فضلت أن يكون العنوان طويلا ليشمل المشكلات الكثيرة التى نمر بها، بدأ من الأزمات الحديثة، والتى أطلت برأسها علينا مثل انقطاع التيار الكهربى نتيجة زيادة الأحمال، ومرورا بمشكلات المياه و الشكوى من عدم وصول كميات المياه إلى الأراضى الصحراوية المستصلحة، وأزمات الغذاء وارتفاع الأسعار و زحمة المواصلات و نظافة الشوارع و التكدس فى المستشفيات، إنتهاء بأزمة القمح و رغيف العيش. و مهما طالت السطور فيمكن أن نختتمها بجملة واحدة تحل كل ما قبلها وهى " الاهتمام بالبحث العلمى " . فالمتابع لكل الدول المتقدمة و دول العالم الأول يجد أن مشكلاتها قد تم حلها بالعلم، فاليابان دولة تعيش على جزر بركانية تشتهر بالزلازل المستمرة وطبيعتها الجغرافية السيئة و سجل التاريخ إنهيارها بعد الحرب العالمية، ولكن بالعلم والعمل استطاعت أن تصعد، وتنهض، وتحقق نجاح، لتصبح تجربة فريدة من نوعها. ولو ذهبنا يمينا و يسارا لوجدنا أن دولا كثيرة نجحت بفضل العلم. وفى مصر نتحدث كثيرا عن دور المؤسسات التعليمية والتى خرجت من مضمونها كوسيلة للتقدم والنجاح إلى غاية ينشدها الطلاب، ونأسف أن قلنا أن الغاية ليست التعليم، وإنما هى الشهادة، ويتخرج الطالب فيما بعد ليبدأ بعضهم فى مجال البحث العلمي أو الدراسات العليا والتى هى جزء لا يتجزأ من البحث العلمي، فطالب الدراسات العليا هدفه ليس تحصيل علوم جديدة فقط، وإنما تأكيد نظريات، وإثبات نجاحها فى التطبيق، أو إضافة ما قد يساعد باحثين آخرين فى تلافي بعض الأخطاء بدلا من تكرارها، وفى مرحلة الدكتوراه يكون الهدف هو إضافة شئ جديد إلى العلم. و لكن مازلت ميزانية البحث العلمى فى مصر محدودة، و مازال العديد من طلاب الدارسات العليا ينتجون ما قد لا تحتاجه الأسواق، أو أن السوق نفسه لا يعيرهم اهتماما لما يتوصلون إليه، ولكن حتى وإن كان البحث العلمى ضعيفا، فلماذا لا نستغل الموارد الضئيلة فى إنتاج ما يفيد وينفع. فلماذا لا تقوم الوزارات المعنية - كل وزارة فى تخصصها - فى طرح 10 منح دراسية للطلاب القائمين بالتسجيل فى الجامعات المصرية للحصول على درجة الماجستير فى مجالات محددة تحتاج إليها تلك الوزارات، وأن يتم دعم كل دارس بميلغ مالى فى حدود 20 ألف جنيه لعمل رسالة الماجستير أو الدكتوراه فى صورة مراجع، وتوفير معامل، وما يحتاجه الدارس فى إنتاج رسالة علمية بشكل جيد، وأان يكون تطبيق الجزء العملى لرسالة الماجستير على إحدى أفرع تلك الوزارة، ولتكن مشروع عملى علمى يضع حلول لبعض المشاكل، وأن تكون المنح المقدمة للطلبة التاليين إستكمالا للنتائج التى تم التوصل إليها، أو التأكد من جدوى تطبيقها ونجاحها، فبملغ 20 ألف جنيه فى عشر طلاب لن يكون أكثر من 200 ألف جنيه، أعتقد أنه يتم صرفها فى مؤتمر أو ندوة. فمثلا وزارة مثل وزارة الزراعة لديها مشكلات مثل الحاجة إلى رفع إنتاجية الفدان، نقص الرقعة الزراعية، عدم قدرة المواطنين على الانتقال إلى المناطق الصحراوية ...... إلخ. فتقوم الوزارة بعرض برنامج المنحة على الطلاب والمواطنين، وكل طالب قام بالتسجيل لرسالة الماجستير يقوم بالتقدم بأن يتم إدراج اسمه فى قائمة الطلاب المتقدمين لمنحة الحصول على دعم لتنفيذ رسالة الماجستير، وتتم المفاضلة بين المتقدمين على حسب مؤهلاتهم العلمية، وموضوع البحث المعنى بالدراسة، ويتم تنفيذ البحث/الرسالة العلمية و تطبيقها من خلال وزارة الزراعة، وبعد الانتهاء منها يتم إعلان النتائج التى توصلت إليها الدراسة، ويتم تطبيقها على نطاق واسع، وفى العام التالى يمكن أن يكون موضوع إحدى الرسائل هو التأكد من جدوى التطبيق أو جدوى الاقتراحات المقدمة سابقا.