تبدو تجربة مصر فى تحرير سيناء عبر المفاوضات حاضرة فى الشارع اللبنانى وإن انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض. البعض يرى أنه لا طائل من التفاوض مع إسرائيل مستدلا بالتجربة الفلسطينية والمسار التفاوضى الطويل، الذى لم يوصل إلى نتيجة وأن المجتمع الدولى غير قادر على فرض إرادته نتيجة للفيتو الأمريكى الحاضر للدفاع عن حكومات تل أبيب المتعاقبة، وأن القرار 425 القاضى بانسحاب إسرائيل من الجنوب لم يطبق إلا بفعل المقاومة وأنه لا بد من تحرير مزارع شبعا بجميع الوسائل، فيما يقول البعض الآخر إن التجربة المصرية قابلة للاحتذاء بها خصوصا أنها أوصلت إلى نتيجة يفاخر بها المصريون، وأن الدبلوماسية قادرة على لعب دور فيما يتعلق بتحرير مزارع شبعا وقرية الغجر. يقول عضو الأمانة العامة فى «قوى 14 آذار» نوفل ضو، إن «التجربة المصرية فى استعادة سيناء من الاحتلال الإسرائيلى دليل على عدم صحة ما يتم تداوله فى بعض الأوساط السياسية اللبنانية من أن الدولة غير قادرة من حيث المبدأ على خوض المعارك العسكرية والدبلوماسية فى مواجهة إسرائيل لاستعادة الأراضى المحتلة. فمصر كدولة قاومت الاحتلال الإسرائيلى بجيشها ومن خلال قرار مركزى أمسكت به وأدارته السلطات الدستورية حصرا». ويتابع «ضو» ل«المصرى اليوم» قائلا: «لا صحة لمقولة إن استعادة الأرض التى تحتلها إسرائيل لا يمكن أن تتم إلا بالقوة العسكرية. ذلك أن المعارك الدبلوماسية لا تقل أهمية، لا بل إنها فى كثير من الأحيان تفوق المعارك العسكرية أهمية فى تحقيق الأهداف ومن بينها تحرير الأرض». ويخلص ضو إلى «إن مصر التى خاضت أكثر الحروب ضراوة مع إسرائيل، استعادت أرضها المحتلة بالمفاوضات وإن أحدا فى لبنان لا يقول بعدم مقاومة إسرائيل، ولكن المشكلة تكمن فى قرار المقاومة، فهل يكون للدولة المركزية حيث يشارك جميع اللبنانيين فى القرار؟ أم لفئة من اللبنانيين تتفرد بقرار المقاومة وإدارتها؟» ويختم ضو قائلا «إن تحرير سيناء لم ينجز دفعة واحدة، ذلك أن قضية مثلث طابا بقيت عالقة حتى بعد إبرام معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل. وجاء التحكيم الدولى ليستكمل المعركة الدبلوماسية التى خاضتها الدولة المصرية فى مواجهة إسرائيل. وهذا دليل آخر على أن مزارع شبعا يمكن استعادتها باللجوء إلى ما يتطلبه القانون الدولى لناحية إثبات الملكية والهوية». وفى ما يتعلق بالتجربة المصرية فى تحرير سيناء يقول الباحث والمحلل السياسى سركيس أبوزيد «إن ما حصل فى سيناء كان نتيجة حرب، أرادت بعدها إخراج مصر من دائرة الصراع العربى-الإسرائيلى. وعن إمكانية لعب الدبلوماسية دورا فى تحرير مزارع شبعا يقول أبوزيد «لن تتخلى إسرائيل عن المنطقة لاستراتيجيتها ومخزونها المائى إلا بفعل صفقة كبرى مثل حل سلام منفرد مع لبنان وليس مجرد تطبيق قرار».