فى سبيل استقلال مصر رأى طلعت حرب أن واحداً من أهم أوجه ومظاهر هذا الاستقلال هو فكرة إنشاء بنك مصرى ذى رسالة، فكانت فكرة إنشاء بنك مصر، وقام بتنفيذ هذه الفكرة وتقديمها للمجتمع المصرى بأسره، وتتمثل هذه الرسالة فى استثمار المدخرات القومية وتوجيهها للنمو الاقتصادى والاجتماعى فى هذا البنك، وقد قام البنك فى الفترة منذ سنة 1920 إلى سنة 1960 بإنشاء 26 شركة فى مجالات اقتصادية مختلفة تشمل الغزل والنسيج والتأمين والنقل والطيران وصناعة السينما وصناعة السكر وغيرها من الصناعات، وكان محمد طلعت حرب باشا قد استطاع إقناع عدد من المصريين الغيورين بالاكتتاب لإنشاء البنك، وبلغ مجموع ما اكتتبوا به ثمانين ألف جنيه، تمثل عشرين ألف سهم، أى أنهم جعلوا ثمن السهم أربعة جنيهات فقط، وكان أكبر مساهم هو عبدالعظيم المصرى بك من أعيان مغاغة، فقد اشترى ألف سهم، وفى الثلاثاء 13 أبريل سنة 1920 نشرت «الوقائع» المصرية، الجريدة الرسمية للدولة، مرسوماً بتأسيس شركة مساهمة مصرية تسمى «بنك مصر»، ونص عقد الشركة الابتدائى، على أن الغرض من إنشاء البنك هو القيام بجميع أعمال البنوك، من خصم وتسليف على البضائع والمستندات والأوراق المالية والكامبيو والعمولة، وقبول الأمانات والودائع، وفتح الحسابات والاعتمادات، وبيع وشراء السندات والأوراق المالية، والاشتراك فى إصدار السندات، وغير ذلك مما يدخل فى أعمال البنوك بلا قيد أو تحديد، وأنه يجوز زيادة رأس المال بقرار من الجمعية العمومية للمساهمين، على أن يقوم بإدارة الشركة أو البنك مجلس إدارة مكون من تسعة أعضاء على الأقل ومن خمسة عشر عضواً على الأكثر تنتخبهم الجمعية العمومية. واشترط العقد أن يملك عضو مجلس الإدارة مائتين وخمسين سهماً على الأقل، ولا يجوز له التصرف فيها طوال مدة عضويته، وألا يكون عضواً بالجمعية العمومية من يملك أقل من خمسة أسهم، وفى مساء يوم الجمعة فى مثل هذا اليوم 7 مايو سنة 1920، احتفل بتأسيس البنك، وقد تأسس بنك مصر وفق محاور وركائز أساسية هى إنشاء بنك مصرى برأسمال مصرى وإدارة مصرية وكوادر مصرية ولغة تعامل عربية، والتحويل التنموى للاقتصاد القومى من الاستثمار الزراعى إلى الاستثمار الصناعى، وإثبات القدرات العقلية للإنسان المصرى.