رغم الاعتراضات.. بدء إزالة «عوامات النيل التاريخية»

بدأت وزارة الرى حملة موسعة لإزالة عدد من العوامات الثابتة على نهر النيل في منطقة «الكيت كات»، بالجيزة، من بينها عوامة عبدالحليم حافظ، وذلك بدواعى مراعاة السلامة، إثر غرق إحداها بسبب عدم إجراء أعمال الصيانة، إضافة لتأخر البعض في دفع الإيجارات السنوية، فيما أكد عدد من المواطنين أنهم يمتلكون العوامات منذ سنوات طويلة وأن الوزارة رفضت تلقى الإيجارات وأنهم فوجئوا بإخطارهم بالإزالات.
جانب من عمليات إزالة العوامات بمنطقة الكيت كات فى الجيزة
«المصرى اليوم» رصدت آراء أصحاب العوامات بعد قرار وزارة الرى إزالتها، فعلى ضفاف النيل ابتداء من إمبابة والكيت كات حتى الزمالك تستطيع أن تتجول بين أشهر وأقدم العوامات النيلية في مصر، عددها يتراوح بين 25 و30 عوامة ثابتة، لكن ما شهدته من تاريخ ما زال ماثلًا بوجودها، إذ تمتد جذورها إلى الخمسينيات، وبها انطلقت أحاديث الفن والرياضة ومشاهير المجتمع والسياسة أيضًا، من ناحية أخرى تختص 6 جهات حكومية بالإشراف على العوامات، سواء الثابتة أو المتحركة، المخصصة للسكن أو للسياحة.
جانب من عمليات إزالة العوامات بمنطقة الكيت كات فى الجيزة
وفى مواجهة حى الزمالك العريق، وسط القاهرة، تصطف مجموعة من العوامات السكنية التي تختلف في شكلها وألوانها، ودرجة الاهتمام بها، فبعضها يظهر اهتمام ملاكها بها، والآخر يبدو في حاجة إلى ترميم، لكن كل من تسأله عن هذه العوامات يرد بأنها كانت شاهدة على أحداث تاريخية مهمة، وقد تناولتها الدراما المصرية في العديد من المشاهد، من أبرزها ما ورد في ثلاثية الأديب الكبير نجيب محفوظ.
الجدل بشأن العوامات بدأ عقب إرسال إنذارات إلى سكانها تفيد بإزالتها على مرحلتين، ليتم الإخلاء في الرابع من يوليو المقبل، بدعوى مخالفة هذه العوامات شروط الترخيص؛ وهو الأمر الذي نفاه سكانها، مؤكدين أن الحكومة هي التي رفضت منحهم الترخيص على مدار السنتين الماضيتين بداية من عام 2020
هدم عوامات النيل
منار مجدى، صاحبة عوامة عبدالحليم حافظ، أكدت في تصريحات ل«المصرى اليوم»، أنهم كانوا يحصلون على تراخيص سنويًّا، حتى توقفت الحكومة عن منحها لهم بدعوى دراسة تقنين أوضاعهم، مضيفة: الحكومة هي التي رفضت منحنا الترخيص رغم محاولاتنا على مدار العامين الماضيين، واليوم تفرض علينا غرامات لتأخرنا في إصدار الترخيص، وتصدر قرارات إزالة بحقنا»، لافتة إلى أنها أصبحت مطالبة بترك مسكنها للإزالة، ودفع مبلغ كبير من المال كغرامة، دون الحصول على أي تعويض من الدولة، وتبلغ قيمة الغرامات المقررة على السكان نحو نصف مليون جنيه.
وقالت إن الجهات صاحبة الولاية وهى الرى وحماية النيل ترفض تجديد تلك التراخيص، «قالوا لنا إنّ أوراق العوامات ستحال إلى جهاز آخر، خاصة أنه جرى إخبارنا أنه سيتم تقنين أوضاعنا وستقضى هذه الخطوة على تعدد الجهات الرقابية وسددنا جميع المستحقات»، مشددة على أن وضع العوامات السكنية قانونى تمامًا، والجهات المختصة هي التي أوجدت الوضع غير القانونى بوقف إصدار التراخيص منذ عام 2020.
