روسيا: الحديث عن جزيرة القرم ممنوع دستوريًا.. و«كييف» تطالب بممرات إنسانية

لليوم الثانى على التوالى، استمر التفاوض بين وفدى كل من روسيا وأوكرانيا في إسطنبول التركية، وسط إشارات إيجابية، فيما أكدت موسكو عدم إمكانية التفاوض على وضع شبه جزيرة القرم، بينما طالبت أوكرانيا بممرات إنسانية.
وأعلنت الرئاسة الروسية عدم حصول أي اختراقات في جولة المفاوضات التي جرت في اسطنبول التركية، بين وفدى موسكو وكييف، على خلفية استمرار العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
ووفقا للمتحدث باسم الكرملين دميترى بيسكوف، كانت هناك «نقطة إيجابية» تكمن في شروع الجانب الأوكرانى بصياغة اقتراحاته ووضعها على الورق، جاء ذلك بعد اليوم الأول للمفاوضات، التي تستضيفها تركيا.
وتابع: لا يزال يتعين علينا أداء العمل الذي سيستغرق وقتا طويلا، مؤكدا أن رئيس الوفد الروسى في المفاوضات فلاديمير ميدينسكى أطلع الرئيس فلاديمير بوتين على نتائج اجتماع إسطنبول وسيقدم توضيحات إضافية بشأنها، مشيرا إلى عدم إحراز أي تقدم، خلال المكالمة الأخيرة بين بوتين ونظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون، بشأن تنظيم عملية إنسانية في مدينة ماريوبول المحاصرة من قبل القوات الروسية.
واستبعد المتحدث باسم الكرملين إمكانية أن تتفاوض موسكو مع أي أحد على وضع شبه جزيرة القرم، مشددا أن هذا الأمر ممنوع وفقا للدستور الروسى، كما توصل الطرفان إلى اتفاق على إمكانية عقد لقاء بين الرئيسين فلاديمير بوتين وفلاديمير زيلينسكى بالتزامن مع إبرام النسخة الأولية من اتفاق سلام محتمل بين موسكو وكييف.
وقال وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف إن بلاده والصين وشركاءهما سيتحركون معا نحو نظام عالمى متعدد الأقطاب وعادل بناء على نتائج «المرحلة الخطيرة التي يمر بها تاريخ العلاقات الدولية»، جاء ذلك خلال لقائه بوزير الخارجية الصينى وانج يى، أمس في مدينة تونشى بشرق الصين.
وتابع: نمر بمرحلة خطيرة للغاية في تاريخ العلاقات الدولية وأنا مقتنع بأنه في أعقاب هذه المرحلة، ستتضح ملامح الوضع الدولى بشكل كبير وسنتحرك معكم، ومع شركاء آخرين في الرأى، نحو نظام عالمى متعدد الأقطاب وعادل وديمقراطى».
وقال وزير الخارجية الصينى، وانج يى، إن الأزمة الأوكرانية كانت بمثابة انفجار للمشاكل الأمنية المتراكمة في أوروبا.
وقال وانج يى أثناء لقائه نظيره الروسى، لافروف، إن القضية الأوكرانية لها أصول وأسباب تاريخية صعبة، وهى أصبحت انفجارا لتلك الخلافات في مجال الأمن التي كانت تتراكم في أوروبا خلال وقت طويل.
كما دعا وانج يى باسم حكومته لاستخلاص الدروس من الأزمة الأوكرانية وإنشاء آلية أمنية في أوروبا، وأوضح: على المدى الطويل من الضرورى استخلاص الدروس من الأزمة في أوكرانيا، وبناء مبادئ الاحترام المتبادل وعدم قابلية الأمن للتجزئة ومراعاة مخاوف جميع الأطراف في هذا المجال، وعن طريق الحوار والمفاوضات، إنشاء هيكل أمنى أوروبى متوازن وفعال ومستدام، وبالتالى تحقيق النظام والاستقرار الطويل الأجل في أوروبا».
وأكد الوزير أن بلاده تدعم الجهود التي تبذلها روسيا والدول الأخرى لمنع حدوث أزمة إنسانية واسعة النطاق في أوكرانيا، وأشار إلى أن بلاده تؤيد الجهود الروسية والأوكرانية الهادفة إلى مواصلة المفاوضات.
وشدد الوزير الصينى على أن الصين وروسيا تنويان تطوير التعاون بين البلدين في جميع المجالات، متابعا: «إن رغبة الجانبين في تطوير العلاقات الثنائية أصبحت أقوى، كما أن الثقة في تطوير التعاون في جميع المجالات أصبحت أقوى».
في سياق متصل، وخلال لقائه بنظيره الباكستانى، شاه محمود قريشى، قال وزير الخارجية الروسى لافروف إن الغرب يحاول استبدال أفغانستان بأوكرانيا كمركز للسياسة العالمية، ويفهم الجميع عما يدور الحديث.
ونفت روسيا مزاعم رئيس أوكرانيا فلاديمير زيلينسكى أمام الكنيست الإسرائيلى بأن مدينة أومان التي «يزورها عشرات الآلاف من الحجاج من إسرائيل»، تعرضت لقصف روسى، وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيان لها حسب معلومات تلقتها من أحد أبناء الطائفة اليهودية في أومان (وسط أوكرانيا): كانت السلطات الأوكرانية تستخدم الكنيس اليهودى في أومان كنقطة لجمع ونقل الأسلحة والنازيين للمشاركة في الأعمال القتالية.
