ماذا يعني«الإنذار الأحمر شديد الخطورة»؟.. عباس شراقي يوضح الوضع في السودان

لم يكن إعلان وزارة الري السودانية، «إنذارًا أحمر شديد الخطورة» مجرّد تنبيه اعتيادي، بل جرس إنذار عن فيضان يطرق أبواب مدن وقرى السودان على امتداد الشريط النيلي. التحذير شمل ولايات النيل الأزرق، سنار، الخرطوم، نهر النيل، والنيل الأبيض، مع توقعات بفيضانات تجرف الحقول وتغمر الوديان وتُهدد الأرواح.
لكن ما معنى الإنذار الأحمر تحديدًا؟ وما صلته بعمليات سد النهضة الإثيوبي؟ وهل من تبعات على مصر؟، «المصري اليوم» حصلت على إجابات مباشرة أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، حول تحليل الوضع الكامل في السودان وأسبابه وما يترتب عليه الأيام المقبلة.
ما هو «الإنذار الأحمر شديد الخطورة» في السودان؟
ويفسرالدكتورعباس شراقي، معنى الإنذار الأحمر في حديثه ل «المصري اليوم» قائلًا إن «الإنذارات أشبه بإشارات المرور، الأحمر دائمًا يعني أعلى درجات الخطورة. الوصول له يعني أن الفيضان تجاوز المستويات الحرجة، ففي الخرطوم مثلًا، وصل منسوب النيل إلى 17.23 متر الأحد، بعدما كان 17.12 متر فقط في اليوم السابق. بينما حد الخطر يبدأ عند 16.5 متر. أي أن السودان دخل مرحلة الخطر الكامل، حيث لم يعد أمام السلطات سوى مطالبة السكان بمغادرة ضفاف النيل، ونقل الماشية بعيدًا، وترك الحقول لمصيرها».
سد النهضة.. السبب الخفي وراء الفيضانات
ويؤكد «شراقي»، أن الزيادة غير الطبيعية في التدفقات المائية تعود إلى «التصرفات العشوائية» لإدارة سد النهضة الإثيوبي، وأن «الفيضان الطبيعي في هذا الوقت من العام يبلغ نحو 300 مليون متر مكعب يوميًا. لكن السودان استقبل بالأمس 750 مليونًا، واليوم نحو 700 مليون. أي أكثر من الضعف».
ويتابع: «لم يكن أحد يتخيل أن تصل الزيادة إلى هذا المستوى. التوقعات القصوى كانت 300 أو 400 مليون، لكن الواقع تجاوز 700، كذلك إثيوبيا ملأت بحيرة السد بالكامل، رغم توقف التوربينات عن العمل. فكان الأمر أشبه بعرض تلفزيوني للافتتاح، بينما المياه تتكدس خلف السد حتى فاضت».
ويضيف: «هذه السياسات الأحادية هي أصل الأزمة. إثيوبيا تُفرغ السد دون تنسيق، فتلقي بالأعباء على السودان، الذي بدوره يضطر لتصريف المياه الزائدة باتجاه مصر».
السودان في عين العاصفة
فالوضع، بحسب شراقي، خطير للغاية على البنية المائية في السودان، فيقول إن سد الروصيرص مثلًا، سعته التخزينية 7 مليارات متر مكعب فقط. فإذا استقبل مليارًا واحدًا يوميًا من مياه الفيضانات وهو ممتلئ، يصبح عاجزًا عن استيعابها، ما يهدد بانهيار خطير، كذلك الزراعة السودانية ستتأثر مباشرة. الحقول غمرتها المياه بالفعل، ولا وقت لإقامة حواجز أو إنقاذ المحاصيل، مؤكدًا أن الضرر كله يتركز في السودان، بينما إثيوبيا تبدو في مأمن من تبعات أفعالها».
مصر.. مطمئنة بفضل السد العالي
وعن المخاطر على مصر، يقول شراقي: «مصر في أمان بفضل السد العالي. هذا الصرح العملاق يستوعب حتى مليار متر مكعب إضافي يوميًا بلا مشكلة».
ويضيف: «السد العالي ارتفع منسوبه في سبتمبر بمقدار مترين، أي ما يعادل 15 مليار متر مكعب، وهي كميات كانت كفيلة بإغراق صعيد مصر لولا وجوده، مؤكدًا أن مصر على أتم الاستعداد مهما كان حجم الفيضان، مصر لا تواجه خطرًا مباشرًا.ف السد العالي قادر على تعويض النقص أو استيعاب الزيادة، رغم أننا لم نكن نفضل مطلقًا الوصول إلى هذه المرحلة وكان من الأفضل التنسيق الإداري، لكننا في جميع الأحوال لن يمسسنا شيء.
أزمة إدارة وليست أزمة طبيعية
ويلخص شراقي الوضع قائلاً: إن ما يحدث ليس فيضانًا طبيعيًا فقط، بل نتيجة مباشرة لسوء إدارة سد النهضة، وأن إثيوبيا لا تملك الخبرة الكافية للتشغيل، وتتصرف بشكل أحادي دون تنسيق».