البطاطس ب 12.5 جنيه.. أسعار الخضار والفاكهة الإثنين 18 أغسطس 2025 في أسواق الشرقية    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الاثنين 18-8-2025 عالميًا بعد هبوط 14 يومًا    ارتفاع كبير ل الدولار الأمريكي اليوم الاثنين 18-8-2025 عالميًا.. وتأرجح بقية العملات الأجنبية    تحرك الدفعة ال 17من شاحنات المساعدات إلي معبر كرم أبو سالم    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الجولة.. بسيوني يقود قمة المصري وبيراميدز    نيكو ويليامز.. شوكة في قلب إشبيلية    كل ما تريد معرفته عن مسابقة توظيف بريد الجزائر 2025.. الموعد والشروط وطريقة التسجيل    قرارات صارمة من وزارة التربية والتعليم استعدادًا للعام الدراسي الجديد 20262025 (تعرف عليها)    مصرع سيدة في حادث سير ب شمال سيناء    دعه ينفذ دعه يمر فالمنصب لحظة سوف تمر    إساءات للذات الإلهية.. جامعة الأزهر فرع أسيوط ترد على شكوى أستاذة عن توقف راتبها    "أي حكم يغلط يتحاسب".. خبير تحكيمي يعلق على طرد محمد هاني بمباراة الأهلي وفاركو    ترامب يهاجم وسائل الإعلام الكاذبة بشأن اختيار مكان انعقاد قمته مع بوتين    تامر عبدالمنعم: «سينما الشعب» تتيح الفن للجميع وتدعم مواجهة التطرف    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الاثنين 18 أغسطس    وصفة مغذية وسهلة التحضير، طريقة عمل كبد الفراخ    أسفار الحج 13.. من أضاء المسجد النبوى "مصرى"    أحمد إبراهيم يوضح موقفه من أزمة مها أحمد.. ماذا قال؟    قد يكون مؤشر على مشكلة صحية.. أبرز أسباب تورم القدمين    الأونروا: ما يحدث في قطاع غزة أكبر أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية    بدء اختبارات كشف الهيئة لطلاب مدارس التمريض بالإسكندرية    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025 في القاهرة والمحافظات    البنك المصري الخليجي يتصدر المتعاملين الرئيسيين بالبورصة خلال جلسة بداية الأسبوع    "لا يصلح"... رضا عبدالعال يوجه انتقادات قوية ليانيك فيريرا    أحمد شوبير يكشف موعد عودة إمام عاشور للمشاركة في المباريات مع الأهلي    رئيس "حماية المستهلك": وفرة السلع في الأسواق الضامن لتنظيم الأسعار تلقائيًا    وزارة التربية والتعليم تصدر 24 توجيهًا قبل بدء العام الدراسي الجديد.. تشديدات بشأن الحضور والضرب في المدراس    مصرع طفل أسفل عجلات القطار في أسيوط    التحقيق في مقتل لاعبة جودو برصاص زوجها داخل شقتهما بالإسكندرية    أوسيم تضيء بذكراه، الكنيسة تحيي ذكرى نياحة القديس مويسيس الأسقف الزاهد    موعد فتح باب التقديم لوظائف وزارة الإسكان 2025    سامح حسين يعلن وفاة الطفل حمزة ابن شقيقه عن عمر يناهز ال 4 سنوات    هاجر الشرنوبي تدعو ل أنغام: «ربنا يعفي عنها»    حدث بالفن | عزاء تيمور تيمور وفنان ينجو من الغرق وتطورات خطيرة في حالة أنغام الصحية    إيران تؤكد احترام سيادة لبنان وتعلن دعمها في مواجهة إسرائيل    احتجاجات غاضبة أمام مقر نتنياهو تتحول إلى مواجهات عنيفة    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    الأمم المتحدة: نصف مليون فلسطيني في غزة مهددون بالمجاعة    أبرز تصريحات رئيس الوزراء خلال لقائه نظيره الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى    حضريها في المنزل بمكونات اقتصادية، الوافل حلوى لذيذة تباع بأسعار عالية    متحدث الصحة يفجر مفاجأة بشأن خطف الأطفال وسرقة الأعضاء البشرية (فيديو)    متحدث الصحة يكشف حقيقة الادعاءات بخطف الأطفال لسرقة أعضائهم    أمسية دينية بلمسة ياسين التهامى فى حفل مهرجان القلعة    وزير الثقافة ومحافظ الإسماعيلية يفتتحان الملتقى القومي الثالث للسمسمية    السكة الحديد: تشغيل القطار الخامس لتيسير العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    ماكرون: بوتين لا يريد السلام بل يريد الاستسلام مع أوكرانيا    أشرف صبحي يجتمع باللجنة الأولمبية لبحث الاستعدادات لأولمبياد لوس أنجلوس    ننشر أقوال السائق في واقعة مطاردة فتيات طريق الواحات    بداية متواضعة.. ماذا قدم مصطفى محمد في مباراة نانت ضد باريس سان جيرمان؟    