وسط تنديد دولى وعربى، بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلى، أمس، تطبيق أمر عسكرى أصدرته مؤخرا يقضى بإبعاد 70 ألف فلسطينى من الضفة الغربية إلى مناطق أخرى داخل الضفة وخارجها تحت تهمة «التسلل». وحاولت سلطات الاحتلال الدفاع عن قرارها بالقول إن هذه الإجراءات تضفى الصبغة الرسمية على القوانين الموجودة بالفعل على أرض الواقع وأنها اتخذت لأسباب أمنية. وحظى القرار الإسرائيلى بانتقادات فلسطينية وعربية ودولية واسعة، كما انتقدته جماعات حقوقية وأحزاب داخل إسرائيل. وقال الرئيس السورى إن القرار يمثل سياسة للتطهير العرقى وطالب بضرورة التحرك الفورى على المستويين العربى والدولى لمواجهة هذه السياسة. كما أعربت الخارجية الفرنسية عن قلقها تجاه القرار، ودعت إلى احترام حرية الفلسطينيين فى الإقامة حيث شاءوا فى الضفة الغربية والسماح لهم بالتنقل بحرية فى الأراضى الفلسطينية. ونددت 10 جماعات حقوقية إسرائيلية بالقرار، وقالت إن هذا الأمر من شأنه تعريض كل فلسطينى تقريبا للطرد من الضفة الغربية. وأضافت أن «الغالبية العظمى من الفلسطينيين هناك لم يطلب منهم قط الحصول على تصريح بالإقامة صادر عن إسرائيل». وكانت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية كشفت، الأحد الماضى، عن قرار بطرد أو محاكمة نحو 70 ألف فلسطينى من الضفة بذريعة أن وجودهم فيها غير قانونى، موضحة أن هؤلاء ينتمون ل3 فئات، أولاها أبناء قطاع غزة، أو أى شخص يثبت أن أصل أحد والديه من القطاع، والثانية حملة الهويات الإسرائيلية الذين يقطنون بالضفة، وكذلك الأجانب الموجودون بها، والثالثة الفلسطينيون الذين دخلوا إلى الضفة بتصاريح وانتهت صلاحيتها. وذكرت الصحيفة أن هذا الأمر صدر عن قائد الجبهة الوسطى فى الجيش الإسرائيلى فى 13 أكتوبر الماضى، على أن يدخل حيز التنفيذ بعد 6 أشهر، أى، أمس الثلاثاء، مؤكدة أنه يسمح للسلطات الإسرائيلية باتخاذ إجراءات قضائية ضد من يعتبر متسللا، حيث يمكن أن يتعرض لعقوبة تصل إلى السجن سبع سنوات. ويعتبر هذا التهجير ثالث أكبر وأخطر عملية تهجير جماعى قسرى للفلسطينيين بعد نكبة 1948 ونكسة 1967، وسيكون لهذه الخطوة وقع «الشرارة» فى إشعال المنطقة وليس فى فلسطين فقط. ويهدف نتنياهو بهذا التهجير القسرى إلى إفراغ الخطط الأمريكية بفرض خطة تسوية شاملة على إسرائيل، ومن جانب آخر فإنها تفرغ مفهوم الدولتين من مضمونه الحقيقى وتجعله متوافقا مع رؤية نتنياهو لحل الدولتين التى أعلنها عام 1996 ويطلق عليها «دولة الدجاج المقلى». وتتلخص نظرية رئيس الوزراء الإسرائيلى فى إبقاء إسرائيل مسيطرة على معظم الأراضى باهظة الثمن فى الضفة الغربية وزج الفلسطينيين فى معازل غير قابلة للحياة مفصولة جميعا عن القدس المركز التقليدى للحياة الفلسطينية وإضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية، ويحق للفلسطينيين بعد ذلك أن يطلقوا على ما تبقى لهم من جيتوهات معزولة لقب دولة أو حتى «دجاج مقلى» على حد تعبيره قبل أكثر من 14 عاما. كما يرى محللون أن أخطر ما يتضمنه القرار الإسرائيلى من حيث مضمونه وتوقيته، أنه يعتبر «الحل اليمينى» للمأزق الديمجرافى المؤرّق لإسرائيل، فاليمين الذى يرفض حل «دولتين لشعبين» يرفض وبصورة أشد «خيار دولة واحدة لشعبين» والحل عنده بتهجير الشعب الفلسطينى وسكان البلاد الأصليين، ليس من إسرائيل وداخل الخط الأخضر فحسب، بل ومن الضفة والقدسوغزة. يأتى ذلك فيما أشار تقرير أعدَّته وحدة البحث والتوثيق فى مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية الفلسطينية إلى وجود مخططات جمعيات «استيطانية» يهودية للسيطرة على أراضٍ إلى الشرق من البلدة القديمة بالقدسالمحتلة، خاصة فى المنطقة الممتدة من البؤرة «الاستيطانية» «بيت أوروت» حتى كنيسة الجثمانية. ولفت التقرير، بحسب المركز الفلسطينى للإعلام، إلى انتظام مسيرات المستوطنين فى تلك الأراضى بصورة دورية وسط حماية من سلطات الاحتلال. إن هناك جهودا أمريكية حثيثة تجرى خلف الستار لوضع أسس خطة جديدة تطرح فى إطار مبادرة سلام أمريكية كبيرة تشمل كل جوانب الصراع العربى الإسرائيلى. وأضافت أن المستشارين قالوا لأوباما إن السبيل الوحيد لتحقيق التقدم فى الشرق الأوسط هو طرح أوباما تسوية شاملة مبنية على خطة كامب ديفيد الثانية لعام 2000 ومبادرة السلام العربية قبل انتهاء فترة ولايته. والتسوية التى تتحدث عنها الصحيفة كامب ديفيد ثالثة مبنية على أساس تعويض اللاجئين الفلسطينيين بدلا من منحهم حق العودة وتقاسم القدس وعودة إسرائيل إلى حدود ما قبل حزيران 1967 مع تبادل بعض الأراضى وترتيبات أمنية دولية فى وادى الأردن مقابل اعتراف الدول العربية بإسرائيل. وميدانياً، استشهد فلسطينيين من سرايا القدس الجناح العسكرى لحركة الإسلامى خلال اشتباكات مع قوات الاحتلال شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة.