بين «سباق الموت» و«حرب الوحوش» وغيرهما من ألعاب الإثارة الإلكترونية يقضى الطفل وقته داخل «سايبر الإنترنت» الذى يتخذه معسكراً وسجناً اختيارياً طوال فترة الإجازة الصيفية على وجه الخصوص.. الخطير فى الأمر هو عدم معرفة الأبوين بطبيعة «السايبر» ونوعية الألعاب التى يقبل عليها الطفل هناك لدرجة إدمانها أو الأطفال الذين يتعرف عليهم.. وبالتالى فإنها تفاجأ بتغير فى طباعه وعاداته ولا تستطيع تحديد مسببات هذه التغيرات. وتقول دكتورة أسماء الجابرى، أستاذ علم نفس الطفولة بجامعة عين شمس: يعتقد كثيرون فى فائدة هذه الألعاب من منطلق أنها تنمى ذكاء الطفل وتفرغ الطاقة العدوانية المخزونة لديه.. وهذا أمر حقيقى إلا أن له جانباً آخر سلبياً يتمثل فى هروب الطفل من الواقع ليكبر دون أن يتعلم مواجهة مشكلاته أو التعامل معها بسبب هروبه الدائم للعالم الافتراضى الذى ينتصر فيه، وهو ما قد يؤدى لتداعيات أكبر كأن يصبح إنساناً سلبياً حاقداً أو حتى اتكالياً.. بجانب هذا تتعدد مسالب «السايبر» ومنها أنه مكان بلا رقابة أبوية وقد يحتك فيه الطفل بالمدخنين أو رواد المواقع الإباحية التى سيتأثر بها حتما خاصة مع عدم تمكن الأم من دخول هذه الأماكن التى عادة ما تكون مخصصة للشباب فقط. الألعاب نفسها لها عيوب عديدة منها أن معظمها يعتمد على القتال والمقامرة والفهلوة، والبطل هو من يفوز بالقوة أو التحايل على منافسيه، ومن هنا يبتعد الطفل تدريجيا عن فكرة التحاور ويتخذ من البطل قدوة له فيما يعرف بنظرية «التعلم من خلال النموذج» حيث يتوحد مع ما يراه من نماذج.. كما أن كثرة تعلقه بتلك الألعاب تفقده علاقاته الاجتماعية وتصبح بديلاً للأنشطة المفيدة. ويصاحب ما سبق بعض الأضرار الجسمانية والذهنية.. فرغم أن التركيز على الصور فى هذه الألعاب يزيد من الانتباه ويعمل على رفع معدلات التأثر البصرى الحركى لدى الطفل، إلا أنه لا يستخدم سوى حاستين فقط هما البصر والسمع، مما يؤثر سلباً على باقى الحواس والمهارات وأخطرها الكلام حيث لا يستخدم الطفل مفردات كثيرة مما يؤثر على حصيلته اللغوية.. كما تشمل الأضرار الجسمانية تقوس العمود الفقرى، الكرش وآلام القدمين بسبب طول مدة الجلوس أمام الكمبيوتر. ولحل هذه المشكلة التى أصبحت تؤرق حياة أسر مصرية عديدة، خصوصا فى الإجازات، لابد أن يبدأ الحل من داخل المنزل فيما يعرف ب«المسايرة الاجتماعية» وتعنى انصياع الأم لرغبات الطفل، فى حين يجب عليها منعه من ارتياد هذا المكان بالإقناع المنطقى ودون إعطاء أوامر.. مع توفير البدائل الملائمة له كإلحاقه بالأندية أو فرق الكشافة التى يتعلم منها مهارات عقلية ويدوية.. أما من أدمن هذه الألعاب فعلاجه يكون من خلال «التشبع» بمعنى عدم منعه عنها كى لا يعاند، ونتركه يلعب حتى يملها.. وذلك مع تعديل سلوكه من خلال «التحصين التدريجى» أى نحدد له مواعيد للذهاب هناك، ونقلل مدتها تدريجياً.. كما يمكن الاستعانة بما يعرف ب «التعاقد السلوكى» ويعنى عقد اتفاقية مكتوبة بين الأم وبينه لمكافئته كلما التزم بالإقلال من الذهاب للسايبر، بشرط الوفاء بما وعدنا به حتى لا يفقد الطفل الثقة فى الأبوين.