لا تتوقف كثيراً أمام ما قاله سمير زاهر، رئيس اتحاد الكرة، الذى اعتبر قرار لجنة الانضباط ب«الفيفا» بتغريم مصر 100 ألف فرنك ونقل مباراتين دوليتين خارج العاصمة، إنجازاً كبيراً لاتحاده ولعصره، أو أمام إحساسه الكامل بالرضا عن هذه العقوبة التى تعد لا شىء أمام ما كان متوقعاً، خاصة أن الجانب الجزائرى وثق الاعتداء على أتوبيس لاعبيه فى القاهرة، ووصفه له بأنه انتصار كبير. ما يجب أن تتوقف أمامه تحديداً هو تصريح زاهر الواضح جداً لبرنامج «مصر النهارده» أمس الأول، عن أحداث مباراة «أم درمان» التى قيل إنها كانت «دامية»، الذى قال فيه: «إن المنتخبين المصرى والجزائرى كانا ضيفين على السودان، وكان الاتحاد الدولى هو المسؤول عن المباراة، ولم يذكر المراقب شيئاً عن هذه الأحداث، ولكن الجانب المصرى يحاول حاليا فتح الموضوع من جديد حتى لو وصل الأمر إلى المحكمة الرياضية». يزف لك زاهر «انتصاراً» حدث بعد عقوبة مخففة جداً وُقعت على مصر من «الفيفا»، وفى الوقت نفسه يدعوك بهدوء ألا تنتظر شيئاً عن أحداث أم درمان، ويمهد لك ذلك بوضوح، فلا مراقب المباراة سجل شيئاً عن هذه الأحداث فى تقاريره، ولا الاتحاد الدولى لديه أى دليل مادى على وقوعها، ولا الجانب السودانى الذى نظم المباراة لديه شهادة واضحة، ولا الشرطة السودانية نفسها لديها محاضر بالوقائع التى حكاها لنا العائدون من السودان، ولا المستشفيات فى أم درمان والخرطوم لديها تقارير دخول وخروج ضحايا وجرحى المعركة. دعك من كل ذلك، فربما كانت كل هذه الأطراف مغرضة ومتواطئة، باعتبار أن مصر «مستهدفة» دائماً كما تعرف، أين الملف المصرى الموثق بالمستندات والفيديوهات والصور، الذى وعد به سمير زاهر منذ ليلة 18 فبراير الماضى وحتى وقت قريب، لماذا خفت الحديث عنه تدريجياً حتى انزوى، وكأن الغرض أن ينساه الناس ويخرج من ذاكرتهم كل الشحن الذى تلقوه من زاهر وصقر والذين كانوا معهما، لماذا لا يعرض هذا الملف لتعرف ونعرف معك ما يحتويه؟! الأرجح أنه لا ملف جرى إعداده، لأن أحداً لم يوثق شيئاً مما جرى إن كان قد جرى شىء بهذه الفظاعة التى رويت، وليس مجرد شغب جماهيرى زائد قليلاً عن الحد، ولو كانت هناك لقطة فيديو واحدة أو صورة فوتوغرافية لعرضت على مواقع إلكترونية، أو لخرج بها زاهر مجاهراً. لكن رئيس اتحاد الكرة يزعم أن عقوبة مباراة القاهرة «انتصار»، وينسى أنها تمثل إدانة واضحة للجانب المصرى، وعندما يربط أحد بينها وبين كل ما أثير من جدل وعراك إعلامى بين الجانبين المصرى والجزائرى، سيصل إلى نتيجة واضحة ومدعمة بالدلائل النافذة التى لا تقبل الطعن عليها، وهى أن الجانب المصرى كان الجانى، والجزائريون كانوا الضحية. لم يحدث انتصار يا كابتن سمير، وإنما «خيبة قوية»، تأتى بعد حالة شحن معنوى ودغدغة مفرطة لمشاعر الجماهير، ببيانات وحكايات ووعود مضللة، مثل تلك التى كانت تذيعها صوت العرب عام 1967، وانتهت إلى لا شىء، وأنت المسؤول عن هذه النهاية، وعليك الاعتذار، والصمت.. وكفانا ما جنينا من تداعيات سلبية على أصعدة مختلفة، من وراء السير خلف الحمقى..! [email protected]