بينما نحن نتحدث عن طوابير العيش وأنابيب البوتاجاز والتأمين الصحى تتحدث أمريكا عن طوابير الآى باد!، أمام متجر شركة أبل فى نيويورك اصطف طابور طويل من الأمريكان ممن أحضروا معهم كراسى شاطئ وشماسى ومعاطف ووجبات سريعة ومفارش للنوم أمام المحل، فهذا الأسبوع هو بداية بيع الساحر الجديد الذى تلاعب بخيال البشر منذ أكثر من عام، فشركة أبل تعطى مواعيد لطرح هذه المعجزة التى ستقلب تاريخ الكمبيوتر رأساً على عقب، ثم ترجع فى كلامها وتتدلل وتغير فى هذه المواعيد كل فترة، ومع التغيير تشتعل الرغبات والأحلام، ويزداد الطابور حتى باتت التوقعات تعطى رقماً رهيباً وهو سبعة ملايين مشتر للآى باد فى العام الأول فقط، وإذا عرفت أن السعر سيتراوح ما بين خمسمائة دولار و800 دولار وكنت من أهل القر والنق فاستعمل آلتك الحاسبة واحسب مكاسب شركة أبل فى عام واحد!. أمس الأول فى التاسعة صباحاً بتوقيت أمريكا انفتح باب الأحلام ليدخل منه حاجزو الآى باد الرهيب، الذى سألت عنه بكل سذاجة فى الصين منتظراً أن ينفحونى ويمنحونى جهازاً مضروباً، وكان بالطبع عشم إبليس فى الجنة، وعدت بخفى حنين ومعهما «بنطلونين جينز»، المهم أن كل شركات البرمجيات والأفلام تفاعلت مع هذا الزائر الجديد ورضخت لطلباته ورضيت بأن تبتلعها آبل وقالت الطيب أحسن وبلاش منافسة ووقوف قدام القطر!، فها هى استوديوهات وارنر براذرز تعد عشاق شرلوك هولمز بمشاهدة أفلام الأكشن على الآى باد، وشركات ألعاب الفيديو إلكترونيك آرتس وكى تو طوعت ألعابها للانسجام معه، حتى شركة ناشيونال جيوجرافيك ستصمم أطلساً خاصاً بالآى باد، تحول العالم كله إلى رحم يتهيأ لاستقبال هذا المولود العملاق. آى باد هو الكمبيوتر اللوحى المختصر إلى مجرد شاشة طولها تسعة ونصف بوصة وعرضها سبعة ونصف ووزنها يتجاوز النصف كيلو بقليل !، شاشته تعمل باللمس ومن الممكن أن تعتبره هجيناً ما بين الآى بود والآى فون واللاب توب، يمكن لمستخدمى هذا الجهاز تصفح الإنترنت وقراءة الكتب والصحف والمجلات الإلكترونية، ومشاهدة الخرائط الرقمية، وعروض الفيديو، والصور، ولعب الألعاب الإلكترونية، وقراءة وإرسال البريد الإلكترونى، ويستطيع الجهاز قراءة النصوص ونطقها، وموجود عليه أكثر من 140 ألف برنامج، بالإضافة إلى 11 مليون أغنية، و50 ألف حلقة مسلسل تليفزيونى، و8 آلاف فيلم، و2000 فيلم عالية الدقة، وأهم ما فيه هو القدرة على قراءة الكتب بشكل مريح للعين وتخزين الآلاف منها فى جهاز بحجم كف اليد، ولكن هل رضيت شركة آبل بإمكانيات هذا الاختراع؟، وهل توقف حلم علمائها عند هذا الحد ؟، يريدون إضافة كاميرا عالية التقنية واستعمال أكثر من برنامج فى نفس الوقت ويكتمل الحلم، إن العلم مثل الماء المالح من يشرب منه يزداد عطشاً.