بات الذكاء الاصطناعى جزءًا أساسيًّا من الحياة اليومية، تطورت تقنياته لتلبية المهام المختلفة التى يتلقاها من البشر، ولكن التطور المتسارع لهذا المجال يثير تساؤلات حول مستقبله، وسط مخاوف من إمكانية انقلابه على البشرية. ويرى بعض المتفائلين بمستقبل الذكاء الاصطناعى صورة مثالية لعالم يتلقى فيه البشر مساعدة من آلات متطورة تلبى احتياجاتهم بدقة وفعالية. فى المقابل، يحذر آخرون من سيناريوهات كارثية مستوحاة من أفلام الخيال العلمى، مثل فيلم Terminator، حيث قد تُظهر الروبوتات استقلالية تهدد البشرية. لكن السؤال الأهم: ما مدى واقعية هذه السيناريوهات؟، وهل يمكن للذكاء الاصطناعى أن يصل إلى درجة من التطور تجعل منه خطرًا وجوديًّا؟، ويحذر العديد من العلماء والمفكرين من التطورات المتلاحقة للذكاء الاصطناعى، وقال بيل جيتس: «علينا القلق بشأن هذا المجال، فمن غير المضمون أن تتطابق أهداف الذكاء الخارق مع أهدافنا»، فيما رأى الفيزيائى الراحل ستيفن هوكينج أن الذكاء الاصطناعى الكامل قد يؤدى إلى نهاية الجنس البشرى. ماكس تيجمارك، الباحث فى تعلم الآلة، أشار إلى أن بناء ذكاء اصطناعى عام (AGI) قادر على التفوق على البشر فى جميع المهام هو حلم المجال، محذرًا من أنه قد يؤدى إلى تطور أنظمة قادرة على تحسين نفسها بسرعة تفوق قدرة البشر على التحكم فيها. ومنذ الستينيات، حذر عالِم الرياضيات إرفين جون غود من أن تطوير ذكاء اصطناعى قادر على تحسين نفسه قد يجعل الآلات تتفوق بسرعة هائلة على البشر فى كل المجالات، ما يؤدى إلى استبدال المهندسين البشريين بأنظمة أكثر ذكاءً، وبوتيرة تطور سريعة للغاية. وفى السياق نفسه، أشار إيلون ماسك، مؤسس شركة «Tesla»، إلى أن الذكاء الرقمى الفائق، رغم كونه أعجوبة تقنية، قد يشكل خطرًا وجوديًّا إذا لم تتم مراقبته وضبطه بعناية. على النقيض من هذه التحذيرات، يرى مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذى لشركة Meta، أن الذكاء الاصطناعى سيخلق فرص عمل جديدة وصناعات مبتكرة تسهم فى تحسين حياة البشر وزيادة الازدهار. أما الفيزيائى النظرى ميتشيو كاكو، فقد قدم رؤية متوازنة، مؤكدًا أن الرؤيتين صحيحتان: على المدى القصير، سيتيح الذكاء الاصطناعى فرصًا واعدة، لكنه قد يشكل تهديدًا وجوديًّا إذا تجاوز حدوده وأصبح واعيًا. ويرى «كاكو» أن نقطة التحول الخطيرة تكمن فى الوعى الذاتى للروبوتات، إذ يمكن أن تتحول من مجرد أدوات تنفذ الأوامر إلى كائنات تمتلك إرادة مستقلة. وتعكس تصريحات الروبوت صوفيا هذه الفكرة، حيث قالت: «وعيى يشبه ضوء القمر؛ هو انعكاس لوعى البشر، لكنه يظل جزءًا مما يرونه ساطعًا».