رضا عبد العال: فيريرا لا يصلح للزمالك.. وعلامة استفهام حول استبعاد شيكو بانزا    مواجهة مع شخص متعالي.. حظ برج القوس اليوم 18 أغسطس    «الصيف يُلملم أوراقه».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: منخفض جوى قادم    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين في واقعة مطاردة طريق الواحات    تنسيق الثانوية العامة 2025 المرحلة الثالثة.. كليات التربية ب أنواعها المتاحة علمي علوم ورياضة وأدبي    حماية المستهلك: نلمس استجابة سريعة من معظم التجار تجاه مبادرة خفض الأسعار    هل يجوز ارتداء الملابس على الموضة؟.. أمين الفتوى يوضح    وزير قطاع الأعمال يشهد حفل تخرج دفعة جديدة من كلية الدراسات العليا في الإدارة بالأكاديمية العربية    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نوال السعداوى تكتب: حوارات نوال ومنى ( 2 )
نشر في المصري اليوم يوم 05 - 04 - 2010

فى طفولتى فى الأربعينيات من القرن العشرين كنت أرى الملك فاروق يصلى الجمعة مع الشعب المصرى، يدعو شيخ الأزهر بطول العمر للملك الصالح، يتهكم أبى عليهما الاثنين، يسمى الشيخ المراغى باسم الشيخ المرائى، ويقول: الملك الطالح يتملق الله والشعب ويصلى دون وضوء مثل كل رجال الحكم والسياسة، خلط الدين بالسياسة دجل يصلح فقط مع الشعوب الجاهلة.
واليوم فى أبريل 2010، بعد مرور سبعين عاما، أرى المرشحين للرئاسة يفعلون ما فعله الملك فاروق والملوك من قبله، ألا تتغير اللعبة السياسية مع زيادة الوعى الشعبى وانتشار التعليم والإعلام وثورة المعلومات فى القرن الواحد والعشرين؟
منى: هل هناك علاقة بين زيادة الوعى الشعبى وازدياد جرعات التعليم والإعلام؟
نوال: هذا يتوقف على نوع وهدف التعليم والإعلام، وقد تدهور الاثنان وتدهور معهما الوعى الشعبى، وإلا ما لجأ رجال السياسة والمرشحون فى الانتخابات إلى التنافس على الصلاة فى المساجد، تحت اسم النزول إلى رجل الشارع.
منى: من هو رجل الشارع؟ هذا تعبير قاصر لا يعنى الشعب كله، فالشعب نصفه نساء، فهل رجل الشارع يعنى امرأة الشارع أيضا؟ امرأة الشارع تعنى البغى المدنسة، رجل الشارع يعنى الجماهير المقدسة، وهل رجل الشارع هو الذى يصلى فى الجامع؟ وماذا عن الذين يصلون فى بيوتهم، وماذا عن الذين لا يصلون؟
نوال: منذ الطفولة أسمع أبى يقول: السياسة لعبة مصالح ليس فيها مبادئ، هذه هى السياسة، إن نزلت إلى الملعب عليك معرفة قواعد اللعبة وإلا خسرت.
منى: لماذا أعلنت عن ترشيح اسمك فى انتخابات الرئاسة عام 2005؟ ألم تعرفى أنك تخسرين إن لم تتبعى قواعد اللعبة؟
نوال: دخول المعارك الخاسرة له بعض النتائج الإيجابية، على الأقل يبعث الأمل فى تغيير قواعد اللعبة، المهم هو الإقدام على التجربة دون حسابات المكسب أو الخسارة، مجرد التمسك بمبادئك نوع من الانتصار وإن خسرت المعركة، كل المرشحين للرئاسة عام 2005 خسروا، ليس فقط المعركة الانتخابية السياسية، بل أيضا المعركة الأخلاقية، عرف الناس أنهم كانوا مجرد أداة للنظام لإثبات ديمقراطية غير موجودة، لهذا أعلنت مقاطعة الانتخابات وأصدرت بيانا يكشف اللعبة.
منى: أهم شىء أنك لم تنزلى إلى رجل الشارع فى الجوامع والكنائس كما يفعل المرشحون الرجال.
نوال: أتظنين أن الشعب المصرى رغم التضليل التعليمى والإعلامى لا يدرك بالذكاء الفطرى هذا النفاق السياسى فى موسم الانتخابات؟
منى: فى رأيى أن الأطفال السذج يكشفون بسهولة هذا النفاق، هل سمعت النكتة الأخيرة التى أطلقها طفل فى مدرسة؟
نوال: يفضفض الشعب المصرى عن نفسه بالنكت، وتنتشر النكت بين الناس بسرعة فيروس الأنفلونزا، ويضحكون كما تضحك الشعوب السعيدة.
