يا إخواننا فى سوريا ما نسيناكم، لا سامح الله من عكَّر صفو فرحنا فى مصر، وردَّ الله كيدَ من كاد لمصر، لقد كانت تمر بنا الأحداث الجسام وكنا نتفاعل معها، كانت تقيمنا ولا تقعدنا، كنا نلهج فيها بالدعاء، ونحرك الشارع، ونستنفر الهمم، ونستدعى على الظالمين القدر، فى جوف الليل كان قيامنا، وبين يدى مولانا كان وما زال وقوفنا، تسيل الدماء فى سوريا وقد شغلتنا قضايانا، وأجهدنا عبث المتآمرين على ثورتنا، فى كل يوم مؤامرة هنا، وقصة هناك، هناك أناس منتفعون لا محالة من تأخير التمكين لثورتنا، لقد نسينا فى تخم الأحداث إخواننا فى سوريا، تركناهم لقمة سائغة لجزار لا يرحم، ولمصاص دماء لا يفرِّق بين صغير أو كبير، قال البرلمان مقاطعاً البرلمان السورى ولكن هذا لا يكفى، إننا نحتاج لهبة شعبية من أجل إخواننا فى سوريا، نريد أن يتحرك العالم ليوقف حمَّامَ الدم، لقد حال نظام المخلوع عبر سنوات طويلة بين مصر وبين شقيقاتها، فعزلنا عن الريادة، وجنبنا القيادة، ومزَّقَ أواصر الشعوب، ففترت العلاقات وانعكست إلى حد كبير على الأفراد، كنا إذا حميس الوطيس انتفضنا رغم التضييق الأمنى، لم يكن يحول بيننا وبين أن نناصر قضايا المسلمين حائل، ولم تكن تقعسنا المحاكمات، ولا الاعتقالات، ولم تكن ترهبنا قبضة الأمن، صدعنا بالحق يوم كان ذلك جريمة، أمَّا اليوم وقد زال الطاغية فمن الأولى أن يكون صوتنا أعلى، وأن تكون إراداتنا أقوى، وأن يكون وقوفنا إلى جانب إخواننا أكثر تأثيراً، نريد لإخواننا أن يستشعروا وقوفنا معهم، لقد سطرت الثورة المصرية صفحة جديدة فى التاريخ العربى، ونريد لها أن تسطر صفحة أخرى فى مجال العلاقات مع الشعوب لأن علاقات الشعوب أبقى وأدوم، أين اللُّحمَة بيننا وبينهم؟ هل شغلتنا قضايانا؟ إن الوضع المتأزم فى سوريا يلقى بظلاله على الشعوب العربية التى ارتضت أن تقف موقف المتفرج والمتابع عن بعد لا عن كثب، بينما الشعب يذبح بلا رحمة فى ظل نظام يضغط بورقة الأقليات العرقية تارة والطائفية تارة أخرى، لم نعد نسمع سوى أزيز القصف، ولم نعد نرى سوى شلالات من الدماء تسيل هنا وهناك، ولم يعد يحركنا على استحياء سوى استغاثات المحاصرين ولا مجيب، إنَّ سوريا تمر بمرحلة عصيبة وحرجة تحتاج لحشد الرأى العام والعالمى الذى مازال شجبه مهيناً وتحركه بطيئاً ولعلَّ السبب معلوم أن المغنم ليس فى سوريا كما كان الحال فى ليبيا، كما أن التدخل يعنى العبث بالخارطة العربية فى المنطقة، لابد من فضح جرائم السفاح فى سوريا وهذا دور الإعلام ليمثل ورقة ضغط على النظام الذى فقد شرعيته بخروج الشعب عليه، لابد من سحب السفراء، والتلويح بقطع العلاقات الدبلوماسية، ومحاولة حصار هذا النظام حتى يرضخ فلا مجال لمن لا يريده شعبه وليخرج قبل أن تدور الدائرة عليه فأغلب الظن أن الثائرين فى سوريا قد قالوا كلمتهم وقد أخذوا قرارهم، وعزموا أمرهم على أن يتحرروا، فليعلو صوتنا رغم أنه مبحوح جراء ما يدور فى مصر، ولتتحرك الجامعة العربية فى خطوات جادة وحاسمة لعل ذلك يشعر المحاصرين والراضخين تحت القصف بأن إخوة الدين والعروبة مازالت قائمة، إنَّ ضغط الشعوب على حكامها هو أقوى ورقة يمكن أن تخدم القضية وخاصة بعد مرور الربيع العربى بالكثير من الأقطار العربية، وهذا وحده كفيل بالتحرك الجاد وفى الاتجاه الصحيح، كما أنه على المستوى الفردى ليس أقل من أن نذكرهم فى دعائنا، ليس أقل من أن نبتهل إلى الله ليرفع عنهم الغمة ويحقن دماءهم وألا يضيع الدماء التى سالت هدراً ولا هباءً.