سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سفيرنا السابق فى واشنطن يكشف تفاصيل الضغوط الأمريكية على القاهرة (1-2): نبيل فهمى: الكونجرس قال لنا إذا لم تتغاضوا عن قضية سعد الدين إبراهيم فلن نرفع لكم المعونات.. ونفذ تهديده
ظل المناخ العام فى أمريكا والعالم أثناء رئاسة الرئيس جورج بوش الابن للولايات المتحدةالأمريكية، مناخ حرب وتوتر بدعوى مواجهة الإرهاب، وتحت هذا الغطاء دخلت أمريكا العراق، ودمرت أفغانستان وفَشّلت عملية السلام فى فلسطين، ووضع اسم الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات من قبل كل من «شارون» و«بوش» على قائمة الإرهابيين، وظهرت التهديدات بخفض المعونات الأمريكية لمصر، وزادت الدعوات للإصلاح الديمقراطى وحقوق الإنسان. 8 سنوات شهدت أحداثا كثيرة ساخنة ومؤثرة حتى إن التاريخ أخذ يؤرخ لمنطقة الشرق الأوسط قبل ولاية «بوش» وبعدها وقبل أحداث 11 سبتمر وبعدها، وبدأت جملة الضغوط الأمريكية على مصر تتردد كثيرا بين المثقفين وفى الشارع المصرى، البعض يقول إن أمريكا تختار وزراء مصر، وبعضهم ذهب إلى أن أيمن نور، خرج من السجن بضغط أمريكى، وأكد آخرون أننا ننحنى أمام إسرائيل لكسب الرضا الأمريكى، وغير ذلك الكثير فالحديث المرسل كثير والمدقق قليل، والمنسوب إلى شهود عيان يكاد يكون غير موجود، لذا كان السؤال للسفير نبيل فهمى، الذى مثل مصر9 سنوات فى واشنطن وكان شاهدا على مرحلة فاصلة، ليس فى تاريخ مصر فقط وإنما فى تاريخ العرب ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها، لنقدم فى هذ الحوار دلائل واضحة، تكمن فى شهادة رجل عاصر المرحلة وكان أحد صناع القرار، بل وأول من كان يتلقى الضغوط الأمريكية ليبلغها إلى القاهرة، ليحكى لنا عن تفاصيل هذه الضغوط وأسبابها ونوعيتها ومدى استجاباتنا لها. ■ «الضغوط الأمريكية على مصر».. جملة نسمعها كثيرا ونقرأها فى الصحف يوميا.. نسمع عن معاداة مصر لإيران تنفيذا لرغبات أمريكا ومهادنة إسرائيل تلبية لطلبات الكونجرس.. فهل تحكم مصر بقرارات أمريكية؟ - كل ما يقال عن الضغوط الأمريكية صحيح، لكننى أعترض على جملة «مصر تحكم بقرارات أمريكية»، لنقل إنهم يحاولون بكل الطرق التأثير فى القرار المصرى، لكن الأهم هو هل نلبى هذه الطلبات ونمتثل لهذه الضغوط أم لا؟ ■ فلتجب إذن.. هل نمتثل لهذه الضغوط؟ - مصر تنفذ أى مطلب أمريكى يتناسب مع مصالحها، ولا تنفذ أى مطلب لا يتناسب مع هذه المصالح. ■ يقال إن هناك وزراء تم تعيينهم بالاسم باقتراح أمريكى؟ - لم أسمع عن ذلك، فلست من يعين الوزراء، وليست حتى مشاركاً فى العملية. ■ إذن كيف يحاولون التأثير على القرار المصرى؟ - يتصلون بنا مرارا وتكرارا ويقولون نريد منكم عدم التعامل مع فلان، أو معاداة الدولة الفلانية لأننا على علاقة سيئة بها ولا نريد منكم دعم الدولة الفلانية فى الانتخابات الدولية، وأشياء من هذا القبيل، وقد تعرضت كثيرا أثناء وجودى فى واشنطن لمثل هذه الأمور. ■ هل من أمثلة على ذلك؟ - طلب منا بشكل واضح عدم دعم سوريا أو إعطائها صوتنا أثناء ترشحها لمجلس إدارة مجلس محافظى الطاقة الذرية، بل وطلب منا التخلى عنها وعدم تأييدها فرفضنا، وقلنا إننا لن نقف ضد مرشح عربى، لن يحدث هذا، مع العلم أن علاقتنا بسوريا لم تكن جيدة آنذاك. ■ لكن هل رشحنا سوريا ودعمناها بالفعل؟ - سوريا انسحبت من تلقاء نفسها من الانتخابات بعد ذلك. ■ ماذا عن علاقتنا بإيران؟ - اتصل بى عدد من المسؤولين الأمريكيين، وسألونى باستنكار: لماذا أتى على لاريجانى إلى مصر ولماذا قابله الرئيس مبارك؟ فقلت لهم إنه أتى للمشاركة فى مؤتمر ثم طلب مقابلة الرئيس الذى رأى مصلحة فى ذلك فقابله. وفى موقف آخر قالوا لنا: نريد توقيعكم على قرار تحويل الملف النووى الإيرانى إلى مجلس الأمن، فقلنا لهم: لا شك أن الموقف الإيرانى معيب، لكننا لا نستطيع التوقيع على هذا القرار، فالرأى العام سيحاسبنا: فكيف لنا أن نقف ضد إيران، لأنها مخالفة لبنود اتفاقية منع انتشار السلاح النووى، فى حين نترك إسرائيل الممتنعة عن الانضمام إلى الاتفاقية من الأساس، ورفضنا بالفعل التوقيع، وطلبنا أولا أن يوضع بند ينص على أن «كل ذلك خطوة فى إطار إنشاء منطقة خالية من السلاح النووى فى الشرق الأوسط»، وكان ذلك مدار حديث بينى وبين وزيرة الخارجية السابقة كونداليزا رايس. ■ ماذا كان رد فعلها؟ - قالت لى: يعنى إيه.. انت بتربط توقيع مصر مقابل وضع هذا البند؟! فقلت: نعم، وأوضحت لها أننا نريد الحل، وهذه هى الطريقة الوحيدة للعلاج، بوضع معايير موحدة للجميع، وكانت هذه هى المرة الأولى التى يتخذ فيها مجلس محافظى وكالة الطاقة الذرية، قرارا بتحويل الملف النووى الإيرانى من وكالة الطاقة الذرية إلى مجلس الأمن، وبالفعل امتثلوا لطلبنا ووضعوا هذا البند فى القرار. ■ هل توقيع مصر على هذا القرار كان أحد أسباب العداء بين مصر وإيران؟ - لا يوجد عداء بين مصر وإيران، لكن لا شك أن هناك توترات ترتفع أحيانا وتخفت أحيانا أخرى. ■ ما سبب هذه التوترات؟ - ترتبط أساسا بمشكلات أمنية وملفات مفتوحة بيننا وبين إيران، تخص جماعات متطرفة فى إيران، ومادامت المشكلات ترتبط بمسائل أمنية، هنا يكون لنا نظرة مختلفة، والسبب الآخر يكمن فى الموقف الإيرانى السلبى من عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، حيث تشجع إيران الجماعات التى لا تريد التوصل إلى حل سلمى، إضافة إلى رغبتها فى مد نفوذها إلى دول الخليج والمساس بالحيازة الجغرافية لدول الخليج العربى، وأقصد جزر الإمارات من ناحية، وتهديد البحرين من ناحية أخرى، ومع ذلك لا أرى أنه من المستحيل الوصول إلى توافق مصرى إيرانى. ■ لماذا إذن لا نصل إلى هذا التوافق؟ - هناك محاولات للحل من جانبنا ومن الجانب الإيرانى، لكن بكل صراحة، كنا نجد دائما المحاولات الإيرانية تقف على السطح أكثر من الوصول إلى الواقع الحقيقى للمشكلات، نتيجة وجود تيارات داخل إيران تحول دون الإجماع على الخطوات الأولى التى يتم طرحها. وقد أوضحنا مرارا أننا لا نعادى إيران، ولايوجد بيننا خلاف، طالما التزمت بأسس التنافس الشرعى وعدم المساس بأمن الطرف الآخر. ■ لكن.. هناك مسؤولون إيرانيون أتوا إلى مصر وطلبوا مقابلة الرئيس، وأبرزهم لاريجانى، بينما لم نر مسؤولا مصريا واحدا يزور إيران؟ - أولا أغلب المسؤولين الإيرانيين الذى أتوا إلى مصر جاءوا لحضور مؤتمرات دولية، وأثناء ذلك طلبوا مقابلة الرئيس، وتحدث معهم بإيجابية وصراحة، لكننا لم نجد من الجانب الإيرانى أى متابعة لهذه الاتصالات وتنفيذ ما يتم الوعد به. ■ عودة إلى المواقف التى مارست فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية ضغوطا على مصر.. إلى أى مدى وصلت؟ - طلبت منا الولاياتالمتحدةالأمريكية ذات مرة عدم استقبال الرئيس الفلسطينى الراحل عرفات أو دعمه، عندما اتخذوا قرار المقاطعة ضده، وحبسه «شارون» فى مقر السلطة الفلسطينية، ورفضنا ذلك، وأعلنا امتعاضنا. ■ ماذا عن احتلال الولاياتالمتحدةالأمريكية للعراق وموقفنا من هذا الاحتلال؟ - أطلعونا على قرار دخول العراق قبل القيام بالاحتلال، وأرسلنا إليهم الرد بالرفض، وعدم موافقتنا على هذه الخطوة، ولامت أمريكا مصر كثيرا على رفضها قرار دخول العراق، وقالوا لى كيف للرئيس مبارك وهو صديق وحليف للولايات المتحدةالأمريكية أن يقول إن دخول العراق سيخلق مائة صدام حسين ومائة أسامة بن لادن، وقلت لهم، لقد قال هذا لأنه صديق مخلص لأمريكا، ويرى أن دخولكم العراق سيخلق العديد من المشاكل. ■ هل ساعدت مصر أمريكا فى دخول العراق.. لوجستيا على الأقل؟ - إطلاقا.. لكن هناك دولاً عربية ساعدت أمريكا فى دخول العراق بكل تأكيد. ■ من هى تلك الدول؟ - عدد من الدول العربية منها قطر والكويت. ■ أحاديث وأقاويل كثيرة صاحبت آخر زيارة للرئيس بوش الابن لمصر، وعدم حضور الرئيس مبارك كلمته، فما شهادتك على هذه اللحظة، وما سبب ترك الرئيس مبارك للقاعة آنذاك؟ - جاء الرئيس الأمريكى السابق، بوش الابن إلى مصر بعد زيارة إلى إسرائيل، وقبل أن تقله الطائرة إلى مصر فوجئت باتصال من نائب مستشار الأمن القومى الأمريكى يقول لى: لدينا تعليمات بأن نطلعك على نص الخطاب الذى سيلقيه الرئيس بوش فى شرم الشيخ، وبدأ النص بمدح مصر، ووردت به بعض الجمل التى تحمل مجاملات، فقلت له: طبعا أنت لم تطلبنى لتقول لى أنكم ستمتدحوننا، فلتبدأ بالحديث الذى لن يعجبنا، وفوجئت بأن صياغة الخطاب قاسية للغاية، وفيها هجوم شديد على مصر، فقلت له إذا كنتم تنوون إلقاء هذا الخطاب فى شرم الشيخ، فالأفضل ألا تذهبوا إلى هناك، وهذا رأيى الشخصى، فقال لى اهدأ، وما الذى لا يعجبك فى الخطاب؟ المهم أنه وبعد نقاشات طويلة تم تعديل الخطاب أكثر من مرة، حتى اللحظة التى استقلوا فيها الطائرة كان الخطاب يعدل، وخفف إلى حد كبير، ورغم أن الصيغة النهائية التى ألقاها «بوش» كانت أيضا غير مريحة إلا إنها أفضل كثيرا من أصل الخطاب الذى أعد فى البداية. ■ إذن الرئيس مبارك كان يعلم بخطاب الرئيس بوش قبل إلقائه؟ - نعم. ■ ماذا كان رد الفعل؟ - القاهرة أيدتنى فى تصرفى تماما. ■ لماذا لم يُتخذ قرار أعنف من قبل القاهرة يعكس موقفها؟ - لكل فعل رد فعل، ثم إن القاهرة رأت أننى قمت بمسؤوليتى، وتحملتها على أفضل وجه، وجنبت العلاقات المصرية الأمريكية صداما كان يمكن أن يؤدى إلى خلافات، فكان من الممكن أن أرسل الخطاب بصيغته الأولى إلى القاهرة، ووقتها سيأتينى الرد أعنف فتتوتر العلاقات، ولكن بما بذلته من مجهود لتخفيف الخطاب جنبت القاهرة الحاجة إلى الصدام، وربما اكتفى الرئيس بعدم التواجد أثناء خطاب الرئيس الأمريكى، وكان هذا تصرفا سليما 100 %، ولا تنس أن المؤتمر كان يحضره عدد من رؤساء الدول الأخرى، وليس فقط الرئيس بوش. ■ ننتقل إلى الضغوط الأمريكية فى المجال الاقتصادى.. ما مدى تأثيرها؟ - لا شك أن هناك عدداً من الضغوط الاقتصادية مورست على مصر، وأذكر أنه فى مرحلة من المراحل قال لنا الأمريكان إننا لن نتفاوض معكم على اتفاقية التجارة الحرة إلا إذا طبقتم عدداً من الإصلاحات السياسية والديمقراطية، فقلنا لهم إذن لا نريد التفاوض على الاتفاقية. ■ ما أسرار التهديد بقطع المعونات أو تخفيضها التى ظلت مسيطرة على الأحداث فى ظل إدارة الرئيس بوش الابن؟ - يوجد اتفاق سابق مع الرئيس «كلينتون» على تخفيض المساعدات التى تحصل عليها مصر، وكانت قيمتها 815 مليون دولار آنذاك، 40 مليون دولار كل سنة على 10 سنوات، وعندما تركت سفارة مصر فى واشنطن كان المبلغ قد وصل إلى 405 ملايين دولار تقريبا، لكنه تخفيض متفق عليه وليس نتيجة ضغوط، لكن فعلا أكثر من مرة هددوا مصر بعدم الحصول على المعونات وربطوها بشروط معينة منها المبلغ الأخير من المعونات، وصدر قرار بهذا الشأن بالفعل من الكونجرس الأمريكى لكنه لم يطبق. ■ ما هى هذه الشروط؟ - الإصلاح القضائى، إصلاح جهاز الشرطة، والأنفاق بيننا وبين غزة. ■ أتفهم مسألة أنفاق غزة، للحفاظ على الأمن الإسرائيلى، ولكن بماذا سيفيدهم الإصلاح القضائى أو إصلاح جهاز الشرطة؟ - كلها أدوات وأفكار المحافظين الجدد فى الضغط، الذين كانوا يريدون خلق أى ذرائع لتفكيك الوطن العربى، ونلاحظ أنهم ظلوا ينادون بالديمقراطية، وفور أن أتت حماس إلى الحكم فى فلسطين توقفوا عن المناداة بها، وبدأوا يبحثون عن ذرائع أخرى؛ مثل إصلاح جهاز الشرطة أو القضاء أو حقوق الانسان، فهو كلام حق يراد به باطل، وأنا بالطبع مع حقوق الإنسان لكن بإصلاح مصرى وليس بضغط أمريكى، وأعتقد أن الإدارة الأمريكية الحالية لا تستخدم مسألة المساعدات كورقة ضغط على مصر كما كانت تفعل الإدارة السابقة. ويجب أن نعلم أن العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية مهمة ومؤثرة بالنسبة لنا، لأن أمريكا القوة العالمية الأكبر وموجودة فى كل مكان فى العالم وفى كل الملفات، لذا نهتم بها وهى أيضا تهتم بنا ليس لأننا قوة عالمية وإنما لما لنا من نفوذ وتأثير فى المنطقة وفى العالم النامى المحيط بنا.. لذا يحاولون دائما ممارسة الضغوط، وطالما أنهم يمارسون ضغوطا فى إطار ما هو مقبول، فلا مانع، ولكن إذا كانت الضغوط تضر بمصالحنا أو تحدث بلى الذراع نرفضها بشدة. ■ حتى الضغوط التى تمارس فى إطار العلاقة بيننا وبين إسرائيل؟ - لعلاقة مع إسرائيل تؤثر فى الكونجرس الأمريكى أكثر من الإدارة الأمريكية، وكلا الطرفين فى النهاية مهم بالنسبة لنا. ■ هل التزامنا الكامل باتفاقية السلام مع إسرائيل يأتى من باب مغازلة الكونجرس المسؤول عن اعتماد المساعدات لمصر رغم عدم التزام إسرائيل بها؟ - بالفعل نحن ملتزمون حرفيا بمعاهدة السلام فى حين أن إسرائيل تخل بها، ولكننا لا نلتزم بها بفعل ضغط أمريكى، إنما لأنها تحقق هدفاً مصرياً، فنحن لا نريد دخول حرب، ونسعى دائما لحل الأزمات بالدبلوماسية. ■ قلت إننا رفضنا ربط المساعدات بالإصلاح السياسى والديمقراطى.. هل يعنى ذلك أن المساعدات خفضت نتيجة لهذا الرفض؟ - الكونجرس هو الجهة التى كانت متشددة فى هذا الأمر، وأمام الرفض المصرى أدرجوا فى القرار أنه يجوز لوزير الخارجية استثناء هذا البند إذا ما رأى مصلحة فى ذلك، وبالفعل صدر القرار بالتخفيض واستخدمت كونداليزا رايس صلاحياتها ولم يتم تخفيض مليم واحد من المساعدات منذ وجودى فى واشنطن حتى انتهاء مدة خدمتى هناك. ■ ما هى حقيقة تخفيض المعونات بسبب قضية الدكتور سعد الدين إبراهيم؟ - الحقيقة أن الجانب الأمريكى اقترح إضافة 200 مليون دولار إلى المساعدات التى تدفع إلى مصر، لأن الجانب الإسرائيلى طلب زيادة فى المساعدات، فرأت الولاياتالمتحدةالأمريكية عمل توازن بين ما يعطى لمصر وما يعطى لإسرائيل - طبعا توازن نسبى- فقرروا إعطاءنا هذه الزيادة، وبعد أن ظهر موضوع «سعد الدين» فى الأفق هددوا بعدم إعطائنا هذا المبلغ، وقالوا لنا صراحة مطلوب أن تتغاضوا عن موضوع سعد الدين إبراهيم وإلا لن نعطيكم ال200 مليون دولار فرفضنا، وقلنا لهم لن نتدخل فى شأن قضائى، ورفضنا الأمر برمته. ■ هل نفذوا تهديدهم؟ - نعم ولم يعطونا بالفعل ال200 مليون دولار، ولكن الأمر لم يشغلنا، لأننا لم نطلب المبلغ من الأساس، بل كان اقتراحا منهم. ■ ماذا عن قضية أيمن نور؟ - قضية أيمن نور أثيرت كثيرا فى الكونجرس الأمريكى أكثر من الإدارة الأمريكية، ولم يكن موقفنا منها مختلفا عن موقفنا من قضية سعد الدين إبراهيم، وقلنا لهم إن الأحكام القضائية ليست رهن المواقف السياسية للدول الأجنبية، ولكن لا يوجد إجراء محدد اتخذ ضد مصر بسبب أيمن نور، رغم حديث الكونجرس دائما عن القضية وتهديداته. ■ هل الاهتمام هنا كان بالأشخاص أنفسهم؟ - لا فالاهتمام كان بالحدث وليس الشخص، ولمزيد من التوضيح، هناك عدد من التيارات الأمريكية وليس تيارا واحدا اهتم بالحدث، أحد هذه التيارات هو تيار مهتم بحقوق الإنسان والديمقراطية، وتيار مخلص فى هذا الأمر، وكثيرا ما يثير مشكلات داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها، وبمجرد السماع عن حدث ما دون معرفة التفاصيل يطالب بالتزام الدول بمعايير حقوق الإنسان، وهناك تيار آخر يريد انتهاز أى فرصة وأى حادث للإساءة إلى العلاقات المصرية الأمريكية والعربية الأمريكية، وتيار ثالث مقتنع بأنه بعد أحداث سبتمبر من الواجب استغلال كل الفرص لمحاولة تفتيت العالم العربى والمساس بهويته حتى لا يجتمع العرب حتى على أساس الهوية. ■ أين كان التيار الصادق المخلص الذى تتحدث عنه بعد أن أتت الانتخابات الديمقراطية ب«حماس» فى فلسطين تحت إشراف أمريكى ولماذا كف عن المطالبة بالديمقراطية بعدها؟ - لديك حق، لكن كما قلت هذا التيار ليس الوحيد ولا التيار الحاكم، لكن عموما كل التيارات حدثت لها حالة صدمة بعد الانتخابات الفلسطينية، فسكت الجميع عن الحديث حول الانتخابات الديمقراطية، خوفا من أن تأتى بتيارات معادية للولايات المتحدةالأمريكية. ■ لماذا حصلت على إجازة من وزارة الخارجية بعد انتهاء مدتك فى واشنطن.. ولماذا لم تستمر فى العمل فى «ديوان الخارجية»؟ - أديت مهمتى فى واشنطن على أكمل وجه، وأنا راضٍ تماما عن تجربتى الدبلوماسية، وكل ما فعلته فى هذه الفترة، وأعتقد أن 9 سنوات فى منصب واحد مدة كافية جدا، وليس لى طموح أكثر من ذلك، فواشنطن مكان رفيع المستوى يتمناه كل من يلتحق بالسلك الدبلوماسى، وأنا لا يعنينى أن آتى إلى القاهرة بعد ذلك لأحصل على منصب، فأنا لا أفكر بشكل تقليدى، والإجازة مريحة بالنسبة لى. ■ أمر من اثنين إما أن أداءك كان مغضوبا عليه، أو جيداً لدرجة أثارت لدى البعض الغيرة المهنية والخوف منك؟ - أدائى لم يكن مغضوبا عليه بل لاقى استحسان جميع رؤسائى، وعندما أنهيت مدتى ذهبت إلى أحمد أبو الغيط، الذى استقبلنى وشكرنى، وأنا الذى فاتحته فى قرارى الحصول على إجازة، وأن أخدم البلد بطريقة مختلفة، وأوضحت أننى مستعد لأى مشورة أو مساعدة. ■ أشيع أنك وزير الخارجية القادم بعد أحمد أبوالغيط؟ - ابتسم قائلا: لن يحدث تغيير وزارى قريبا. غداً.. الجزء الثانى