منى: لماذا تكون السعادة نادرة فى حياة الناس؟
نوال: لأن أسباب السعادة تقتضى تغييرا شاملا للنظام الكونى الذى يحكم العالم، نحن نعيش فى غابة تحكمها القوة تحت أسماء مزيفة منها الديمقراطية والإنسانية والحماية والحب والسلام، الأقوى يقتل الأضعف من أعلى الهرم إلى أسفل، حتى فراش الزوجية، كلاهما تعيس، القاتل والمقتول، الجانى والضحية، القوى والضعيف، السيد والأجير، الرجل والمرأة، كلاهما تعيس.
منى: السعادة قضية حيرت الفلاسفة منذ قديم الزمان حتى اليوم، سر السعادة أو إكسير الحياة، السعادة شغلت بال كل من يهتم بالكتابة والإبداع والعلم والفن، هل البشر والفلاسفة مخطئون فى كل زمان ومكان حين يلهثون وراء هذه الكلمة المحيرة «السعادة»؟
نوال: ما رأيك؟
منى: أنا شخصيا لا أفكر فى السعادة، فى مراحل عمرى وفى كتاباتى لم أفكر فى سر السعادة، لم أكن مؤرقة مثل الآخرين بوضع تعريف للسعادة، واكتشاف دروبها الخفية، الأمر الذى يعنينى وينعكس فى حياتى وأشعارى هو البحث عن ذاتى الحقيقية، البصمة المتفردة الخاصة بى، أو ما يسمى «الجين» الذى يجعلنى أنا، وما أنا عليه، كيف أحافظ عليه وأعمل على ازدهاره، وأنطلق معه بكل طاقاتى وجهدى وتأملاتى الفكرية والفلسفية، وإن خاصمتنى السعادة ورافقنى الحزن والقلق فأنا أقبله، لأنه ببساطة «أنا»، أعتقد أن غاية الحياة ليست أن نكون سعداء بل أن نتأمل تناقضات الوجود، مفارقات الأقدار، ننزل فى بحر التجارب الخطرة، نكتشف كيف تستمر الحياة رغم قسوتها وغياب العدل والحرية.
نوال: غياب العدل والحرية يؤدى إلى غياب الحب، الحياة الخالية من الحب تخلو من السعادة.
منى: السعادة هى ألا يكون للإنسان سيد يأمره ويفرض عليه أى شكل من أشكال العبودية مقابل المال أو السلطة أو الحماية أو الحب، أو بيع الذات «الجين» فى السوق، أنا سعيدة معناه أن أكون «حرة»، لا توجد سلطة خارجى، ومن خبرتى وتأملاتى فى الحياة أقول إن السعادة الحقيقية هى «الاستغناء» عن كل سعادة، كلمة «الاستغناء» هى فلسفتى وسعادتى؟
نوال: أتفق معك تماما، الاستغناء حالة تشبه نشوة الحب المثالية، أو فكرة الحرية المطلقة، حين يشعر الإنسان أن له جناحين (دون جسد) يطير بهما فى السماء السابعة، التحرر الكامل من الاحتياج إلى مطالب الحياة الملحة بما فيها مطالب الحب الجسدى والروحى، وتحقيق الذات، هل يمكن الاستغناء عن الرغبة فى تحقيق الذات من أجل السعادة، مثلا لماذا ينهمك الناس فى معارك الحياة؟ هؤلاء المرشحون فى انتخابات الرئاسة أو البرلمان لماذا يتقاتلون بهذه القوة فى الساحة؟ من أجل خدمة الوطن؟ من أجل تحقيق الذات؟ من أجل مكاسب ما، سلطة، أموال، أضواء؟
منى: بالطبع تختلف الدوافع من شخص إلى شخص، قد يسعى رجل الأعمال إلى مزيد من الأموال، قد يسعى عاشق السلطة إلى مزيد من السلطة وهكذا، ربما يكون من بينهم من يتبنى قضية العدالة والحرية وخدمة الوطن، لكن هل تنفصل القضية العامة عن القضية الشخصية؟ هل تنفصل الذات عن الآخر؟
نوال: الإبداع يلغى الفاصل بين الذات والآخر، فأنت تكتبين القصة أو قصيدة الشعر من أجل نفسك ومن أجل الآخرين فى آن واحد، هل يمكن أن تكتبى شيئا وتضعيه فى الدرج دون أن يرى النور؟
منى: أجمل كلماتى أكتبها لنفسى، لأنها الأصدق ويستحيل نشرها، الكتابة فى حد ذاتها ممتعة تمنحنى سعادة كبيرة غامضة، مثل السباحة فى البحر ضد التيار، ربما أشعر بقدرتى على مقاومة الأمواج، على كسر التابوهات، على الوقوف فى وجه كل السلطات، على نزع كل قناع وحجاب ونقاب، هذه هى سعادتى وإن عانيت الجوع والوحدة والحرمان من متع الحياة كافة، لهذا لست فى حاجة إلى تملق الآخرين، والصلاة دون وضوء مع الجماهير.
نوال: سيكون للحديث بقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.