هل تنزلق الحرب الروسية الأوكرانية إلى التصعيد النووي؟

فيما تدخل الحرب الروسية الأوكرانية يومها ال161 في ظل مرحلة استنزاف قاسية شهدتها الأسابيع القليلة الماضية، بتركيز القوات الروسية على استهداف الأجزاء التي تسيطر عليها أوكرانيا من منطقة دونباس، حذرت مجلة «ناشونال إنترست National Interest» الأميركية في تقرير تحليلي تناول آخر تطورات الحرب الروسية الأوكرانية من نهاية مأسوية للحرب حال قررت الجارتين المتنازعتين استخدام السلاح النووي.
«القوة النووية الروسية في حالة تأهب قصوى»:
وبحسب تقرير مجلة «ناشونال إنترست» الأمريكية رغم تضائل احتمالات استخدام السلاح النووي في حرب أوكرانيا، إلا أنه ليس معدوما، لا سيما في ظل مد أمد الحرب. ونقلت المجلة الأمريكية عن جيلز ديفيد أرسينو، أستاذ العلوم السياسية المساعد بجامعة كولورادو الأميركية وراشيل تيكوت الأستاذة المساعدة في قسم البحوث الإستراتيجية والتشغيلية في كلية الحرب البحرية الأميركية قولهم أن على الولايات المتحدة وحلفاءها عليهم التعامل مع الحرب على نحو آمن وتوخي الحذر وضبط النفس.
وذكرت المجلة في تقريرها بتحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اليوم الذي انطلت فيه العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا من أن أي معارضة للجهود الروسية ستؤدي إلى عواقب «لم تروها في تاريخكم بأكمله». لافتة إلى أنه بعد مُضي أيام من الحرب، وضع بوتين القوة النووية الروسية في حالة تأهب قصوى، كما اشارت إلى تهديدات وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، الذي حذر القادة الغربيين مؤخرًا من أن مخاطر واحتمالات الحرب النووية أصبحت «كبيرة».
وأشار الباحثان الأمريكيان إلى أنه بالرغم من تلك التهديدات النووية العلنية، لا يزال القادة الأميركيون والأوروبيون يشككون في احتمال استخدام السلاح النووي في الحرب. لافتين إلى أنه رغم استبعاد المراقبين إمكانية استخدام روسيا للأسلحة النووية إلا أن الأمر مرهونا بإرادة الرئيس بوتين؛ إذ يعد تحدي انزلاق الحرب إلى صراع نووي أحد التحديات التي تهدد استقرار الأزمة.
وشددت «ناشونال إنترست» في تحليلها على أن المخاوف المتعلقة باحتمال حدوث تصعيد نووي «غير مقصود» تستحق مزيدًا من الاهتمام عند مناقشة سياسة الولايات المتحدة تجاه أوكرانيا، إذ إن احتمال حدوث تصعيد غير مقصود أعلى من احتمال التصعيد المتعمد في ظل ظروف معينة، منها على سبيل المثال أن تلجأ روسيا إلى تعبئة قواتها النووية للإشارة إلى عزمها على حسم المعركة.
يرجح المحللون أنه حال شعر بوتين أن أمنن روسيا مهددًا بالخطر أو أن نظامه السياسي في خطر، فإنه على الأرجح سيعمد لزيادة استعداد ترسانته النووية للاستخدام. لافتين إلى أن بوتين قد يفكر في استخدام الأسلحة النووية إذا واجه هزيمة إستراتيجية مدمرة أو تهديدًا وجوديًا لنظامه. وهناك نوعان من التهديد الوجودي يدخلان في هذا الإطار هما أن يتعرض الأمن المادي لروسيا للتهديد، وقد يدخل ضمن ذلك تهديد المكاسب الإقليمية التي حققتها روسيا منذ عام 2014؛ والثاني هو تعرض نظام بوتين السياسي للتهديد، ولذلك فإن مجرد الاقتراب من الخطوط الحمراء التي وضعتها روسيا -حتى وإن لم يتم اختراقها- يزيد من احتمالية استخدام السلاح النووي في هذه الحرب.
وبدأت روسيا «عملية عسكرية» في أوكرانيا في ال24 من فبراير الماضي وذلك جراء «توسع الناتو» على حدودها بحسب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي آخر تطورات الحرب، قال المتحدث باسم الدفاع الروسية إيجور كوناشينكوف في إفادة صحفية إنه نتيجة ضربة بأسلحة عالية الدقة تم تدمير راجمتي صواريخ أمريكيتين من طراز HIMARS في أرض مصنع بمدينة خاركوف كما قتل هناك 53 من القوميين الأوكرانيين والمرتزقة الأجانب«لافتًا إلى أن القوات الجوية الروسية استهدفت نقطة انتشار مؤقتة للواء الميكانيكي 92 في منطقة خاركوف، ما أدى إلى تصفية ما يصل إلى 200 من القوميين المتطرفين وتدمير سبع مدرعات.
من جهة أخرى دمرت القوات الروسية قاذفة لصواريخ «هاربون» الأمريكية المضادة للسفن في منطقة أوديسا، كما دمرت بطارية مدفعية للجيش الأوكراني في دونيتسك. وأسقطت الدفاعات الجوية الروسية 10 طائرات بدون طيار لأوكرانيا في مناطق متفرقة خلال اليوم الماضي.
في ذات السياق قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيجور كوناشينكوف أمس الأحد إن قوات بلاده دمرت 4195 دبابة ومدرعة تابعة للجيش الأوكراني منذ بداية الحرب في 24 فبراير الماضي.
وأوضح أنه منذ بداية الحرب أيضا تم إسقاط 261 مقاتلة، و145 طائرة مروحية، و1649 طائرة مسيرة، إلى جانب تدمير 361 منظومة دفاع جوية، و773 قاذفة صواريخ، و3220 مدفعية، و4619 مركبة عسكرية خاصة.وأطلقت روسيا هجوما على أوكرانيا تبعه رفض دولي وعقوبات اقتصادية مشددة على موسكو التي تشترط لإنهاء عمليتها تخلي كييف عن خطط الانضمام إلى كيانات عسكرية والتزام الحياد، وهو ما تعده الأخيرة «تدخلا» في سيادتها.
ومنذ اعتراف روسيا بالمناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة في منطقتي دونيتسك ولوهانسك في أوكرانيا في 21 فبراير 2022، ومن ثم عمليتها لأوكرانيا في 24 فبراير 2022، فرض الاتحاد الأوروبي سلسلة من العقوبات الجديدة ضد موسكو لتُضاف تلك العقوبات إلى التدابير الحالية المفروضة على روسيا منذ عام 2014 بعد ضم شبه جزيرة القرم وعدم تنفيذ اتفاقيات مينسك.