تبرعات لغزة واحتجاجات في أوسلو.. مباراة النرويج وإسرائيل تثير الجدل في أوروبا

وسط إجراءات أمنية مشددة وتوترات سياسية واحتجاجات في أوسلو، تأتي مباراة النرويج وإسرائيل اليوم في التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2026؛ لتكون أكثر الفعاليات الرياضية تأمينًا في النرويج منذ دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية عام 1994، حيث تطبق إجراءات مكافحة الإرهاب في جميع أنحاء أوسلو العاصمة، كما سيتم فرض منطقة حظر جوي فوق ملعب أوليفال.
مباراة النرويج وإسرائيل اليوم في تصفيات كأس العالم
وفقًا لصحيفة «الجارديان» البريطانية، من المتوقع أن يسير حشد من عدة آلاف بسلام من وسط أوسلو إلى منصة نُصبت قرب ملعب أوليفال الذي يحتضن المباراة، حيث نظمت اللجنة الفلسطينية في النرويج هذه المسيرة تحت شعار «بطاقة حمراء لإسرائيل»، وسط توقعات بأن تنظم جهات أخرى احتجاجاتها الخاصة أيضًا.
وخارج محطة مترو جرونلاند، عُلّقت ملصقات مجهولة المصدر تُعلن عن مظاهرة منفصلة بعنوان «أوقفوا المباراة الوطنية»؛ لتبدأ السلطات في الاستعداد لهذه المناسبة منذ أن أُجريت القرعة بين المنتخبين قبل أكثر من عام.
وتمركزت مجموعة صغيرة من المتظاهرين خارج ملعب أوليفال أثناء تدريب الفريق الإسرائيلي، مساء الجمعة، ومن المتوقع أن يحضر أقل من 200 مشجع إسرائيلي لمشاهدة المباراة، بينما سيكون عدد المشجعين النرويجيين أقل بثلاثة آلاف مشجع عن المعتاد، مع إغلاق أجزاء صغيرة من سعة الملعب البالغة 28 ألف متفرج لمنع أي اقتحامات محتملة.
ويعد المنتخب الإسرائيلي أكثر من معتاد على الأجواء المشددة المحيطة بمبارياته والأمن المعزز، إذ قال قائده، إيلي داسا، عن مباراة النرويج: «ليس أعلى بكثير من المعتاد».
النرويج تهاجم إسرائيل وتتبرع بعائدات المباراة
كان الاتحاد النرويجي لكرة القدم عبّر عن موقفه الداعي إلى منع إسرائيل من المشاركة في كرة القدم الدولية، والذي كررته رئيسة الاتحاد النرويجي، ليز كلافينيس، علنًا، بشكل أكثر حدة من أي دولة أوروبية أخرى، وهو أحد أسباب تدهور العلاقات.
كما أثار قرار التبرع بعائدات مباراة النرويج وإسرائيل لدعم عمل منظمة أطباء بلا حدود في غزة رد فعل غاضب من الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، الذي رأى أن هذا القرار يُعبّر عن وجهة نظر معينة.
وكان الاتحاد النرويجي لكرة القدم أعلن قراره تخصيص أرباح مباراته أمام إسرائيل في تصفيات كأس العالم لدعم «منظمات إنسانية تنقذ الأرواح في غزة».
وجاء القرار في بيان رسمي لرئيسة الاتحاد النرويجي، ليزه كلافينيس، التي شددت على أن العائدات ستُوجَّه إلى مؤسسات تقدم مساعدات طارئة على الأرض، مؤكدة أن الاتحاد لا يمكن أن يقف موقف المتفرج أمام المعاناة الإنسانية والهجمات غير المتناسبة التي يتعرض لها المدنيون الفلسطينيون منذ وقت طويل.
وأوضحت أن الاتحاد النرويجي لم يخالف القوانين الأوروبية في خطوته، على الرغم من أن لوائح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) تحظر استخدام المباريات منصة للرسائل السياسية.
