فى صباح يوم الأحد والظلام باق، ذهبت المريمات وهن حاملات الأطياب لكى يضعنها على رائحة الموت ظناً منهن بأن رائحة الأطياب تبطل رائحة الموت، والحقيقة أن الموت لا يتجمل ولا يكتسب رائحة إلا رائحته، ولا يستطيع شىء أن يبدد الموت إلا القيامة، وكانت كل أفكارهن أن رب الحياة قد مات وهو موجود فى قبر الموت، وقد أنساهن الحزن والظلام أن الذى دفن هو بذاته الذى أقام لعازر من موته بعد أربعة أيام. وفى داخل كل إنسان قبر موضوع عليه حجر وعلى الحجر لافتة «ممنوع رفع هذا الحجر!!»... لماذا؟ لأن داخل هذا الحجر توجد أموات لهم رائحة الموت ولا نريد أحداً أياً كان أن يرفع الحجر الذى وضعناه على قبورنا التى فى داخلنا فتعالوا معى نتطفل ولنرفع الحجر وإذ نجد خلفه، ثلاث جثث اكتنفها الموت وتنبعث منها رائحته. (الجثة الأولى) تنبعث منها رائحة التعصب والكراهية والعنف وعدم قبول الآخر مما يجعلنا نفقد سلامنا وأمانينا وسعادتنا ويفقد المرء صوابه ويصبح ضد التميز والتقدم والتطور.. (الجثة الثانية) هى ذنوبى وأخطائى وتفوح منها رائحة تأنيب الضمير وعقدة الذنب والخوف من المستقبل والمجهول، إذ إن الماضى يحكم على المستقبل بجوار تلك الجثة وخلف الحجر الموضوع ترقد (الجثة الثالثة) تنبعث منها رائحة كريهة.. إنها رائحة عدم قبول الذات.. وعدم الرضا عن النفس.. مما يجعلنى ناقماً على مجتمعى يائساً من حياتى، فاشلاً فى عملى، وعليك أن تدعو المسيح المقام أن يأتى إلى قبرك هذا وينظف قلبك وحياتك من تلك الجثث فتقوم مع المسيح، فكم من أخطاء فعلت فى برهة عقل تاه أطلق فيها لعنان دون وعى وصرنا عليها نادمين مأسورين لخطايانا وآثامنا ولا نستطيع أن نواجهها أو نقترب منها ولطالما احتفظنا بها فهى كابوس يحاربنا فى منامنا وأحلامنا. وقد نتساءل من وضع لى تلك الجثث النتنة فى حياتى؟؟.. لقد وضعت منذ نعومة أظافرى وقد ساهم فى وضعها الأسرة والمدرسة ودور العبادة والتليفزيون...إلخ، وربما أكون مثقفاً ولى درجات من العلم والمعرفة والمنصب ولكن هذا لا يمحو تلك الجثث النتنة.. أدعوك أن تدخل إلى أعماق نفسك وتواجهها وترفع بيديك هذا الحجر وتدعو المسيح المقام أن يأتى إلى قبرك هذا وينظف قلبك وحياتك من تلك الجثث.. فتصبح حياتك نيرة، سوى النفس نافع للمجتمع. القس جرجس عوض راعى الكنيسة المعمدانية