أمريكا تعارض رفع قضية شيرين أبو عاقلة ل«الجنائية الدولية».. وعائلة الشهيدة تطالب ب«العدالة الناجزة»

في تأكيد على الموقف الإسرائيلي، عارضت الولايات المتحدة الأمريكية، رفع قضية اغتيال الصحفية الفلسطينية، شيرين أبو عاقلة، إلى المحكمة الجنائية الدولية، فيما طالبت عائلة شيرين بالعدالة «الناجزة» للشهيدة.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أن بلاده تعارض رفع شبكة الجزيرة قضية أبو عاقلة إلى الجنائية الدولية، معتبرًا أن القضية «خارج اختصاصات المحكمة».
وأضاف برايس أن: «الجنائية الدولية عليها التركيز في جوهر اختصاصها بأن تكون الملاذ الأخير لمعاقبة الجرائم الفظيعة وردعها».
يأتي الموقف الأمريكي، تأكيدًا على الموقف الإسرائيلي، إذ رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، رفع القضية للجنائية الدولية، مؤكدًا أن جيش الاحتلال «لن يسمح باستجواب جنوده، ولن يقبل مواعظ عن أخلاقيات القتال من أحد»، وفقًا لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية.
من جهة أخرى، قال وزير جيش الاحتلال، بيني جانتس، أمس: «لن يسمح بتدخل أي جهة خارجية في التحقيق»، مشددًا على «دعمه الكامل لجنوده» مختتما: «اقترح أن تقوم الأطراف المختلفة بما في ذلك شبكة الجزيرة بالذهاب للتحقق فيما يحدث للصحفيين في إيران».
ورفعت عائلة أبو عاقلة، وشبكة الجزيرة، ومنظمات دولية، ملف القضية للمدعي العام للجنائية الدولية، أمس الأول، للنظر خلال دورة المحكمة الحادية والعشرين، المنعقدة في مدينة «لاهاي»، بدءًا من 5 حتى 10 ديسمبر الجاري، حسب تصريحات لهيئة دفاع الشهيدة.
وحمًل ملف القضية المُقدم من قبل محامين من مكتبي «بايندمانز Bindmans LLP»، و«دوتي ستريت تشامبر Doughty Street Chambers»، نيابة عن شبكة الجزيرة وعائلة الشهيدة، ونقابة الصحفيين الفلسطينيين، والاتحاد الدولي للصحفيين، وعدد من المنظمات الدولية المدافعة عن حرية الصحافة، جيش الاحتلال الإسرائيلي، مسؤولية اغتيال أبوعاقلة استنادًا إلى الأدلة الجنائية والتحقيقات الرسمية الفلسطينية.
وافاد بيان لشبكة «الجزيرة» بأن دفاع أبوعاقلة قدم تحقيقا دقيقاً ومفصلاً، يشمل «أدلة دامغة» تستند للمعاينة الأدلة الجنائية، وروايات شهود عيان، وعدد كبير من المقاطع المصورة، بما يفيد تعمد قنص أبوعاقلة عمدًا واستهدافها شخصيًا، بما يضحض ادعاءات الاحتلال أنها «قُتلت خطًا»، ويثبت بما لا يترك مجالًا للشك أنه لم يكن هناك أي اشتباك أو إطلاق نار في المنطقة التي كانت فيها شيرين، باستثناء الطلقات التي استهدفتها وزملاءها بشكل مباشر.
وعقدت أسرة أبو عاقلة، مؤتمرًا صحفيًا، شارك فيه منظمات دولية مدافعة عن حرية الصحافة، وفريق شبكة الجزيرة، حيث اتهمت لينا أبو عاقلة، خلال المؤتمر المجتمع الدولي بالتغافل عن قضية شيرين، قائلة: «أنا هنا في المحكمة الجنائية الدولية نيابة عن عائلتي، بعد شهور من تغافل طلبات متعددة قُدمت إلى المحكمة الجنائية الدولية، ولم يُتخذ فيها أي إجراءات ذات مغزى».
وأضافت: «عندما تكون دول غير راغبة في التحقيق بفظائعها -كما هو الحال مع إسرائيل- فإن مسؤولية المجتمع الدولي التدخل لضمان عدم إفلات مرتكبي جرائم الحرب من العقاب».
من جهته دعا الصحفي، وليد العمري، الجنائية الدولية، لإجراء تحقيق «محايد وعادل» في مقتل شيرين وما إذا كان هذا يشكل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي.
وشدد، أنطوان برنارد، المتحدث باسم منظمة «مراسلون بلا حدود» المدافعة عن حرية الصحافة، على أن دفاع أبو عاقلة قدم للمدعي العام أدلة دامغة تحدد المتورطين في اغتيال شيرين بشكل مباشر، مطالبًا المجتمع الدولي بتحقيق العدالة الناجزة لشيرين.
وفي سبتمبر الماضي، اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن هناك «احتمالا كبيرا»، بأن أبو عاقلة قضت برصاصة إسرائيلية لكنه زعم أنها تعرضت لإطلاق نار «عرضي عن طريق الخطأ»، وقتلت بنيران إسرائيلية استهدفت «مسلحين فلسطينيين»، وهي رواية ضحضها دفاع أبو عاقلة بمقاطع مصورة، ونفتها جهات إعلامية بينها شبكة «CNN» التي أجرت تحقيقًا مفصلًا حول ملابسات الجريمة، يفيد بأنه لم تكن هناك أي اشتباكات عند قنص أبو عاقلة، باستثناء الرصاصات التي صُوبت نحوها وزملاءها، رغم ارتدائهم سترات الإعلام الزرقاء.
أنهت رصاصة، فجر الأربعاء، 11 مايو 2022، مسيرة إعلامية زاخرة للصحفية الفلسطينية، شيرين أبوعاقلة عقب 25 عامًا أمضتها في التغطيات الميدانية، في بلدها الواقع تحت الاحتلال رغم أن «الموت كان أحيانًا على مسافة قريبة»، في مشهد مُزلزل وثقه زملائها من طواقم الصحافة الفلسطينية صوتًا وصورة.
وفى وداع أبوعاقلة المهيب؛ احتشد الفلسطينيون وحملوها على الأكتاف كما حملت قضيتهم، لما يزيد على العقدين في موكب عسكرى شعبى، شارك فيه الرئيس محمود عباس، الذي قرر منحها «وسام نجمة القدس»، تثمينًا لمسيرتها.