أحدث ظهور معلومات منذ فترة عن وجود أجهزة تنصت، على شكل قلم جاف أو ولاعة سجائر، دوياً وجدلاً واسعاً فى الأوساط الأمنية والتكنولوجية، لكن ضعف جودة الصوت والصورة المسجلة بواسطتها، بالإضافة لسهولة اكتشافها، كانا سببين لعدم الإقبال عليها بالقدر الذى يعطى للأمر أهمية كبرى، لكن مع التطور السريع فى عالم التكنولوجيا، لم تعد القدرة على ابتكار أجهزة تنصت فائقة الصغر حكرا على أحد. حصلت «المصرى اليوم» على نسخة من جهاز تنصت يعمل بواسطة خط الموبايل «Sim Card»، يمكن تركه فى أى مكان، سواء بالمنزل أو العمل أو حتى السيارة، للتلصص على الأحاديث التى تدور فيها، مما يعد تأكيداً على ظهور أجهزة تنصت صغيرة الحجم وأكثر تطوراً مما سبق موجود فى السوق المصرية. الجهاز فى حجم علبة الكبريت قد يعتقد من يراه لأول مرة أنه جهاز قارئ لكروت الميمورى «memory card reader»، خاصة أنه لا يوجد أى تعريف على العلبة يدل على نوعية ما تحمله بداخلها، مما يصعب التعرف على وظيفته أو حتى إمكاناته، ويباع فى علبة مطبوع عليها ماركة سيارات شهيرة، كما توجد نفس العلامة على الجهاز نفسه والشاحن الخاص به. ويمكن وصف الجهاز بأنه موبايل مخصص لاستقبال المكالمات فقط، حتى يقوم المتلصص بالاتصال على رقم الخط الموجود بالجهاز، ليفتح الخط أوتوماتيكيا، ويمكنه سماع جميع الأصوات والأحاديث التى تدور فى محيط الجهاز بدرجة نقاء ووضوح عالية جداً، ودون إصدار أى إشارات صوتية أو ضوئية عند بدء عمله، لعدم لفت انتباه الشخص المراد التجسس عليه. هنا تكمن خطورة الجهاز، حيث يوفر إمكانية التلصص على الآخرين من أى مكان فى العالم، ونقل أحاديثهم بصوت عالى النقاء، دون اكتشاف وجوده، ويستطيع المتلصص تسجيل الحوار بواسطة الموبايل الخاص به بكل سهولة، عن طريق أى من البرامج المنتشرة لتسجيل مكالمات. ويستطيع الجهاز استقبال وبث المكالمات لمدة 12 ساعة متواصلة دون الحاجة لإعادة شحنه. وبعملية بحث سريعة على موقع جوجل، اتضحت الصورة بشكل أكبر، فالجهاز يتم بيعه أيضاً منذ فترة على شبكة الإنترنت، ومعروض بالفعل للبيع على الكثير من المنتديات، وأحد مواقع التسوق الإلكترونية الشهيرة فى مصر والسعودية والإمارات، وساعد على ذلك عدم وجود رقابة على محتوى مثل هذه المواقع، والطريف أن أحد بائعى الجهاز على الإنترنت، وضع رجاء لكل من يريد اقتناءه يقول فيه: «الرجاء عدم استخدامه فى أذى الناس». من جانبه نفى، اللواء حمدى عبدالكريم، مساعد أول وزير الداخلية، مدير الإعلام والعلاقات العامة بالوزارة، وجود معلومات لدى الوزارة حول الكشف عن تلك الأجهزة، وأوضح: ليس لدينا أى معلومات حول انتشار تلك الأجهزة حتى الآن. فى المقابل قال الدكتور عمرو بدوى، الرئيس التنفيذى للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، تعقيباً على الموضوع إنه تم اكتشاف تلك الأجهزة فور ظهورها، وجار الإعداد لحملات موسعة لضبط كل من يقوم ببيع تلك الأجهزة ومصادرتها فى الوقت الحالى، لكن الإعداد لحملات ضبط يستلزم إجراء تحريات دقيقة، نظراً لصعوبة تفتيش كل محال بيع أجهزة الموبايل لكثرة عددها. وحول إمكانية إيقاف عمل تلك الأجهزة بواسطة الرقم المسلسل الخاص بها، مثلما حدث مع الموبايل الصينى، قال بدوى إن المرحلة الحالية لقطع الخدمة عن الموبايل الصينى لن تساعد فى إيقاف عمل أجهزة التنصت التى تعمل بخط الموبايل، فمستخدم الموبايل الصينى لا يستطيع إجراء مكالمات من الجهاز غير المرخص، لكن يمكنه استقبال مكالمات دون مشاكل، لذلك سيصدر فى أسرع وقت قرار للبدء فى تنفيذ المرحلة الثانية لقطع الإرسال والاستقبال عن أى جهاز لا يحمل رقماً مسلسلاً مرخصاً به، مع وضع أجهزة التنصت عن طريق خطوط الموبايل فى الاعتبار، وعن كيفية دخول مثل هذه الأجهزة للبلاد، علق «بدوى»، بقوله: إن صغر حجم هذه الأجهزة ساعد على وضعها وسط محتويات الحقائب، أو داخل صناديق الحاويات، ليصعب تفتيشها بالكامل نظراً لضخامتها. وعن عقوبة حيازة أجهزة تنصت على الغير، قال جمال عيد، محام، مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، إن القانون لم يتطرق لتجريم حيازة مثل تلك الأجهزة الإلكترونية، لكنه اهتم فقط بتجريم استخدامها فى التجسس والتنصت على الغير، موضحا أن العقوبة قد تصل إلى 3 سنوات، وأنه من الضرورى أن يكون لجهاز تنظيم الاتصالات دور بالتعاون مع مصلحة الجمارك لتحديد مواصفات وشكل وإمكانات تلك الأجهزة حتى يتم التعرف عليها فوراً.