ترام القاهرة.. شاهد على تحولات المجتمع المصرى

دراسة فريدة من نوعها، تحكى عن إنشاء الترام، وما مثله هذا الحدث من تحولات كبيرة فى المجتمع المصرى، قدمها الكاتب محمد سيد كيلانى فى كتاب «ترام القاهرة» الذى صدر فى ستينيات القرن العشرين وأعادت نشره مؤخرا سلسلة ذاكرة الكتابة بالهيئة العامة لقصور الثقافة.
فى مقدمة الكتاب يوضح الكاتب أهمية الدراسة الاجتماعية التى أجراها حول ظهور الترام فى القاهرة وما صاحبه من تحولات كبيرة فى المجتمع المصرى، قائلا: «يعتبر يوم 12 أغسطس سنة 1896، وهو اليوم الذى سارت فيه سيارات الترام تشق شوارع العاصمة، حدا فاصلا فى تاريخ المجتمع القاهرى، إذ انتقل فيه من طور البداوة والتأخر الذى يتمثل فى استخدام الحمير والخيل وسيلة للانتقال، إلى طور الحضارة والمدنية الذى يتمثل فى استخدام القوة الكهربائية».
ويصف الكاتب المجتمع المصرى قبل استخدام الترام بأن سواد الناس كانوا يعانون من مشقة هائلة فى الانتقال من مكان لآخر بسبب استبداد أصحاب الحمير والعربات، وتطاولهم على الناس بألفاظ سافلة وعبارات نابية، حتى أصبحت كلمة حمّار أو عربجى تعنى سوء الأدب وانحطاط الأخلاق.
وتعرض الكاتب للانتقادات التى وجهت للحكومة بسبب استعانتها بشركة بلجيكية وتكليفها بإنشاء الترام، ويشير إلى مدى العظمة والأبهة التى صاحبت افتتاح الترام، وحضور العديد من الأمراء والعظماء والوجهاء، والبدء فى تسييره من بولاق إلى القلعة، ثم مد 7 خطوط أخرى بعد ذلك، ولم يفت الكاتب أن يشير إلى عوامل اجتماعية كثيرة صاحبت ظهور الترام مثل قدرة المرأة على الخروج من بيتها بسهولة والذهاب حيث تشاء، وما انبنى على ذلك من انتشار الفاحشة، وتحولت عربات العربجية إلى أماكن لارتكاب الرذيلة، حتى إنه يربط بين الترام وظهور عدد كبير من أبناء السفاح وصل إلى 13 طفلا عثر عليهم فى يوم واحد.
ويذكر الكاتب أيضا دور الترام فى نزوح أبناء الريف إلى العاصمة، وانتقال أعيان المديريات إلى مصر، وازدهار حركة العمران، والعديد من الأنشطة التجارية، كما يبدو أن الشعراء تأثروا بالترام وكتبوا عن رؤيتهم له بالسلب والإيجاب.