في أعقاب نجاح الثورة العرابية استجاب الخديو توفيق لمطالبها وعزل رئيس الوزراء رياض باشا وكلف شريف باشا بتشكيل الوزارة، واستقال شريف باشا بسبب سماح الخديو بتدخل البريطانيين في شؤون مصر، وتم تكليف محمود سامي البارودى بتشكيل الوزارة، وجاء عرابى وزيرا للحربية ونشب خلاف بين الخديو وسامي البارودى واستثمرته بريطانياوفرنسا للتدخل بشؤون البلاد، وطلب قنصلا فرنسا وإنجلترا استقالة الوزارة وإبعاد أحمد عرابى، واعتبر محمود سامي البارودي هذا تدخلًا في شؤون البلاد، لكن الخديو استجاب لمطالب الدولتين فاستقال البارودى وبقى عرابى في منصبه لتمسك حامية الإسكندرية به، وانتهزت بريطانيا فرصة تجديد حصون وقلاع الإسكندرية وأرسلت إلى قائد حامية الإسكندرية إنذاراً بوقف التحصين والتجديد فرفض وانتهى الأمر بمذبحة الإسكندرية التي وقعت «زي النهارده» في 11 يونيو 1882، وهناك كتاب مهم للصحفية، أمل الجيار، بعنوان «يوميات إسكندرية 1882» والكتاب صادرعن مكتبة الإسكندرية ضمن سلسلة إصدارات ذاكرة مصر المعاصرة وتضمن على نحو درامى وسردي وتوثيقى وتفصيلى لمذبحة الإسكندرية بدءاً من مقدماتها ثم وقوعها وصولاً إلى تداعياتها، كما تحدث عنها المؤرخ عبدالرحمن الرافعي في كتابه «الزعيم الثائر أحمد عرابى» والمؤرخ مؤسس حزب مصر الفتاة أحمد حسين في كتابه «تاريخ مصر» وفي كتابه يقول «الرافعى»: أن البداية كانت في 11 يونيو 1882، في الساعة الثانية بعد الظهر، حين وقع شجار بين أحد المالطيين من رعايا الإنجليز و«السيد العجان» أحد مواطني الإسكندرية،وأن المالطي كان البادئ بالعدوان، وكان صاحب الحمار الذي ركبه المالطي يطوف به من صبيحة النهار متنقلًا من قهوة لأخرى، وانتهى طوافه إلى حانة «خمارة» قريبة من قهوة القزاز بالقرب من مخفر اللبان بآخر شارع «السبع بنات» فطالبه الوطني بأجرة ركوبه، فلم يدفع له سوى قرش صاغ واحد، فجادله في قلة الأجر، فما كان من المالطي إلَّا أن أشهر سكينًا طعنه بها عدَّة طعنات دامية مات على إثرها. وسرعان ما تطور الأمر إلى أحداث عنف ضد الأوروبيين المقيمين في الإسكندرية قتل فيها حوالى خمسين أوروبياً و250 مصرياً، فضلا عن أعمال حرق ونهب وتدمير وترويع مع تزايد شعور السخط على الأوروبيين وشككت بريطانياوفرنسا في قدرة الأمن المصرى على حماية رعاياهما ومصالحهما وقاما بإجلاء رعاياهما وقصفا المدينة.