ودّعت قرية دلجا بمركز دير مواس في محافظة المنيا سبعة من أبنائها في ظرف أسبوعين فقط، البداية كانت بوفاة 4 أطفال أشقاء، تبعهم اثنان، ثم والدهم الذي لم يحتمل الفقد والصراع مع نفس أعراضهم ورحل أمس، في حادث مأساوي هزّ أرجاء المحافظة، وتحول إلى جرس إنذار بشأن «عدو صامت» يتسلل إلى البيوت دون أن يُرى. من التهاب سحائي إلى تسمم قاتل حين بدأت المأساة، ظنّت الأسرة والجيران أن الأطفال أصيبوا بالتهاب سحائي، لكن التحاليل الطبية نفت ذلك، إذ أن الأعراض كانت مربكة، وهي إرهاق، حرارة مرتفعة، غثيان، ثم تدهور مفاجئ ووفاة، ومع توالي الضحايا، بدأت الشكوك تتزايد، لتؤكد التحاليل لاحقًا وجود مادة سامة في أجسادهم، ووهي «الكلورفينابير»، مبيد حشري يُستخدم في الزراعة، لكنه قاتل إذا استُخدم أو خُزن داخل المنازل بطريقة خاطئة. ما هو الكلورفينابير؟ بحسب ما نشرته الدكتورة رانيا عبدالوهاب، الأستاذة بمعهد بحوث وقاية النباتات بمركز البحوث الزراعية، على حسابها الرسمي بموقع «فيس بوك» فإن الكلورفينابير مبيد مُعتمد في مصر، وله استخدامات واسعة في مكافحة الآفات الزراعية، موضحة أن خطره يكمن في الجهل بخصائصه، حيث يمنع إنتاج الطاقة في خلايا الجسم، ويؤدي إلى تعطل الأعضاء تدريجيًا. وتضيف: «الخطأ ليس في المادة نفسها، بل في التعامل غير الواعي معها. استخدامه داخل منزل مغلق قد يُحوّله إلى سُمّ قاتل». الأعراض تسبق الموت بأيام تبدأ أعراض التسمم بالكلورفينابير بشكل خادع: - إرهاق شديد - ارتفاع في درجة الحرارة - زغللة في الرؤية - غثيان أو قيء - اضطراب في ضربات القلب - صعوبة في التنفس - فقدان تدريجي للوعي وأوضحت قد يُصاب الطفل بأعراض خطيرة تؤدي إلى الوفاة خلال 48 ساعة، بينما تظهر على البالغين بعد 10 إلى 15 يومًا. وأكدت «عبدالوهاب» أنه حتى الآن، لا يوجد ترياق يُنهي تأثير هذه المادة، ولكن هناك بروتوكولات علاجية لتقليل حدة الأعراض، منها استخدام فيتامين C وB6 ومواد لتعويض الطاقة الخلوية، لكن الأطباء يؤكدون أن التدخل المبكر هو العنصر الفارق بين الحياة والموت. لا مكان للمبيدات في البيوت وطالبت الدكتورة رانيا عبدالوهاب بضرورة منع الأفراد من استخدام المبيدات الزراعية داخل المنازل، مؤكدة أن استخدامها يجب أن يكون مقتصرًا على الفنيين في الوحدات الزراعية وتحت إشراف دقيق. وأضافت: «الكارثة التي حدثت في المنيا ليست حادثًا عارضًا، بل نتيجة طبيعية لغياب التوعية والرقابة. والتكرار وارد إذا استمرت الفوضى في بيع واستخدام هذه المواد». كيف تسرب السم إلى المنزل؟ تشير التحقيقات الأولية إلى احتمال استخدام المبيد في مكافحة حشرات منزلية، أو تخزينه داخل المنزل بدون دراية كافية، وتُحقق النيابة مع الأم (الزوجة الثانية) والجد، في محاولة لكشف ملابسات الحادث، بعد أن أثبتت التحاليل وجود آثار المادة السامة في أجسام الضحايا. نصائح لحماية نفسك وأسرتك - لا تُخزن أي مبيد حشري داخل المنزل. - لا تستخدم المبيدات في أماكن مغلقة أو بدون تهوية جيدة. - استخدم معدات الحماية الشخصية عند التعامل مع أي مادة كيميائية. - تخلص من العبوات الفارغة بطريقة آمنة. - لا تترك أي مادة سامة في متناول الأطفال. - إذا ظهرت أعراض غريبة بعد التعرض لمبيد، توجّه فورًا إلى مركز السموم