■ بعد عملية «استدراج الأغبياء»، ومجموعة الغارات الجوية الإسرائيلية على مناطق متفرقة من قطاع غزة، عاد الحديث فى بعض الأوساط عن احتمالات شن إسرائيل حرباً واسعة على قطاع غزة، على شاكلة الحرب التى شنتها مطلع العام الماضى، لدرجة أن هناك أنباء تتحدث عن اتصالات تجريها القيادة المصرية مع كل من إسرائيل والفصائل الفلسطينية لاحتواء تدهور الأوضاع المحيطة بقطاع غزة. وفى تصاعد لوتيرة التصريحات التى تنذر باحتمالات حرب جديدة تشنها إسرائيل على قطاع غزة، فقد اعتبر رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الإسرائيلى تساحى هانغبى، من حزب «كاديما» المعارض، أنه لابد من خوض مواجهة مع حركة حماس فى ظل التطورات الأخيرة، ودعا الجنرال تسيبكا فوجل، رئيس أركان قيادة المنطقة الجنوبية فى الجيش الإسرائيلى سابقاً، لتصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية فى قطاع غزة من خلال تصفية قيادات بارزة فى حركة حماس، ويرى أن عمليات الجيش المتفرقة هنا وهناك لن تفيد ولن توقف العمليات التى ينفذها المقاتلون الفلسطينيون ضدنا إذا لم يتم استهداف هذه القيادات وتصفيتها، ورغم أن حركة حماس لم تستبعد نشوب الحرب على الرغم من سعيها للتهدئة وتجنب هذه الحرب، والقلق الواضح الذى أبدته فرنسا وبريطانيا إزاء التصعيد فى القطاع، فإن إسرائيل، ورغم قوتها العسكرية، لا تقوم بشن حرب واسعة على أى جبهة دون تحضير مسبق، أى أنها لا تقدم على عملية واسعة ذات أهداف أمنية وسياسية واستراتيجية لمجرد رد الفعل على عملية عسكرية، حتى لو أصابت هذه العملية كبرياءها الأمنى، ثم تبحث عن الدوافع والأجواء المحيطة بالحكومة الإسرائيلية، وترتيب أولوياتها السياسية لترجيح هذا الاحتمال عن ذاك، والنظر بعد ذلك فى ظروف الطرف الآخر للقول إن هناك مواجهة حتمية بينها وبينه وهو حماس بطبيعة الحال، وبلا شك فإن حكومة نتنياهو تعانى من مأزق حقيقى الآن ناجم عن عدم قدرتها على الاستجابة لاستحقاقات العملية السياسية والتى تسببت فى أزمة علاقات غير مسبوقة مع واشنطن، ولهذا السبب فإن هذه الحكومة وهى حكومة أزمة إن جاز التعبير قد تجد فى تفجير الأوضاع حلاً، غير أنه وفق المعطيات الراهنة، فإن حكومة نتنياهو تفضل شن الحرب على الضفة الغربية، وهى دخلت بالفعل فى دائرة المواجهة هذه بفتح بوابة النار فى القدس بإجراءاتها التهويدية غير المسبوقة منذ 1967، وتدل المؤشرات على أن حركة حماس من جانبها تعيش فى مأزق بعد انسداد الأفق فى المصالحة وشروطها وأهدافها، ومع استمرار عملية الحصار الخانق على غزة، وعدم تمخض كل المحاولات لفك الحصار عن شىء ملموس، وآخرها القمة العربية فى طرابلس، التى منحت الأولوية للقدس وتقديمها كبند على الاهتمام بغزة والمصالحة، وتزايد الصعوبات الداخلية بما فى ذلك مستوى السيطرة الأمنية، وعدم القدرة التامة على الاستمرار فى قيادة خيار المقاومة، والدليل على ذلك سعى حكومة إسماعيل هنية المقالة فى قطاع غزة للتهدئة، وتجنب الحرب وذلك من خلال التشاور مع الفصائل المختلفة من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن التهدئة، خاصة أن تجربة الحرب على غزة العام الماضى وما ألحقته من دمار شامل مازالت تلقى بظلالها على مجمل حياة سكان القطاع ومازال مواطنوها يعانون الأمرين نتيجة الفقر وتدمير منازلهم وقلة الموارد والبطالة والوضع الصحى المتردى، لذا فهى معنية بتجنب حرب على غزة لا تكون جزءاً أو حتى مقدمة لحرب إقليمية شاملة، خشية تكرار ما حدث بعد الحرب السابقة على غزة. وربما هذا ما قصده خالد مشعل، رئيس المكتب السياسى للحركة، حينما قال إن خيارات الحرب قائمة فى كل المنطقة على كل احتمال، وربما دخول الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد على خط النار أعطى للحركة، وبالذات قيادات الخارج، دفعة قوة حتى وإن كانت معنوية، حينما حذر من أن أى عملية جديدة تشنها إسرائيل على قطاع غزة ستقرب الدولة العبرية من موت محتوم.