أدركت خطئى حين اعتقدت أن الوصول إلى القطب الشمالى سيتيح لى رؤية طائر البطريق عن قرب!.. أثناء التحضير لتلك المغامرة قبل أربعة أعوام اكتشفت أن البطريق يعيش غالبا فى جُزر المنطقة المتجمدة الجنوبية!.. خيَّبَ أملى ما قرأته فى موقع (ويكيبيديا) على الإنترنت، فاكتفيت بمطالعة صور ذلك الطائر الأليف الذى يستطيع الإفلات من مطاردة أسماك القرش رغم ذكائه المحدود!.. قرأت أن البطريق يسارع لتشغيل زعانفه فى العوم بطريقة يمزج فيها السباحة بالقفز خارج الماء، فلا يعرف مطاردوه إن كان يلهو أم يحاول الهرب؟!.. على أن مصدر دهشتى التى رافقتنى منذ المرحلة الابتدائية، ولم يجد لها مدرس العلوم تفسيراً يرضينى، هو عجز البطريق عن الطيران رغم انتمائه لفصيلة الطيور!.. فيما بعد أفادتنى الحالة البطريقية لفهم مواقف بعض السياسيين الذين ينطبق عليهم المثل الشهير(لا طال بلح الشام ولا عنب اليمن)!.. فى مقدمة هؤلاء يقف الدكتور مصطفى الفقى مكابدا ضياع حلم الوزارة من جهة، ومستميتا لحفر صورته كمفكر مستقل من الجهة الأخرى، وما بين الجهتين لا تملك إلا أن تشفق عليه حيناً، وتدهش لمقولاته أحيانا! قبل ثلاثة أشهر خطب الفقى أمام أعضاء لجان الشؤون الدينية والعلاقات الخارجية وحقوق الإنسان فى مجلس الشعب، داعيا إلى ضرورة مواجهة السويسريين على أرضهم، باعتبار أن هناك تنظيما يتآمر على الإسلام فى أوروبا!.. آنذاك كانت الضجة كبيرة بسبب قضية حظر بناء المآذن فى سويسرا.. ارتدى الدكتور الفقى قميصا ثورجيا ثم ما لبث أن هدأ مع هدوء الهوجة!.. بعدها بقليل ثارت عليه ثائرة الكتَّاب الحكوميين بسبب حواره مع الزميل محمود مسلم، الذى أكد فيه أن اختيار أى رئيس لمصر لابد أن يحظى بموافقة أمريكية ورضا إسرائيلى!.. حينها أشفق عليه الكثيرون، فقد جاءت تفسيراته وتبريراته لما قال باهتة تماما، ما فتح شهية البعض فى صحف حكومية لترهيبه بأساليب غير أخلاقية!.. ربما لعب ذلك وغيره دورا فى آخر شطحات الدكتور الفقى، التى خرج فيها متحدثا عن الدكتور محمد البرادعى بقوله (إنه بالفعل إنسان محترم وعاوز يخدم مصر، لكن يبقى رئيس جمهورية!.. طيب إزاى؟!).. بالتأكيد يملك الفقى كل الحق فى تخيل الشخصية الجديرة بمنصب رئيس الجمهورية، وكذلك من حقه أن يعتقد كيفما شاء بأن (الاستقرار حاجة كويسة أوى، واللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش!) حسب تعبيره.. لكن المؤكد أيضا أن استخدام صيغة استنكارية بشأن ترشح البرادعى (أو غيره) للرئاسة، سيزيد الهوة اتساعا بين الفقى وجماعة المثقفين الوطنيين، كما أن وقوفه معارضا لمحاولات الإصلاح السياسى لن يقربه مهما فعل من حلم الوزارة.. ليبقى فى النهاية كطائر البطريق: متواضعا فى السباحة، عاجزا عن الطيران! [email protected]