افتتح أمس الأول مهرجان برلين السينمائى الدولى فى دورته ال62. قبل أن ينتهى عقد مدير المهرجان ديتر كوسليك العام القادم، جددت الحكومة الألمانية التعاقد معه لمدة 4 سنوات أخرى، وذلك على الرغم من الانتقادات التى توجه إليه، خاصة من الصحافة الأمريكية، منذ أن تولى إدارة المهرجان من 12 سنة، وجوهر النقد أنه لا يهتم بأفلام شركات هوليوود الكبرى، وأن مسابقة الأفلام الطويلة لا تتضمن العديد من الأفلام المنتظرة لكبار مخرجى العالم، كما فى مهرجان كان، وفى مهرجان فينسيا. ويرد «كوسليك» بأنه يهتم بكل السينما فى العالم، ويركز على اكتشاف مخرجين جدد من كل مكان، ويتطلع إلى الشباب بوجه خاص، وأكبر دليل على ذلك معسكرات الشباب التى ابتدعها ويحضرها مئات الشباب من مختلف الدول، وتعقد دورتها العاشرة هذا العام، وكذلك صندوق السينما العالمية، الذى يدعم الإنتاج، خاصة من دول القارات الثلاث، والذى يعتبر من مؤسسات مهرجان برلين، وهذا العام تم افتتاح «بيت مهرجان برلين» فى غرب المدينة، كما أعلن عن مشروع «الإقامة فى برلين»، حيث يستضيف المهرجان 6 مخرجين لمدة 4 شهور فى الخريف لاستكمال مشروعات السيناريوهات التى تفوز بدعم صندوق السينما العالمية. والأرجح أن يشتد نقد «كوسليك» هذا العام، حيث تغيب الأفلام الأمريكية تماماً عن المسابقة، سواء أفلام شركات هوليوود الكبرى، أو الأفلام المستقلة، والواقع أن المسابقة أوروبية من حيث جنسيات الأفلام، ولا توجد بها سوى 3 أفلام من خارج أوروبا (من كندا والصين وإندونيسيا)، وقد ذكرنا خطأ فى رسالة الخميس أن فيلم «محرم» برازيلى، والصحيح أنه برتغالى. ومن المعروف أن هيمنة أفلام هوليوود على أسواق العالم أكبر مشكلة تؤرق السينما فى أوروبا ومهرجانات السينما الدولية الثلاثة الكبرى (برلين - كان - فينسيا)، وكلها فى أوروبا، لكن هذا لا يعنى تجاهل السينما الأمريكية بالطبع، وإغفال حقيقة أن هوليوود تنتج أيضاً روائع فنية، وليس فقط أفلاماً تجارية تدر المليارات. وفى المؤتمر الصحفى الذى عقدته لجنة التحكيم ظهر الخميس قبل الافتتاح قال رئيس اللجنة، فنان السينما البريطانى الكبير، إن أفلام هوليوود تتراجع فى الوقت الذى ينمو فيه الإنتاج الأمريكى المستقل، وتحقق السينما تقدماً فى أوروبا وفى بلدان كثيرة، وليس هناك ما يدل على صحة هذا الحديث عن تراجع أفلام هوليوود. أفريقيا: القارة المنسية فى السينما وفى تقديم برنامج المهرجان قال ديتر كوسليك إن دورة هذا العام تهتم بأفريقيا، ووصفها بالقارة المنسية فى السينما، وأن هناك ثلاثة أفلام فى المسابقة عن أفريقيا وهى الفيلم الفرنسى «اليوم» للمخرج السنغالى آلان جوميز، والفيلم الكندى «تمرد» إخراج نجوين، والفيلم البرتغالى «محرم». مرور سنة على إسقاط مبارك وفى تقديم كتالوج المهرجان الرسمى قال «كوسليك»: «لقد مرت سنة تماماً على نجاح الشعب المصرى فى إسقاط الديكتاتور محمد حسنى مبارك، وإجباره على التخلى عن