الصحافة فى بلادنا.. طيبة جداً خاصة فيما يتعلق بأخبار المونديال بعيدا عن الكرة ومبارياتها ونجومها.. وتدفعها هذه الطيبة إلى تصديق كل ما تبثه وكالات الأنباء فيما يتعلق بالمونديال.. وأنا أفضل صفة الطيبة عن صفة أخرى قد نضطر كلنا إليها لو تحدثنا عن سوء تفسير أو سوء فهم أو سوء ترجمة.. ولهذا بات من الممكن أن تجد صحافة مصر فى يوم تتحدث عن المونديال الذى سرق الرجال من بيوتهم ومن زوجاتهم، وأن الرجال طيلة شهر المونديال لا يفكرون إلا فى كرة القدم بل ويفضلون الكرة عن العمل أو الكلام أو السفر أو الإجازة أو حتى عن الجنس.. ثم تجد نفس الصحافة فى يوم آخر تتحدث عن معدلات الدعارة التى تتضاعف طيلة أيام المونديال سواء فى جنوب أفريقيا أو مختلف بلدان العالم.. ولا أحد يتوقف ليطلب تفسيرا لهذا التناقض.. وكيف يسرق المونديال من الرجال رجولتهم ومشاعرهم وحياتهم العادية واهتمامهم بزوجاتهم.. بينما ينشط فى نفس الوقت سوق بائعات الهوى ويتضاعف عدد الباحثين عن المتعة والغرام.. ولا يعنينى من ذلك كله إلا التوقف أمام المونديال ونون النسوة.. سواء كانت نون زوجات غاضبات أو بنات عاشقات للكرة أو موظفات فى الفيفا واللجنة المنظمة والصحافة ومع المنتخبات والشركات أو بائعات للمتعة والهوى.. فمن المؤكد أن كل القواعد تغيرت على أرض الواقع بينما الصحافة فى مصر لاتزال طيبة.. وصحافة العالم ووكالات أنبائه لاتزال محكومة بأفكارها القديمة عن النساء فيما يتعلق بكرة القدم.. نفس القضايا والحكايات والمحاور .. فبعد أن ثبت زيف ما حكاه الإعلام العالمى منذ أربع سنوات عن أربعين ألف عاهرة جديدة استضافتهن ألمانيا فى مونديالها.. عاد نفس الإعلام يتحدث من جديد عن عاهرات جدد فى جنوب أفريقيا.. لا أحد يراجع أو يفتش أو يخجل أو يسأل عن الحقيقة.. لا أحد يتغير أيضا.. فلم يعد صحيحاً أن نساء العالم يكرهن الكرة ومونديالها.. وأن كل الزوجات فى العالم غاضبات ومهجورات.. فهناك الزوجة التى تستمتع بالمونديال ربما أكثر من الزوج أو الابن.. وهناك الفتاة التى تتابع ما يجرى فى المونديال أعمق وأفضل من كثير من الرجال.. حتى قواعد اصطحاب لاعبى المنتخبات لزوجاتهم وصديقاتهم تغيرت كثيرا وجدا.. فكابيلو رفض سفر الزوجات مع لاعبى إنجلترا.. ومارادونا الأرجنتين لم يمانع .. ودونجا البرازيل لم يسمح.. ودومينيك فرنسا وافق وتحمس.. فلم تعد هناك قاعدة عامة يجب أن يخضع لها ويلتزم بها الجميع.. فلكل حالة خصوصيتها وظروفها.. وقد حكى بيلاردو مدرب الأرجنتين الأسبق لى شخصياً فى بوينس أيريس أنه كان يسمح لكانيجيا باستقبال صديقات فى غرفته أثناء المونديال باستثناء ليالى المباريات لأنه لن يتألق إلا بذلك بينما كان مارادونا على النقيض تماما .. وكنت الصحفى الوحيد الذى شهد شجارا عنيفا بين تييرى هنرى وصديقته الإنجليزية التى رافقته فى المونديال الآسيوى لأنها طلبت منه كثيرا الخروج ونزول البحر بدلا من تركها مهملة وحبيسة غرفة الفندق طول الليل والنهار بينما كانت الزوجات الآخريات سعيدات للغاية لمجرد التواجد فى هذا الحدث العالمى.. وفى النهاية لا أملك إلا أن أدعو الجميع لمراجعة كل حساباتهم وأحكامهم وأفكارهم القديمة.. فكل شىء فى حياتنا يتغير أو ربما تبقى مصر هى الاستثناء الوحيد. [email protected]