وأشارت إلى أن الحكومة اقترحت تغيير نشاط العوامات من سكنى إلى تجارى أو سياحى للإبقاء عليها، وقالت هذا اقتراح غير مقبول، فكيف أترك منزلى وأحوله إلى كافتيريا؟، لافتة إلى أن الجميع كان يدفع الرسوم حتى تمت مضاعفتها بشكل مبالَغ فيه يصل إلى عشرين ضعفًا؛ ولذلك لجأنا إلى القضاء، رافضة تلميحات المسؤولين باستخدام العوامات في أغراض خارجة، وقالت من يثبت عليه ذلك يجب محاسبته.
وشددت «منار»، صاحبة إحدى العوامات النيلية المحصورة ما بين كوبرى 15 مايو حتى حى إمبابة، على أن الحالة الفنية للعوامة سليمة، والمرسى موجود ومثبت، وتم تسديد الرسوم الخاصة بالمرسى والمنطقة التي تقف عليها العوامة، لافتة إلى أنها تلتزم بكافة الإجراءات، ومحظور تمامًا إلقاء المخلفات في النيل، وأخيرًا يلزم تصريح من وزارتى البيئة والدفاع المدنى بأن حالة العوامة مطمئنة وبها كل متطلبات الأمان، وبرغم ذلك تم إصدار قرار الإزالة.
وأكدت أنها تعتزم رفع قضية لأخذ الترخيص الخاص بعوامتها، وتعلم أنه أصبح من النادر الآن استخراج ترخيص لعوامة سكنية، وواصلت: منذ نحو أسبوع فوجئنا بأنه جرى إزالة عوامتين ولم نفهم السبب حينها، وسألنا: هل سيتم إزالة العوامة التي أقطن بها؟ فكانت الإجابة لا، ولا داعى للقلق، خاصة أن ما جرى إزالتهما عوامتان عليهما دعاوى قضائية، لكن في اليوم التالى فوجئنا بتلقى 15 إنذارًا ل15 عوامة بالإزالة فضلًا عن غرامات».
وتذكر «منار» أنه تم تصوير العديد من الأفلام داخل العوامة، منها «أيام وليالى» بطولة العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، وأدى الفنان أحمد زكى مشهدًا من فيلم «أيام السادات» على ظهر عوامة موجودة حاليًّا على طريق إمبابة- الكيت كات.
وقال أحد الشاغلين للعوامات: «المنطقة هنا قديمة جدًّا، كلها تقريبًا من الخمسينيات، وأغلبها خالية من السكان، والموجودون فيها حاليًّا إما أجانب أو عربًا جاءوا لاستئجار العوامة شهرًا أو شهرين، بجانب شركات الإنتاج السينمائى، التي تأتى لتصوير بعض المشاهد سواء كانت أفلامًا أو مسلسلات، بخلاف ذلك لا توجد حركة إشغال فيها».
وأضاف أن السياح من الخليج يفضلون قضاء بعض الأيام في هدوء على النيل، لذلك يستأجرون العوامات دائمًا، في منطقة الكيت كات، أما عوامات العجوزة والدقى ففيها حركة أكبر لأن أغلبها ملاهٍ ليلية سياحية، وهى المناطق التي توجد فيها حركة رقابة أكثر من المناطق الأخرى البعيدة عن الاهتمام، مثل عوامات الكيت كات التي هجرها بعض السكان وتركوها للورثة أو للمستأجرين.
وقالت مصادر: يبلغ سعر تصوير الساعة الواحدة في عوامات الكيت كات بالنسبة للأعمال الدرامية حوالى 15 ألف جنيه، بحسب متعاملين ووسطاء داخل شركات التسويق العقارى بالمنطقة، والتى تقوم بتسويقها لدى شركات الإنتاج بموجب توكيل من بعض أصحابها الذين هجروا السكن بها إلى مناطق أخرى، وقرروا الاستفادة منها كمصدر للربح».