الحكم»، وقال: «فى الجزائر وتونس، كما فى بلاد أخرى، خرج الناس إلى الشوارع احتجاجاً على القهر والطغيان، وفى سوريا الناس تقتل كل يوم»، واستطرد: «يبدو أن تاريخ الربيع العربى أقدم، ففى الفيلم التسجيلى لكل من خافير بارديم وألفارو لونجوريا عن صراع الصحراويين فى جنوب المغرب، يتضح أن الحرب الباردة بين القوتين العظميين الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدةالأمريكية، عملت على تقسيم أفريقيا، وفى لعبة القوى دفع سكان الصحراء الذين يعانون من نقص حقوقهم المدنية الثمن»، وقال: «الربيع العربى ليس فقط موضوعاً لأفلام تسجيلية، وإنما أيضاً محور أساسى لمناقشات ينظمها صندوق السينما العالمية، و«بيت مهرجان برلين» الذى افتتح هذا العام». واختتم مدير المهرجان هذه الفقرة فى تقديم الكتالوج قائلاً: «ويمتد التركيز على حرية الفن والفنانين فى الدول الشمولية إلى الصين بعرض فيلم تسجيلى عن الفنان التشكيلى أى وى وى، وندوة عن المخرجين الإيرانيين المحددة إقامتهم فى منازلهم، وهم جعفر بناهى ومحمد راسولوف وموجتابا ميرتاساب، الذين وجهنا إليهم الدعوة كضيوف شرف». لم يعرض بعد الفيلم الإسبانى الذى يشير إليه «كوسليك» وعنوانه «أبناء السحب.. المستعمرة الأخيرة» إخراج ألفارو لونجوريا، الذى يتحدث فيه الممثل الإسبانى العالمى خافير بارديم، المعروف بمناصرته لمطالب الصحراويين، ولكن المؤكد أن الصحراء جزء لا يتجزأ من المغرب، ولا يعدو اعتبار قضية الصحراء من جذور «الربيع العربى» سوى «حزلقة» سياسية، أو ما كان يطلق عليه يحيى حقى «حنشصه». تقديم فيلم «المصري اليوم» يعرض المهرجان فى «عروض خاصة الفيلم الإسبانى عن الصحراء المغربية، والفيلم الأمريكى «لا ندم أبدا» إخراج أليسون كلايمان عن «أى وى وى»، والفيلم المصرى «الثورة.. خبر» إخراج بسام مرتضى الذى أنتجته مؤسسة «المصرى اليوم»، وكلها أفلام تسجيلية طويلة.. وفيما يلى ترجمة تقديم «الثورة.. خبر» فى الكتالوج: «تابع الملايين لعدة أسابيع الكفاح من أجل الحرية فى انتفاضات الربيع العربى، خاصة فى مصر، وحيث قامت وسائل الاتصال بدور حاسم، لم يكن يتصور أحد التمرد الذى نظمته مجموعة من الناشطين عبر الشبكات الاجتماعية سوف يؤدى إلى إسقاط نظام قمعى استمر ثلاثين سنة، ولكن تحقق ذلك فى 18 يوماً فقط. «الثورة.. خبر» سيرة حياة أمة وستة صحفيين شباب شجعان.. هذا الفيلم التسجيلى يعرض مشاهد لم تعرض من قبل، صورها هؤلاء الشباب الذين تمكنوا من البقاء رغم كل الأخطار.. لقد كان الستة فى يوم 28 يناير الذى قتلت فيه المئات وجرح الآلاف. ورغم أن قوات الأمن قطعت الاتصالات عبر الموبايل والإنترنت، إلا أنهم نجحوا فى تصوير ما يريدون، وإنقاذه، وهذا الفيلم يثير معضلة: هل كان هؤلاء يرون أنفسهم صحفيين محايدين يغطون الحدث، أم مواطنين عليهم الانضمام إلى الكفاح من أجل الديمقراطية والتغيير، هل من الممكن أن تكون «موضوعياً إزاء الظلم والوحشية»؟!