كشفت صحيفة حرييت ديلى نيوز التركية عن التفاصيل السرية التي أدت إلى عودة العلاقات بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين . وأشارت الصحيفة التركية إلى إن الأزمة كانت قد وصلت لنهايتها وتم فتح الطريق لتطبيع العلاقات من جديد، بعد بيان صادر عن الكرملين يوم 27 يونيو بإدانة محاولة الانقلاب الفاشل على أردوغان، والذي أعقبه ترتيب زيارة «أردوغان» لروسيا. وكان«بوتين» قد دعا جميع رؤساء البلدان الأعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي للتضامن مع «أردوغان» بعد محاولة انقلاب 15 يوليو. وشكر «أردوغان» رئيس كازاخستان «نور سلطان نزارباييف»، الذي كان أول رئيس أظهر التضامن بعد محاولة الانقلاب، على الدعم في الذي قدمه في حل الأزمة مع روسيا خلال مؤتمر صحفي عقد في أنقرة في 5 أغسطس. وألمحت الصحيفة إلى إن الصحفيون لم يهتموا بهذا التصريح، ولم يتوقفوا عند القصة التي لم ترو حول الدبلوماسية السرية التي أنهت الأزمة. ونقلت الصحيفة التركية عن «إبراهيم كالين»، المتحدث باسم «أردوغان» بأن رجل الأعمال «جافيت تشالار» قد لعب دورا هاما للغاية في حل الأزمة، فضلا عن «نور سلطان نزارباييف»، الذي أظهر صداقة كبيرة لتركياوهناك المبادرة الوطنية من الجنرال «خلوصي» أكار رئيس هيئة الأركان العامة لم ينكر «تشالار» القصة لكنه لم يعط مزيدا من التفاصيل. وقال «تشالار» لصحيفة «حرييت»: «لا يوجد اي شيء يمكن أن يقوله سوى ما قاله السيد كالين، الذي يمثل الدولة»، مؤكدا أنه «لا يمكن أن يعطي أي تفاصيل». ووفقا لمصادر دبلوماسية وأمنية رفيعة المستوى طلبت عدم الكشف عن هويتها، فإن الدبلوماسية السرية لإنهاء الأزمة التركية الروسية تكشفت على النحو التالي: قال «أكار» أواخر أبريل ل«أردوغان» أنه قد تكون هناك قناة يمكن استخدامها لحل الأزمة. وقال ل«أردوغان» إن «جافيت تشالار»، وهو مستثمر في الغزل والنسيج، كان يعمل في داغستان. ولديه خبرة في السياسة منذ التسعينيات، حيث تولى منصب وزير دولة في حكومة «سليمان ديميريل» وله علاقة مع الرئيس الداغستاني، «رمضان عبد اللطيفوف»، منذ تلك الأوقات. يتمتع «عبد اللطيفوف» بعلاقة جيدة مع كبير مستشاري «بوتين»، «يوري أوشاكوف». يعرف الرجلان بعضهما البعض جيدا منذ ذلك الحين. وقال «أكار» ل«أردوغان» أن «تشالار» كان مفيدا للدولة كوزير وكرجل أعمال من قبل لافتا إلى إن تشالار قد لعب دور القناة بين أنقرة و«حيدر علييف» في أذربيجان في منتصف التسعينيات، كما أنه قام بمنح طائرة خاصة لفريق منظمة الاستخبارات الوطنية (MIT) للسفر إلى كينيا في عام 1999 لإلقاء القبض على زعيم حزب العمال الكردستاني «عبد الله أوجلان»، في عملية مشتركة مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. وقال «أكار» ل«أردوغان» أن «تشالار» واجه مشاكل مالية في عام 2000 اضطرته للوقوف أمام المحكمة، ولكنه يمكن الاعتماد عليه في عمليات الدولة. بعد لقائه مع «تشالار» في إسطنبول في 30 إبريل ، أعطى «أردوغان» الضوء الأخضر للعملية. وظف «أردوغان» الرجل باعتباره الشخص الذي يمكنه تولي مهمة الاتصال لتطبيع العلاقات مع روسيا، وإيصال مسودة الرسائل من «أردوغان» إلى «بوتين»، وعبر الدبلوماسية المكوكية بين أنقرة و موسكو، تم تحرير محتوى الرسائل بين الطرفين عدة مرات خلال شهر مايو ، وأوائل شهر يونيو. وفي يوم 22 يونيو ، أرسل سفير كازاخستان إلى أنقرة مذكرة عاجلة إلى «كالين» تفيد بأن «نزارباييف» التقى مع «بوتين» في سانت بطرسبرج. وقال إن «أردوغان» مستعد لإرسال رسالة إذا كان «بوتين» على استعداد لقبول ذلك. كان «أردوغان» مستعدا