أبو عبيدة .. «مٌلثم» استعاد وجه القضية الفلسطينية

بوجه مٌثلم، استعاد «أبوعبيدة» وجه القضية الفلسطينية، لا تلمح منه سوى العينين، لكنه فتح أعين الدول الكبرى على ما أغفلته منذ نكبة 48، يلتفُ الأطفال قبل الشيوخ حول خطاباته، فصار صوتًا لشعب وظلا له، رجل لا تلزمه جراحاتٍ تجميليةً كي يلقي عباراته المستهجنة، ودون أدنى سلطة صار رئيسا ل«دائرة التوجيه المعنوي» في حركة المقاومة الفلسطينية «حماس»، فأدار الحرب الإعلامية بلغة لافتة في مواجهة الناطقين الإسرائيليين.
صوت مٌثقل بحجم تساقط الضحايا، ومتحدٍ بحجم خسائر جيش الاحتلال، بكُنية لا اسما حقيقا له، وكأنه اختار ألا يعرفه الناس إلا لقضيته، لا لشكله ولا اسمه، والغريب أن يكون المٌلثم هو أوضح من يدافع عن قضية شعب مٌحتل، المُختار -بلا صناديق اقتراع- ليواجه من يصفون أنفسهم بشعب الله المختار.
الظهور الأولى
في صباح يوم 7 أكتوبر، أطلق محمد الضيف، القائد العام لكتائب القسام، عملية «طوفان الأقصى»، ليخرج «الرجل الملثم» الناطق الرسمي باسم الكتائب أبوعبيدة في فيديوهات ورسائل صوتية يعلن سير العمليات وينشر بيانات حول تفاصيلها الدقيقة، وبيان المواقف في الجبهات، فبات الناس على موعد شبه يومي معه.
لكن الظهور الأول كان قبل 18 عاما من تلك اللحظة، تحديدا في عام 2006، في بيان أصدره يعلن تنفيذ المقاومة عملية «الوهم المتبدد» شرق مدينة رفح، والتي أدت لقتْل جنديين إسرائيليين وجرح اثنين آخرين وأسر الجندي جلعاد شاليط، وذلك رداً على قصف عائلة «أبوغالية» في 9 يونيو من نفس العام، على شاطئ منطقة بيت لاهيا.
وبحسب تقارير صحفية فإن «أبوعبيدة عُرف لأول مرة عام 2002 كأحد المسؤولين الميدانيين في القسام»، إذ تحدث إلى وسائل الإعلام وهو مغطى الوجه، مقلداً أسلوب زعيم القسام السابق عماد عقل، الذي اعتقلته إسرائيل عام 1993.
بينما كُتبت شهرة الرجل منذ بدء الحرب الأخيرة بين إسرائيل وغزة، وتصدر اسمه في محركات البحث على الإنترنت، واشتهر بكنيته «أبوعبيدة» ولم تثبت للآن أي معلومات موثقة عن شخصيته واسمه الحقيقي.
كنية تٌحيل إلى أصحاب النبي
لفت «المُلثم» الأنظار بظهوره المتكرر كممثل للحركة على وسائل التواصل الاجتماعي ونشره لرسائلها وبياناتها، فضلا عن هالة الغموض التي تحوطه كشخص ملثم لا يُكشف عن هويته.
بينما تٌحيل الكنية التي يستخدمها إلى أبو عبيدة بن الجراح، الصحابي والقائد العسكري المسلم، الذي كان أحد صحابة النبي محمد.
وشاح فلسطيني
لا أحد يعرف هوية أبوعبيدة بالضبط، ودائماً ما يظهر في تسجيلات الفيديو ووجهه مغطى بالكوفية الحمراء، وهي وشاح فلسطيني تقليدي، ويقف إلى جانب آية قرآنية تظهر على الشاشة وهو يعلن سير العمليات العسكرية وتفاصيلها.
كان يملك حساباً على منصة «إكس»، وآخر على «فيسبوك»، قبل أن يجرى إغلاقهما، وينشر أبوعبيدة خطاباته عبر قناته على تطبيق «تلغرام» التي يقال إنها انطلقت عام 2020، ولا توجد لديه أي منصات تواصل اجتماعي أخرى معروفة.
ويُجرى تداول خطاباته المسجلة على وسائل التواصل الاجتماعي، كما تبثها العديد من القنوات الإخبارية.
يرغب الكثيرون في الكشف عنه
في 25 أكتوبر الماضي، نشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، مقطع فيديو على (×) تويتر يظهر صورة لرجل يقول إنه أبوعبيدة.
وقال أدرعي إن الاسم الحقيقي للرجل هو «حذيفة سمير عبدالله الكحلوت»، ولم تعلق حماس ولا القسام على هذه الادعاءات.
وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن أبوعبيدة حصل على درجة الماجستير من كلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية بغزة عام 2013، وأضافت أنه كتب أطروحة بعنوان: «الأرض المقدسة بين اليهودية والمسيحية والإسلام»، وأنه كان يستعد للحصول على درجة الدكتوراه.
وبحسب الصحيفة نفسها، فإن أبوعبيدة ينحدر في الأصل من قرية نعليا في غزة، التي احتلتها إسرائيل عام 1948. ويعيش الآن، بحسب التقارير، في جباليا شمال شرق غزة.
وتقول الصحيفة الإسرائيلية إن منزله تعرض للقصف الإسرائيلي أكثر من مرة في عامي 2008 و2012، بالإضافة إلى قصفه في العملية الحالية في قطاع غزة.
عاد أبو عبيدة للظهور بالأمس الجمعة، بعد أن اختفى لمدة أسبوعين كاملين.. فترى لماذا اختفى الرجل؟ وهل تتكشف حقيقة الملثم الذي استعاد وجه القضية الفلسطينية في الأيام أو الشهور القادمة؟!