على الرغم من الدعوات المتكررة لتأجيلها، أتمت السلطات السودانية الاستعدادات لإجراء أول انتخابات تعددية فى السودان منذ ما يقرب من ربع قرن فى موعدها المقرر غداً الأحد، على الرغم من مقاطعة الأحزاب الكبرى والمزاعم بوقوع عمليات تزوير شابت الإعداد للانتخابات. ويأمل الرئيس السودانى، عمر حسن البشير، أن يؤدى فوزه فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية المعقدة إلى إكساب حكومته الشرعية فى تحديها مذكرة اعتقاله، التى أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب فى دارفور. وفوز البشير شبه مؤكد، من وجهة نظر كل المراقبين، بعد انسحاب منافسيه الرئيسيين زاعمين وجود تزوير واسع، وهو ما سيثير الشكوك فى شرعية الانتخابات. ويرجح المراقبون اعتماد النتائج التى تسفر عنها الانتخابات أياً كانت حتى ولو تسببت فى جدل يساوى ما أثارته الانتخابات الرئاسية الأفغانية العام الماضى، والتى وصمت بالتزوير. وقال مراقب دولى للانتخابات: «إنها قد تكون بسوء الانتخابات الأفغانية لكن مع وجود هذا الجدول الزمنى الضيق قبل الاستفتاء أشك فى أن يصر أحد على إعادة الانتخابات». وقالت المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات «إن التلاعب جرى بشدة فى دارفور مع وجود كثيرين من الملايين من مواطنيه النازحين غير مسجلين فى الكشوف الانتخابية بما يكفى لكى يؤثر على نتيجة التصويت عامة ويضمن فوز البشير». وتابعت المجموعة: «الفوز بقدر كبير من الأصوات فى دارفور أساسى فى خطة حزب المؤتمر الوطنى الحاكم للحصول على ما يكفى من الأصوات فى الشمال لضمان السيطرة على السودان بالكامل». وعاد الجدل والغموض بشأن موقف الحركة الشعبية المتمردة السابقة فى الجنوب، والتى أعلنت انسحابها من الانتخابات ولكن سيلفاكير ميارديت، النائب الأول لرئيس الجمهورية، ورئيس الحركة، نفى اتخاذ حركته قراراً بسحب أعضائها من الانتخابات المقبلة على مستوى الهيئات التشريعية بالشمال. ونقلت عنه الفضائية السودانية، قوله «إن قيادة الحركة ومكتبها السياسى اتخذا فى اجتماع بجوبا قراراً بسحب مرشحها للرئاسة مع الإبقاء على المرشحين فى الولايات ابتداءً من رئاسة حكومة الجنوب والولاة والمجالس التشريعية القومية فى كل من المجالس عدا دارفور، وشدد على أن خطوة الانسحاب لا تعبر عن قيادة الحركة ومكتبها السياسى». فى السياق نفسه، اتهم نافع، على نافع مساعد الرئيس السودانى والقيادى فى الحزب الحاكم، من سماهم الشيوعيين بالحركة بشق صف الشعبية وقال إنهم يسعون لمنع اتفاق الجنوب مع حزب المؤتمر الوطنى. وأكد نافع فى تصريحات لصحيفة الرأى العام السودانية، «إن العملية الانتخابية ستستمر رغم المقاطعة وكأن شيئاً لم يحدث»، معتبرا أن «انسحاب حزب الأمة بمثابة انتحار سياسى». من جانبه، حذر حسن الترابى، الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبى المعارض، فى تصريحات نقلتها «الرأى العام» من أن انفصال الجنوب عن الشمال يهدد باشتعال الحروب فى الجنوب، وليس بين الشمال والجنوب كما جرى فى السابق، وقال «إن أغلب الرأى العام فى السودان الآن ضد الحرب، وذكر أن دارفور إذا ما استمر التضييق عليها وحجبت عنها السلطة والمال سترفع بطاقة الانفصال وتطالب بحق تقرير المصير». واعتبر الترابى ترشيح حزبه للقيادى الجنوبى عبد الله دينق نيال لرئاسة الجمهورية رسالة للجنوبيين «تؤكد أنهم أصحاب حق فى السودان أسوة بالآخرين»، وبجانب ذلك لفت إلى أن كرهه للمناصب الرسمية وكبر سنه يمنعانه من الترشح للرئاسة وقال: «إننا لا نريد لمن تجاوز ال70 عاما أن يمارس الأمور التنفيذية»، وأقسم الترابى (مواليد 1932) أنه يكره المناصب الرسمية».