كان تعيين أول وزير متفرغ لشؤون البيئة بمجلس الوزراء بمصر فى عام 1997، وذلك بهدف وضع الرؤية والخطوط العريضة للسياسات البيئية فى مصر، وكذلك رسم خطط العمل البيئى فى ضوء التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتحديات التى تواجهها على طريق التنمية المتواصلة، ولعل النهوض بالثقافة البيئية يعتبر حجر الزاوية فى أى عملية تطوير أو تنمية اقتصادية أو مجتمعية تهدف إليها مصر فى مسيرتها نحو الارتقاء بالسلوك الحضارى للمجتمع. أكتب اليوم، وكنا قد احتفلنا باليوم العالمى للبيئة فى الخامس من يونيو الذى يجىء، هذا العام، تحت شعار «أنواع كثيرة كوكب واحد مستقبل واحد»، وهو الحدث الذى سعت وزارة الدولة لشؤون البيئة إلى إحيائه بالعديد من الأنشطة المجتمعية التى تهدف إلى توعية المجتمع بمشكلات البيئة التى تعتبر العامل المشترك الذى بدونه لن تنجح كل مساعى الوزارة الساعية لخلق بيئة صحية ومثلى فى هذا الوطن. إن مصر، التى عانت طويلا من مشكلات البيئة بسبب عدم منح هذا المحور الحيوى الاهتمام اللازم فى مرحلة ما لأسباب كانت تراها أكثر أهمية وأولى بالرعاية تارة ولعدم وجود سياسة واضحة للحفاظ على البيئة وتوعية سكانها من المشكلات الناجمة عن تعدادهم الذى ناهز الثمانين مليونا تارة، مع نسبة أمية بيئية لا يمكن تجاهلها، خصوصا فى المناطق الريفية والعشوائية بالحضر، تارة أخرى، أصبحت تدرك أن مستقبل أى تنمية بنيوية أو اقتصادية بمصر لابد وأن ينبع أساسا من إدراك الناس أهمية الحفاظ على البيئة كمقوم أساسى لأى نهضة حضارية. ومما لا شك فيه أن المشكلات التى تواجهها وزارة الدولة لشؤون البيئة فى مصر هى من الضخامة بمكان يجعل الدور الديناميكى الذى يؤديه السيد المهندس ماجد جورج وفريق العمل الفنى المثابر التابع له والذى يضم جهاز شؤون البيئة ومكاتبه المنتشرة فى كل أنحاء الجمهورية والساعى لإنقاذ بيئة مصر من تبعات التلوث بمثابة الجندى المجهول الذى يساند ويظاهر أى نشاط اقتصادى أو سياحى أو زراعى فى البلاد، فمشكلات بحجم الحرق الموسمى لقش الأرز، التخلص من المخلفات العضوية وغيرها، إعادة تدوير المخلفات، نواتج العمليات الصناعية من مصانع أسمنت وأسمدة وخلافه، مخلفات الصرف الصناعى على مجارى المياه، وغير ذلك مما هو على هذه الشاكلة ليست وليدة اليوم أو السنة الماضية بل هى نتاج تراكم مشكلات وتوابع لسلوكيات غير سوية اكتسبها الناس على مدى سنوات طويلة... هذا يجعل الدور التوعوى الذى تقوم به الوزارة، فضلا عن إدراكها أهمية القضاء على أسباب هذه المشكلات والحيلولة دون نشوء مزيد منها، حيويا للدرجة التى لا يمكن معها أن تقوم أنشطة مهمة ومحورية فى هذا البلد بدونه، ومن هنا كان اهتمام الوزارة الهادف لتحفيز صناعات إعادة التدوير ووضع تقنيات التعامل مع المخلفات وراء منح هذه المشروعات الأولوية القصوى مع منحها كل سبل الدعم والمساعدة والتشجيع باعتبارها النشاط المكمل لمنظومة الثقافة البيئية الناشئة فى مصر، وفى هذا المقام، أود أن أؤكد أن دور المحليات والأجهزة التابعة لها لا يمكن إغفاله إذا ما أردنا لهذا العمل أن يحقق النجاح. أعزائى القراء.. مهما تحدثنا عن البيئة والدور الذى تلعبه الحكومة لسن القوانين الهادفة لحمايتها، فإن كل ذلك أشبه بالحرث فى الماء ما لم تكن أنت أيها المواطن الحريص على حماية البيئة المحيطة بك، فكل سياسات ونظم العالم المهتمة بالحفاظ على البيئة لن تجدى لو طبقت بدونك أنت. أريد أن أنتهز هذه الفرصة لأحيى وزارة الدولة لشؤون البيئة وجنودها المجهولين - كل فى موقعه - بمناسبة الاحتفال باليوم العالمى للبيئة وأدعوهم لمواصلة الجهد كى تكون مصر بلدا نظيفا يليق بهذا الشعب أن يعيش فيه. *عضو لجنة العلاقات الخارجية بالحزب الوطنى الديمقراطى أمين عام جمعية محبى مصر السلام [email protected]