رئيس جامعة الأزهر الأسبق ل"المصريون": تطبيق "الخطبة المكتوبة" تجنيد لأئمة المساجد.. ويقلل من شأن الأزهر وعلمائه أطالب بتشكيل لجنة لمراقبة الخطباء.. ومساواة الأئمة بالقضاة
رفض الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، قرار وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، بشأن إلزام خطباء الوزارة بصياغة موحدة لخطب الجمعة وتعميمها مكتوبة، معتبرًا ذلك تجنيدًا للأئمة فى المساجد وتحجيمًا لقدراتهم الإبداعية. وأعلنت وزارة الأوقاف، تشكيل لجنة علمية لإعداد وصياغة خطب الجمعة بما يتفق مع روح العصر من قضايا إيمانية وأخلاقية وإنسانية وحياتية وواقعية وتعميمها مكتوبة، مبررة ذلك بأن بعض الخطباء لا يملكون أنفسهم على المنبر. وكشف "هاشم"، فى حواره ل"المصريون"، خطر تطبيق "الخطبة المكتوبة" على علماء الأزهر والأوقاف، مؤكدًا رفض هيئة العلماء للقرار باعتبارها إهانة لأكبر هيئة علمية فى العالم الإسلامي، مشددًا على ضرورة إلغاء القرار مع تخصيص لجنة لمتابعة أداء الخطباء داخل المساجد فى مختلف محافظات الجمهورية، مطالبًا بزيادة رواتب الأئمة ومساواتهم برجال القضاء. وإلى نص الحوار.. ما رأيك فى قرار إلزام أئمة المساجد ب"الخطبة المكتوبة"؟ أرفض القرار شكلًا وموضوعًا، لأنه يعد تجنيدًا لأئمة المساجد وتحجيمًا للخطاب الديني، لأنه يجفف روافد الإبداع ويقلص ملكات الخطباء ويحجم من أداء الخطباء والدعاة الذين يبحثون عن التجديد والإبداع. ما سلبيات الخطبة المكتوبة.. من وجهة نظرك؟ الخطبة المكتوبة فى حال الالتزام بها، لا تحتاج إلى إمام موظف بالأوقاف يعرف أحكام القرآن وتفسيره وقواعد الحديث وأحكامه، فهى لا تفرق بين عالم أزهرى وأى فرد من عامة الشعب، لأنه سينقل ما هو مكتوب بالنص كحامل رسالة محددة لا يتطلب منه غير المعرفة بقواعد القراءة والكتابة فقط، دون إبداع أو ارتجال، فتطبيق القرار يعنى عدم الحاجة إلى مسابقات الأئمة بالأوقاف. لماذا أُعلن عن تطبيق القرار فى الوقت الحالي؟ أعلن وزير الأوقاف، محمد مختار جمعة، أن تطبيق القرار فى الوقت الحالى يرجع إلى أن بعض الأئمة يتوسعون فى وقت الخطبة، كما أن هناك من يخرج عن موضوعها، فضلاً عن أن بعض الخطباء لهم انتماءات حزبية فيوظفون الخطبة من أجل أغراض سياسية، ولكن من وجهة نظرى أرى أن هذه المعالجة خطأ كبير. من وجهة نظرك.. كيف تعالج الأمور الدعوية داخل المساجد؟ علاج مثل هذه الأمور لا يكون بوضع الخطبة المكتوبة الملزمة للجميع حتى تصبح فرض عين، ولكن يكون بتوجيه الخطباء توجيهًا سليمًا وصحيحًا، وألا تزيد الخطبة عن 20 دقيقة، وأن يتم التنبيه عليهم بعدم الخروج عن مضمون الخطبة المتفق عليها أو التى طالبت بها الوزارة، فضلا عن التحقق من انتماء جميع الأئمة داخل المساجد بطرق عدة، ومن يثبت خروجه عن المتفق عليه، يتم استبعاده على الفور بشكل نهائي، لأن توظيف الانتماء الحزبى فى الخطابة أزمة كبيرة لأنها توجه الرأى العام عن طريق الاستعانة بالدين، كما يجب عمل لجنة لمتابعة الأئمة وأدائهم فمن يخرج عن الخطبة يحقق معه. ما المشكلات الحقيقة للخطبة الملزمة المكتوبة؟ الأزمة فى أنها تبتعد عن المشكلات الاجتماعية والواقع الحقيقى الذى يمس السواد الأعظم من الشعب المصري، لأن الخطباء يتعاونون فى تقديم النصح والإرشاد لأهالى القرى الفقيرة وأصحاب المشاكل عن طريق زيادة الوازع الدينى والصبر على البلاء، لأن الخطيب لديه حصيلة علمية كبيرة وقدرة على توظيفها حسب مجريات الأحداث والأمور، لأنه ينقل رسالة النبى محمد صلى الله عليه وسلم. من يتولى كتابة الخطبة النصية؟ الخطبة المكتوبة يكتبها إما موظفو الأوقاف أو أئمة الوزارة وهذا أمر بديهى ومعروف، وبالتالى فإن مَن سيكتبها يوجد أعلم منه وهم أئمة العلماء فهناك فوق كل ذى علم عليم. ماذا تقول لوزير الأوقاف؟ أرجو منه عدم تنفيذ قرار "الخطبة المكتوبة"، إلا فى حالة واحدة، وهى عدم قدرة الخطيب على الإبداع والتجديد كالخطباء المبتدئين، فالخطبة المكتوبة تقلل من قدر الإمام ومكانته العلمية. هل سيقرأ كبار العلماء من ورقة الأوقاف؟ العلماء الأكفاء لا يجوز أن يقرأوا من ورقة مكتوبة فهم أهل العلم لأنهم على دراية بالأحكام الدينية وعلوم الحديث ولهم باع طويل فى التعليم والخطابة، حيث تخرج على أيديهم أساتذة أجلاء، فضلاً عن مؤلفاتهم الواسعة التى يستعين بها طلبة العلم فى مختلف أرجاء العالم الإسلامي، فقرار تطبيقها على العلماء يعد تقليلًا من شأن الأزهر ورجاله. هل ستواصل الخطابة فى حال تطبيق القرار؟ لن أصعد المنبر فى حال تطبيق الخطبة المكتوبة. بماذا تنصح الأئمة والدعاة؟ أنصح كل خطيب بأن يكون على أهبة الاستعداد لأداء خطبته على أكمل وجه حتى لا يقال إنه يحتاج أن يلتزم بنص مكتوب، فضلاً عن الاهتمام بمظهره وثقافته طوال الوقت لأنه صورة للإسلام وحامل لواءه، وأن يبتعد عن الأمور الخلافية وأن يجعل خطبته من واقع الدين الإسلامي. رسالتك للدولة فى التعامل مع الدعاة؟ أطالب الدولة برفع كادر الخطباء والأئمة ومساواتهم برجال القضاء؛ لأنهم علماء يقفون موقف الرسول صلى الله عليه وسلم، كما أطالب بمضاعفة رواتبهم، لأن رواتبهم لا تليق بهم ولا تكفيهم، ولا بد من العمل على رفع درجاتهم العلمية. لمن تجوز الخطبة المكتوبة؟ الخطبة المكتوبة تجوز لمن كان حديث العهد بالخطابة ولا يستطيع أن يتحكم فى توظيف معلوماته فى صالح مضمون الخطبة. هل هناك أهداف من تطبيق القرار؟ من الممكن أن يكون وراء هذا القرار تهيئة لبعض الذين تخرجوا حديثا ويحتاجون إلى مثل هذا، أما الخطباء أصحاب الكفاءة والقدرة والأداء المتميز الذى يحتاج إلى اتزان الكلمة المعدة المجهزة المدعمة بالأدلة والحديث فلا شك أن الأداء بعيد عن الخطبة المكتوبة يكون أقوى فى التأثير وأعظم فى نفوس المستمعين.