وتابعت الدفاع الروسية أن «الممتلكات والأسلحة والذخائر المخزنة في مبنى الكنيس، قام القوميون بتحميلها أولا في شاحنات، ثم تم تمويهها في شكل أكياس لمخلفات أعمال البناء».
وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكرانى، إيرينا فيريشتشوك، إن بلادها نقلت إلى الجانب الروسى طلبها بفتح ممرات إنسانية في 4 مدن كبرى، مشيرة إلى أن الوفد الأوكرانى نقل إلى الجانب الروسى خلال مفاوضات إسطنبول طلب كييف بفتح إلزامى وعاجل لممرات إنسانية في مدن كييف وماريوبول وخاركيف وتشرنيغوف.
وأعلنت فيريشتشوك أنه تم إجلاء 936 شخصا من ماريوبول و729 من زابوريجا، في الساعات ال24 الأخيرة.
وأبلغ مندوب أوكرانيا الدائم لدى الأمم المتحدة السفير «سيرجى كيسليتسا» مجلس الأمن الدولى أن الجولة الجديدة من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول أظهرت أن موسكو قد تكون مستعدة للمضى قدمًا في مفاوضات السلام، واتخاذ خطوات إلى الأمام رغم أن الطريق لا يزال طويلًا لوقف إطلاق النار المستدام ووقف التصعيد الشامل.
وأضاف: «ومع ذلك فإن توقيع معاهدة الضمانات الأمنية لأوكرانيا سيكون فقط ممكنا بعد انسحاب جميع الوحدات المسلحة الروسية إلى مواقعها قبل 23 فبراير الماضى».
وأعلنت أوكرانيا ارتفاع الضحايا الأطفال إلى 145 قتيلا و222 مصابا، منذ بدء العملية العسكرية الروسية في البلاد، ووفقا لبيان النيابة العامة الأوكرانية، فإن القصف الروسى ألحق أضرارا ب 790 مؤسسة تعليمية، بينها 75 دمرت بشكل كامل.
عسكريا، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، استهداف قواتها مستودعات للأسلحة في أوكرانيا بأنظمة الصواريخ البالستية إسكندر، وأوضح المتحدث باسم الوزارة إيجور كوناشينكوف، أن الجيش الروسى استطاع تدمير 64 آلية ومقرا عسكريا لأوكرانيا، خلال الساعات ال24 الأخيرة.
وأضاف كوناشينكوف أن القوات الروسية تمكنت من تدمير 4 مقرات عسكرية قيادية من بينها قيادة القوات الخاصة الأوكرانية في منطقة ميكولاييف، وذكر أن قوات بلاده دمرت منذ بدء العملية العسكرية، 124 مقاتلة و77 مروحية و214 نظام دفاع جوى و321 طائرة مسيرة و1752 دبابة أوكرانية.
من جانبها أعلنت هيئة الأركان الأوكرانية أن الخسائر التي كبدتها قواتها للجيش الروسى بلغت 17 ألفا و300 جندى، و131 مقاتلة، و131 مروحية، و605 دبابات منذ بدء الحرب في 24 فبراير الماضى. وكشف الجيش الأوكرانى أنه تمكن من تدمير 1184 مركبة عسكرية، و7 سفن وزوارق حربية، و75 سيارة وقود، و81 طائرة مسيرة للجيش الروسى.
وأعرب رئيس الوزراء الباكستانى عمران خان، في محادثة هاتفية مع الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى، عن أمله في التوصل إلى تسوية سلمية مبكرة للنزاع الأوكرانى، مجددا موقف باكستان المبدئى الداعم لحل فورى للصراع في هذا البلد من خلال الحوار والدبلوماسية.
وقال عمران خان: «يمكن للدول غير التابعة لتكتلات مثل باكستان أن تلعب دورا إيجابيا في التسوية الدبلوماسية ووقف الأعمال العسكرية في أوكرانيا».
من جانبه، قال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، إن بلاده تواصل لعب دور فعّال في حل الأزمات العالمية وإنهاء الصراعات الإقليمية، مشيرا إلى أن مفاوضات إسطنبول بين الوفدين الروسى والأوكرانى منحت الأمل في إمكانية حل الأزمة بسرعة.
وأكد أن أنقرة تبذل مرة أخرى قصارى جهدها لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية من خلال الدبلوماسية الفعّالة، وأشار إلى أن تركيا تسعى دائما إلى تقديم خارطة طريق من أجل بناء نظام عالمى مستدام في خدمة السلام والاستقرار. وأعلن الاتحاد الأوروبى أن مكتب بعثته في ماريوبول الأوكرانية تعرض لقصف روسى من قبل القوات الروسية، وأسفر عن أضرار مادية بالغة في المبنى دون وقوع إصابات بين أفراد البعثة.
من جانبه قال ينس ستولتنبرج، أمين عام الناتو، إن تعاون روسيا والصين الوثيق قد «تكون له تداعيات على أمن دول الناتو».
وأضاف ستولتنبرج أن الناتو هو تحالف إقليمى يتركز نشاطه على أمريكا الشمالية وأوروبا. ولكن الحلف يضطر لمواجهة تهديدات عالمية شاملة، وفقا لما نقلت «لوموند الفرنسية».
وتابع أمين عام حلف الناتو القول: «لا شك في أن موسكو وبكين تعملان معا بشكل وثيق، له تداعيات على أمن دول الحلف. في وقت سابق، أصدر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ونظيره الصينى شى جين بينغ بيانا مشتركا ينتقد سياسة الأبواب المفتوحة لدى الناتو».