لإرسال رسالة دون أن تحمل مضمون الاعتذار. وقال: «هل يتوجب أن اعتذر للدفاع عن حدود البلاد؟». يوم 23 يونيو ، وقبل حفل إفطار رمضاني، أرسل «كالين» مرة أخرى مذكرة «عاجلة» إلى سفير كازاخستان. وكان «نزارباييف» قد هبط في طشقند عاصمة أوزبكستان، لحضور قمة شنغهاي للتعاون، وسوف يجتمع مع «بوتين» في صباح اليوم التالي قبل نهاية القمة، وكانت تلك فرصة قد تساعد إنهاء الأزمة. في هذه الأثناء كان «كالين» يعمل مع مترجمي اللغة الروسية ودبلوماسيين من السفارة الكازاخية في أنقرة، حيث تمكنوا من التوافق على الكلمة الروسية «izvinit» التي تعد أقوى من الأسف وأقل من الاعتذار. وقع «أردوغان» الرسالة وطلب أن ترسل على الفور. استقل «كالين» طائرة من أنقرة الساعة 3:00 صباح يوم 24 يونيو. وكانت المحطة الأولى هي إسطنبول. أقلعت الطائرة من إسطنبول في حوالي الساعة 4:30 ولكنها واجهت خطر عدم وجود أي إذن للهبوط من جورجياأوأذربيجانوتركمانستان وأوزبكستان. بدأت وزارة الخارجية بمخاطبة تلك العواصم عبر رسائل الواتسآب على متن الطائرة الرئاسية. وكانوا قادرين على الحصول على إذن من جورجيا قبل 20 دقيقة فقط من دخول مجالها الجوي. جاء الإذن من أذربيجان بينما كانت الطائرة تحلق فوق جورجيا، ولم يكن هناك رد من أوزبكستان التي أغلقت مجالها الجوي لأسباب أمنية تتعلق بقمة شنغهاي. عرض «نزارباييف»، إرسال طائرة هليكوبتر رئاسية للانتظار بالقرب من الحدود الأوزبكية لنقلهم إلى طشقند، ولكن وقود الطائرة التي تحلق فوق تركمانستان كان على وشك النفاد. وقد تم حل الأمر من قبل الرئيس الأوزبكي «إسلام كريموف» بعد طلب الإذن من قبل «نزارباييف» لزواره الأتراك، حيث وافق «كريموف» على ذلك. هبطت الطائرة التي تحمل «كالين» في طشقند. وكان «نزارباييف» ينتظرهم حيث تم اقتيادهم إلى قاعة اجتماعات في الطابق العلوي. طلب «نزارباييف» النسخة الروسية من الرسالة، وقام بقراءتها بعناية، وقال: «هذا أمر جيد». وهنا علم الأتراك فقط أن «بوتين» والوفد المرافق له كانوا في الغرفة المجاورة. بعد أخذ الرسالة إلى «بوتين»، عاد «أوشاكوف» إلى الوفد التركي، وقال إن «بوتين» وافق عليها على الرغم من أنها أقرب إلى الموقف التركي «بسبب استخدام كلمات جديدة وجدت لتحل محل الاعتذار». وتم الاتفاق بين «كالين» و«أوشاكوف» أن البيان سيصدر في يوم 27 يونيو في موسكو. وأبقى الروس على وعودهم وتم تقديم البيان في الوقت المحدد، قد أفاد البيان الذي أدلى به يوم 26 يونيو القول بأن المحادثات النهائية في روما لتطبيع العلاقات انتهت بنجاح. وقد تم اتخاذ خطوتين مهمتين في يومين متتاليين لتطبيع علاقات تركيا مع دول الجوار، رغم أن تركيا لم تكن تعلم أنها كانت على موعد مع محاولة انقلاب عسكري بعد أسبوعين فقط في 15 يوليو. يذكر أن الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» قد التقى فى روسيا ،أمس الثلاثاء، للقاء الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" في سانت بطرسبورغ في أول رحلة للخارج منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو. وجدير بالذكر أيضا أن زيارة "أردوغان" تعد هي الأولى بعد فترة مقاطعة مع روسيا وكان للأزمة في المجال السياسي آثارها المترتبة على الساحة الاقتصادية، حيث عانت صناعة السياحة في تركيا من ضربة كبيرة تزامنت مع هجمات انتحارية من قبل حزب العمال الكردستاني (PKK) وتنظيم الدولة الإسلامية كذلك انخفضت أيضا صادرات الأغذية التركية إلى روسيا. كما بدأت الشركات التركية الكبرى التي تشارك في قطاعات السياحة والبناء وتجارة التجزئة في روسيا تواجه صعوبات خطيرة.