بصاروخ «هيلفاير» عبر طائرة مسيرة، نجحت الإدارة الأمريكية في استهداف منزل زعيم القاعدة أيمن الظواهري، في العاصمة الأفغانية «كابول» وقتله، في ضربة هي الأقوى منذ قتل زعيمه السابق «أسامه بن لادن» في عام 2011، و«هليفاير» طراز حديث من الصواريخ الأمريكية التي يمكن استخدامها من خلال الطائرات المسيّرة، ويطلق عليه اسم"R9X".وهي لا تنفجر، بل تنشر شفرات حادة، تصدم أهدافها كالرمح السريع، والصاروخ مصمم ب6 شفرات طويلة لا تبرز من الصاروخ إلا قبل ثوان من الارتطام ويطلق عليه بالجيش الأمريكي «قنبلة النينجا». ويطرح استهداف الظواهري، العديد من التساؤلات بشأن مستقبل القاعدة والمرشحين لخلافته. ولد الظواهر في 19 يونيو 1951، لعائلة بارزة، وهو حفيد محمد الأحمدي الظواهري شيخ الجامع الأزهر الأسبق، ونشأ في المعادي، والتحق بكلية الطب في جامعة القاهرة، لكنه كان قد اعتنق الفكر الأصولي الإسلامي لأول مرة وهو لا يزال طالباً في المدرسة «15 عام»، واستوحى الظواهري أفكاره من الأفكار الثورية لسيد قطب منظر جماعة الإخوان . جاءت المرة الأولى التي يسمع فيها العالم عن أيمن الظواهري في أعقاب اغتيال الرئيس أنور السادات يوم 6 أكتوبر 1981 على يد جماعة الجهاد الإسلامي، التي كان الظواهري قيادياً بارزاَ فيها. «خليفة الظواهري» قبل طرح اسم خليفة الظواهري، لا يمكن استبعاد عدة أمور ارتبطت بالتنظيم في عهده أبرزها ضعف السيطرة التنظيمية له وهو ما ظهر في حالات الانشقاق التي تعرض لها واعتماد مبدأ اللامركزية في تنفيذ العمليات الإرهابية ويكفي تراجع عدد الأفرع خلال العام الجاري إلى 3 فقط وهي «حراس الدين» سوريا- «شباب المجاهدين» الصومال- نصرة الإسلام والمسلمين «الساحل والصحراء» رغم وصولها إلى 12 فرع خلال 2009، ناهيك عن العلاقة مع إيران فالظواهري مال إلى التهدئة مع طهران وهدأ نشاط «جند الله» المقرب من التنظيم بالداخل الإيراني وبرر التنظيم ذلك بوجود العديد من القيادات على الأراضي الإيرانية وأبرزهم «سيف العدل» أحد أبرز المرشحين لخلافة أيمن الظواهري في قيادة تنظيم «القاعدة»، كما تراجع شعار «مواجهة العدو البعيد» وبات الشعار «العدو القريب» هو الأقرب لاجتذاب عناصر جديدة لكن عملية الاستقطاب نفسها ضعفت خصوصا مع تنوع التنظيمات الإرهابية. وفيما يخص المرشحين لخلافة الظواهري، فإن ليسوا بالكثيرين بسبب وفاة العديد من قيادات الصفين الأول والثاني للتنظيم خلال السنوات العشر الماضية، وكان أبرزهم أبو محمد المصري في طهران (أغسطس 2020)، وأبو محسن المصري في أفغانستان (أكتوبر 2020)، وحمزة بن لادن (أغسطس 2019). يعد محمد صلاح الدين المكني ب«سيف العدل»، وهو المسؤول عن اللجنة الأمنية ومهندس المتفجرات بالتنظيم والذي كان مقرباً من بن لادن وطهران الأقرب لخلافته. ولد «سيف العدل» عام 1960 بالمنوفية وشارك في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، في محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق حسن أبو باشا، كما اتهم في قضية اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وكان أحد القيادات المتهمة في قضية إعادة إحياء تنظيم "الجهاد". والثاني، عبدالرحمن المغربي المعروف باسم محمد آباتي ويلقب بثعلب القاعدة هو زوج ابنة أيمن الظواهري، وهي مغربي الجنسية من مواليد 1970 في مدينة مراكش، وكان يتولى منصب القائد العام للقاعدة في أفغانستان، وباكستان منذ العام 2012. وهناك أيضا محمد صالح زيدان، الذي تولى مسؤولية التنظيم لفترة قصيرة في أعقاب مقتل بن لادن، قبل اختيار الظواهري، وهو الأقل في الكاريزما والسيطرة مقارنة مع سيف العدل، وكذلك الجزائري مبارك يزيد، المدعو أبو عبيدة يوسف العنابي. تمدد أم انكماش؟ ربما يشهد التنظيم في مرحلة «ما بعد الظواهري» حالة من التمدد وليس الانكماش، فهو لا يزال التنظيم الأقوى وبالرغم من وحشية «داعش» على سبيل المثال لكن قدرته على التواسع لا تقارن بالقاعدة، فالطابع الدولي أهم ما يميز القاعدة بعكس «محلية داعش» وعدم انفتاح الأخير للتعامل مع أنظمة ترعى الإرهاب كإيران وغيرها، وبكلمة أخرى "فالقاعدة" مسيس بصورة أكثر من غيره من التنظيمات الإرهابية وعلى استعداد لتقديم تنازلات للتوسع، وهو يحتفظ بملاذات آمنة في إدلب مثلا «شمال سوريا» ناهيك عن تبعيه أكثر من تنظيم للقاعدة وولائهم لها، وفي اليمن يسيطر على عدة مناطق بالريف، ناهيك عن سيطرة «حركة الشباب» بالصومال – الموالي للقاعدة- على معظم جنوب البلاد وأجزاء من الوسط، كما يعزز التنظيم تواجده في مالي الآن بعد الخروج الفرنسي. التمدد لن يكون سريعاً حيث تعتمد تكتيكات «القاعدة» على التحرك ببطء وانتظار الفرصة المناسبة خصوصاً وأنه راعي «التنظيمات الإرهابية» في العالم، وحتى الآن بالرغم من الضغوط الأمريكية على طالبان لم تنفصل عن القاعدة، ونشير في هذا الصدد إلى أن سراج الدين حقاني، زعيم "شبكة حقاني" المرتبطة ب"القاعدة"، أكثر فروع "طالبان" وحشية، والذي يشغل منصب نائب زعيم "طالبان" ووزير الداخلية بالوكالة، ويسيطر على الأمن الداخلي والشؤون المالية والكثير من الصلاحيات اللامتناهية.