وأثار هذا القرار رد فعل حاد من إسرائيل، التي سارعت إلى إصدار بيان رسمي عبر اتحادها الكروي ونقلته صحيفة «التليجراف» البريطانية.
وجاء في البيان أن «إسرائيل عادة لا تعطي نصائح للاتحادات بشأن استخدام أرباح المباريات، حتى عندما تُجمع من مباريات أمام منتخبنا، لكننا سنكسر هذه العادة هذه المرة».
وأضاف البيان: «سيكون من اللطيف أن يتم توجيه جزء من هذه الأموال للبحث عن إدانة من جانب الاتحاد النرويجي لأحداث السابع من أكتوبر، التي أودت بحياة مئات الإسرائيليين بينهم أطفال، أو لدعم الجهود الرامية إلى الإفراج عن 50 رهينة».
والتوتر بين الجانبين ليس جديدًا، فقد سبق أن رافقت المباراة الأولى بين المنتخبين في مارس الماضي أجواء مشحونة سياسيًا، حين فازت النرويج 4-2 خارج أرضها، فيما قالت كلافينيس حينها إن «الوضع صعب بالنسبة لنا».
ومع إعلان قرار التبرع الجديد، بدا أن كرة القدم باتت وسيلة تعبير سياسي وإنساني بالنسبة للنرويجيين، في وقت تعتبره إسرائيل تسييسًا غير مقبول للملاعب، وفقًا ل«التليجراف».
التصويت على حظر إسرائيل في كرة القدم الدولية
كان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) على وشك التصويت على حظر إسرائيل في كرة القدم الدولية، وهو ما لم يكن ليُطبق على تصفيات كأس العالم التي تُديرها الفيفا لولا أن حذت حذوه، بعد أن خلصت الأمم المتحدة بشكل قاطع إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في غزة، وأُجِّلت هذه الفكرة مع اكتساب خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للسلام زخمًا الأسبوع الماضي.
وكررت كلافينيس مرارًا أنها لم تكن الدافع الرئيسي وراء تلك التحركات، مؤكدًة أيضًا أن الوجود غير القانوني للفرق الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو سبب موقفها.
وقالت: «ليس الأمر مسعىً لحظر إسرائيل تحديدًا، بل يتعلق بنظام قائم على القواعد، ومثلنا كسائر الناس، نحن سعداء جدًا باتفاق السلام، والأهم من المباراة هو توقف القصف وعودة الرهائن إلى ديارهم، وعندما نتحدث عن العقوبات، نتحدث عن انتهاكات قانون الفيفا، يجب أن يكون هذا نقاشًا مستمرًا».
ولم يفكر الاتحاد النرويجي لكرة القدم قط في اتخاذ قراره الخاص ورفض اللعب ضد إسرائيل، لكن ناشطات مثل لين الخطيب، التي تقود لجنة فلسطين في النرويج، يعتقدن أن هذه المباراة لا ينبغي أن تُقام.
وقالت الخطيب: «على الإطلاق لا ينبغي إشراك إسرائيل في الساحة الدولية لكرة القدم في حين أنها تنتهك القانون الدولي وتمنع لاعبي كرة القدم الفلسطينيين من اللعب، وما دام الاحتلال الإسرائيلي قائمًا، فلن تتاح للفلسطينيين فرصة لعب كرة القدم، أو العيش، أو التعلم، أو التنقل بحرية».
وأضافت: «لن نُعكّر صفو المباراة، نريد فوز النرويج، سنحتج، ولكن بعد هذه المباراة ستكون هناك مباريات أخرى لفرق الشباب أو في المسابقات الأوروبية، يجب عليهم رفض استقبال إسرائيل لفرق كرة القدم النرويجية».
وتم تسليط الضوء بشكل أكبر على التوتر بين اتخاذ موقف سياسي أو أخلاقي وتشجيع النرويج على تحقيق إنجاز تاريخي من خلال قرار رابطة المشجعين النرويجية، وهي رابطة صوتية على الساحة المحلية، بالتراجع عن أي مشاركة في الاحتجاجات أو التصريحات حول مباراة إسرائيل.