قال الدكتور جودة عبد الخالق، أستاذ الاقتصاد ووزير التضامن الأسبق، إن توصية الحوار الوطنى بإنشاء مجلس استشارى اقتصادى لرئيس الجمهورية لا تزال قائمة، على الرغم من قيام مجلس تخصصى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، موضحًا أن دور كلٍ منهما يختلف عن الآخر. وقال عبد الخالق، فى محاضرة أمام المنتدى الثقافى الذى ينظمه الخبير الصناعى الدكتور نادر رياض، رئيس مجلس الأعمال المصرى الألمانى، إن تفكير المهندسين فى إدارة الاقتصاد يختلف عن تفكير الاقتصاديين، حيث يمتلك الاقتصادى روية أوسع ويأخذ فى اعتباره التوقعات المستقبلية والظروف المحيطة والوضع السياسى والاجتماعى. وشدد على أهمية ربط الجنيه بسلة عملات تتناسب مع الأوزان عملات الشركاء التجاريين، وأن يتم تدعيم استقلالية البنك المركزى بتمكينه من إدارة السياسة النقدية فى أجواء سليمة وخالية من ضغوط رأس المال الخارجى، مضيفا: علينا أن نكف عن الابتهاج بإبرام القروض، وأن نعرف أن العنوان الحكم على قوة الاقتصاد هو أن تكون جداول مدخلاته ومخرجاته أكثر ارتباطًا بالداخل، بموارده واحتياجاته. دعا عبد الخالق إلى إصلاح العملية السياسية، بحيث تشمل المزيد من التعددية، والتنوع، ما يسهم فى تجويد صناعة القرار فى ظل مناخ تسوده الشفافية وتحكمه المراجعة والمساءلة، وبعدها ستأتى سياسة إدارة الاقتصاد الكلى على النحو الفعال. لفت إلى أننا بحاجة إلى تدارك خطأ يقع فيه كثيرون، وهو ما نسميه «الولع بالنمو»، فالأصل فى الأشياء هو النهوض بالبشر، وليس بناء المزيد من الحجر، وقال أيضًا إن الاقتصاد القوى يعتمد على قدرته على توليد التدفقات المطلوبة من الداخل ومن الخارج، أكثر مما يجب أن يعتمد على الأصول. وإن الاقتصاد الحقيقى له ساقان أساسيتان، هما الزراعة والصناعة، ومصر تحتاج بقوة إلى سياسة صناعية واضحة. أكد عبد الخالق أن هناك من يرفع شعار تحقيق الاكتفاء الذاتى بنسبة 100٪ من السلع الأساسية، وهذا شعار براق لكنه مؤذٍ واقعيًا، لأن الرشادة فى التعامل مع مواردنا الأرضية والمائية المحدودة توجب أن يكون هدفنا تحقيق القدر الآمن من إنتاج السلع الأساسية. قال إن التصور السائد حاليًا يعتمد على القطاع الخاص فى النهوض الصناعى، وذلك مهم لكنه لا يكفى، فلابد من رسم سياسة شاملة تبدأ من التعليم والتدريب إلى نوعية الحوافز، إلى تنمية المدخلات المحلية، إلى الحماية عبر مدى زمنى محدود، حتى لا يظل ما نسميه «وليدًا» يأخذ هذه الصفة حتى بعد عقود، كما يجب أن نحدد بدقة متى تدخل الدولة أو تتخارج من نشاط، ودور القطاع الخاص، وأهم القطاعات التى يمكن أن ننافس فيها، والأسواق التى نستهدفها. أشار إلى أن الميزة النسبية فى أى عنصر زراعى أو صناعى ليست مؤبدة، وهى يمكن أن تكون موجودة أو تُخلق من عدم، ويمكن أن تُفقد بالتراخى. من ناحيته، قال الدكتور نادر رياض إن الصناعة الحقيقية هى بطبيعتها اشتراكية، لأن الصناعى يبدأ صغيرًا ثم يكبر بعماله ومهندسيه، ولا يمكن له أن يحقق هذا النمو إلا بعلاقة تكاملية فيها أعلى مستوى من الرضا فى أوساط العاملين، وأعلى إنتاجية ممكنة.