجأ ترامب الآن إلى مسلم في وقت الحاجة؛ فإظهار ترامب كراهيته للمسلمين كان من أهم ملامح حملته الانتخابية. وها هو ترامب الآن يرهن حملته الانتخابية على رجل ينتمي إلى الدين الذي يدعي ترامب أنه "يكرهنا"، فهل نعتقد أن ترامب عرض الدكتور أوز "للتدقيق الشديد"؟ ربما يسأل ترامب الطبيب إذا ما كان يؤمن بتطبيق "الشريعة" قبل الموافقة على الظهور في برنامجه؟ (بطبيعة الحال، ترامب ليس لديه فكرة عن معنى "الشريعة"، ولكن هذا خارج الموضوع). قبل بضعة أسابيع، قال ترامب لشون هانيتي إن الأميركيين المسلمين هم في الواقع إرهابيون يختبئون من السلطات. (على الرغم من أن هذا أيضا خطأ). هل سأل ترامب الدكتور أوز إذا ما كان سيبلغ عن المسلمين "المخيفين" إلى السلطات، أو أن مثل هذه الأسئلة لا تنطبق على المسلمين الذين يساعدون ترامب؟ بل أكثر من ذلك، د. أوز هو ابن لمهاجرين مسلمين، وهذا النوع من المسلمين الذي سيحظر ترامب وصوله إلى أميركا. وُلد والدا د. أوز في تركيا، وبالنظر إلى أن تركيا تتعامل مع الإرهاب ولها حدود مع الأراضي التي تسيطر عليها داعش، يبدو أنه حتى في ظل الحظر الإسلامي "الجديد والمحسن" الذي طرحه ترامب، سيُمنع والدا د. أوز على الأرجح من دخول أميركا في ظل حكم ترامب. بيد أن نفاق ترامب مع المسلمين ليس شيئاً جديداً؛ ففي الوقت الذي كان ترامب يعلن خلاله عن "منع المسلمين تماماً من دخول الولاياتالمتحدة"، كان يربح من تعامله مع شركائه المسلمين في الشرق الأوسط. وفي الواقع، كان ترامب في دبي مع شريكه حسين سجواني قبل عام واحد فقط من إعلان ترامب حظر دخول المسلمين -وهو الشريك الذي أشاد به ووصفه ب "الصديق الجيد" و"الرجل العظيم"- من أجل الإعلان عن المشروع العقاري الضخم المشترك الذي سيشمل ملعب جولف وقصوراً يبلغ ثمن الواحد منها مليون دولار، والذي سيحمل اسم ترامب. وبينما ينتقد ترامب آل كلينتون لتعاملهم مع المملكة العربية السعودية، ربح ترامب ما يقرب من 5 ملايين دولار من الحكومة السعودية، كما أعلنت ابنته إيفانكا في عام 2014 أنهم "يبحثون عن فرص متعددة في أبوظبي، وقطر، والمملكة العربية السعودية" لبناء فنادق ترامب جديدة. وعلى طرفَي النقيض: يشيطن ترامب المسلمين إذا ساعده ذلك في الحصول على الأصوات الانتخابية، ولكنه يشيد بهم إن كانوا سيجلبون له الربح، أو كما في حالة الدكتور أوز، إن كانوا يساعدون حملته الانتخابية. من المحتمل أن ينكر ترامب أنه كان يعرف أن د. أوز مسلم، بنفس الطريقة التي ادعى بها أنه لم يكن يعلم أن ظهور برنامج لاري كينغ على التلفزيون الروسي كان بتمويل من الكرملين. لكن استفادة ترامب من رجل مسلم مثل د. أوز للمساعدة في حملته الانتخابية ليست مجرد نفاق، إنه أمر يبعث على الأسى؛ إذ إن شيطنة ترامب للمسلمين ليست نابعةً من توجه سياسي محدد، بل إنها أمر شخصي، وخطابه المتهور عن مجتمعنا تسبب في ارتفاع في جرائم الكراهية ضد المسلمين. منذ بضعة أيام، اعتدت إحدى مؤيدات ترامب على امرأتين مسلمتين محجبتين في مدينة نيويورك، وقالت وهي تصرخ وتكيل لهما السباب "اخرجا من أميركا... هذه أميركا، يجب ألا تكونا مختلفتين عنا". وفي الشهر الماضي وحده، قُتل ثلاثة أمريكيين مسلمين في مدينة نيويورك في حادثين منفصلين، وتعتقد الجالية المسلمة أنها ربما تكون جرائم كراهية، فضلاً عن أن العديد من المساجد تعرضت للهجوم، بما في ذلك إضرام النار مساء الأحد الماضي في مسجد كان يرتاده المسلح الذي أطلق النار على ملهى "أورلاندو بالس"، واعتبرته الشرطة حريقاً متعمداً. حتى بعد تفجير عام 2013 الذي استهدف ماراثون بوسطن المروع، والذي أودى بحياة ثلاثة وجرح أكثر من 250، لم نرَ هذا النوع من العنف.
وقد ذكرت وكالة أسوشيتد برس في ذلك الوقت قول قيادات الحقوق المدنية المسلمين إن "رد الفعل المعادي للإسلام هذه المرة كان الأقل حدة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول".والفارق يكمن في أن عام 2013 لم يكن ثمة ترامب يؤجج مشاعر الكراهية ضد المسلمين لتحقيق مكاسب سياسية، ولو كان ذلك يحدث في ذلك الوقت، كنا سنشهد على الأرجح ردة فعل أكثر حدة بكثير. أرجو أن يناقش د. أوز ترامب حول تعصبه ضد المسلمين يوم الخميس، آمل أن يثير مواضيع مثل العنصرية والتعصب والتمييز على أساس الجنس، التي تعتمد عليها حملة ترامب، بدءاً من ادعائه بأن القاضي كورييل "مكسيكي"، مروراً بسخريته من كارلي فيورينا، وكذلك إهانة والدي النقيب خان، الحاصل على النجمة الذهبية، غير أني لا أعتقد أننا سوف نرى ذلك، فهو ليس سوى برنامج ترفيهي، وليس نشرة أخبار (لهذا أستطيع أن أفهم لماذا سيرحب د. أوز باستضافة ترامب). لا نستطيع تحديد نسبة "المثيرين للشفقة" من بين مؤيدي ترامب، ولكن لا شك أن ترامب نفسة "جدير بالازدراء" مائة بالمائة.